”المخَطّة“.. لعبة تراثية ورّثها لنا أسلافنا دون علمهم بفوائدها الهائلةنداء آل سيف - تصوير: بندر الشاخوري - القطيف 11 / 3 / 2019م - 7:03 ص
باستخدام عصا أو قطعة فحم سوداء رسم أسلافنا مربعات على التراب أو الأرض الصلبة كلعبة يجتمعون حولها للتسلية والمرح دون أن يعرفوا انها ستكون لعبة تنمي الذكاء الحركي والاجتماعي والمنطقي لديهم ولاحفادهم.
اللعبة المعروفة بالدارجة المحلية ”المخَطّة“ ترسم على الأرض ««على شكل صليب»» مكون من مستطيلات متساوية، ثلاثة مستطيلات خلف بعض، ثم مستطيلان بجوار بعض خلف الثلاثة، ثم مستطيل خلف الاثنين، ثم مستطيلان في الأخير، أو نصف دائرة وتستعمل فيها قطعة حجر.
ويذكر الفنان التشكيلي المعروف محمد المصلي إن لعبة ”المخطّة“ من الالعاب الشعبية الشائعة في مناطق كثيرة من العالم وبالخصوص في الخليج منذ ازمان بعيدة، مشيرا بأن لها أنواع متعددة وطرق مختلفة حسب مهارات كل لعبة.
ويضيف المصلي نائب رئيس جمعية الفن التشكيلي بالمنطقة الشرقية وصاحب متحف ومنتدى المصلي أن لعبة المخطّة سميت بهذا الإسم لأنها ترسم بالخطوط والتخطيط على الأرض المستوية المنبسطة، من أجل ضمان عدم انزلاق الشير.
ويردف قائلا الشير ”هو المؤشر ويتكون من حصاة ملساء أو كسرة من السيراميك أو الطين بعد تجفيفه، موضحا أن اللعبة يلعبها اثنين أو أربعة أو ستة“.
لعبة المخطة التي لها عدة أسماء، مثل أم الخطوط، وفي المنطقة الغربيّة تُسمى ”البربر“، تعد لعبة الفتيات بالدرجة الأولى، ويشارك الاولاد متعة اللعبة معهن، وهي تعتمد على الذكاء الحركي والمنطقي والمقدرة الجسمانية للقفز على رجل واحدة.
ويذكر المصلي الذي قضى 38 عاماً في التربية والتعليم والإشراف التربوي ان لعبة المخطة تتميز بأنها لا تحتاج لمساحة كبيرة بالإضافة إلى إنها غير مكلفة ماديا حيث تلعب في السطوح أو الحوش أو في المزارع والازقة.
وعن تاريخ اللعبة يشير المصلي إن جميع الحرف والموروثات الشعبية لا يعرف لها تاريخ محدد ولكنها تعرف بالتواتر، لافتاً إلى أن ما نسمعه من كبار السن أثناء الأحاديث فهم يذكرون اللعبة ويتناقلونها أبا عن جد عبر الروايات والقصص والأحاديث التي تذكر من أجل التباهي أو التعليم.
وتميزت الألعاب الشعبية بسهولة تأديتها وبثها روح الحماسة والمنافسة والتسلية لمؤديها لاعتمادها بشكلٍ رئيس على مهارات وقدرات بدنية وخفة حركة ومناورة ودقة.
من جهته، يقول أخصائي الموهبة والإبداع حسين المهنا إن هذه اللعبة الأصيلة من تراثنا الشعبي ذات فائدة وأهمية، مشيراً إلى أنها تساعد الأطفال بشكل عام على قوة التركيز وزيادة الإنتباه.
ويضيف المهنا معلم الموهوبين إن المخطة تحتاج إلى الدقة برمي الحصاة أثناء اللعب ووضعها بالمربع المستهدف عبر قوانين اللعبة التراثية، منوها إلى أنها تساهم في تعليم الأطفال مهارة تحديد الأهداف بشكل ملحوظ وعملي من خلال تركيز الطفل لاجتياز كل مرحلة للوصول للمرحلة النهائية بهذه اللعبة والفوز بها.
ويضيف ان اللعبة تشمل على الحركات والتمارين الرياضية المتعددة والتي لها أهميتها البالغة في تنشيط العمليات الذهنية والعقلية، منوها إلى ممارسة عملية التفكير وتنميته من خلال فهم واستيعاب شروط وآلية اللعبة، ومن ثم قيام الطفل بوضع خطته الشخصية.
ويرى المهنا أن اللعبة تساعد بعملية اكتشاف القدرات والمواهب من خلالها إذ نجد بأن عدد من الأطفال لديهم مهارة فائقة عن أقرانهم في الذكاء الحركي البدني أوالعضلي.
يشار إلى أنه من المشهور علميا ان للإنسان ”ذكاءات المتعددة“ يمتلك كل انسان نسبا مختلفة من هذه الأنواع وقد يتفوق في بعضها.
ويضيف المهنا أن هذا التميز بالذكاء الحركي يساعد بإنهاء مراحل اللعبة بوقت قياسي وبمهارة عالية مقارنة بمن هم في نفس فئاتهم العمرية، منوها إلى أن المخطة تساهم في تنمية روح وحب التنافس لديهم مما يخلق له ذكاء اجتماعي مع الآخرين.
يذكر أن أطفال اليوم يتمتعون بلعب لعبة المخطة على شواطئ البحر أو في الازقة أو حتى في بيوتهم وفي غرف نومهم حيث تباع اليوم سجادات أو مخططات قماشية جاهزة بمربعات المخطة.