السلام عليكم
عشاق الحسين (ع) يحيون الذكرى الأليمة.. مشياً على الأقدام إلى كربلاء
زيارة الأربعين ومشروعيتها في الروايات وسنن الصحابة
جريدة الدار الكويتية -
السبت 14 كانون ثاني/يناير 2012
• تواترت الروايات على مشروعية زيارة الأربعين عند المسلمين
• زيارة الصحابي الجليل جابر الأنصاري.. سنة مؤكدة للأربعين
• شعراء الأمة الإسلامية يمجدون ذكرى ريحانة الرسول منذ القدم
في 20 من صفر تحل ذكرى أربعينية الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه الشهداء رضوان الله عليهم اجمعين.
ولفظ العدد الاربعين له تاريخ في روايات المسلمين، فهو من المباحث التى تناولها علماء الامة بحثا وتدقيقا، تارة كإعجاز قرآني وتارة كمبحث روائي، ومحور موضوعنا اربعينية الامام الحسين عليه السلام، أي رد رؤوس الآل من الشام في قافلة السبايا ثم رجوعهم الى مدينة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولقاؤهم بالصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري رضوان الله عليه.
الزيارة سنة
زيارة الأربعين سنة عن الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري (رض) وتنفيد لقول المصطفى : «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه». قالوا (أي الصحابة): يا رسول الله، اليهود والنصارى؟! قال: فمن؟ (أي فمن غيرهم).
وقال : «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع)، فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ قال: «ومن الناس إلا أولئك؟».
هذه الاحاديث الصحيحة تدل بوضوح على ان المسلمين سيتبعون الامم السابقة في كل شيء حتى لو حصل امر مستحيل كدخولهم جحر ضب.
وفي احد الشروح في هذا المبحث يجد علماء الامة ان قول الرسول للتحذير وليس للاقرار، والمعروف قرآنا وحديثا ان الدين الاسلامي خاتمة الاديان السماوية التى كلها اسمها الاسلام فيأتى الرسول محمد فيبين ان كل السنن من صلاة وصيام ونكاح وزيارة قبور وبناء مساجد كانت موجودة قبله ولكن الاختلاف في التعامل مع هذا المنهج اي الرسالة السماوية بين كل أمة حملت كتابا واوكل بها نبي، وزيارة الاربعين موجودة عند النصارى بإقامة التأبين للمتوفى وكذلك عند اليهود، وهي في الحضارات القديمة ايضا كالسومرية والبابلية.
وعن الرسول : «ان الارض لتبكي على المؤمن اربعين صباحا».
سنة الصحابة الكرام
قال ابن عمر رضي الله عنهما: «من كان مستنا فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم أصحاب محمد كانوا على الهدى المستقيم».
وعن الحسن أن عائذ بن عمرو - وكان من أصحاب رسول الله - دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله يقول: «إن شر الرعاء الحطمة». فإياك أن تكون منهم. فقال له: اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما النخالة بعدهم وفي غيرهم. رواه مسلم.
وجابر بن عبد الله الأنصاري (رض)- من صحابة الرسول- أوّل من زار قبر الإمام الحسين بعد مرور أربعين يوماً من شهادته.
قال عطاء مولى جابر: «كنت مع جابر بن عبد الله الأنصاري يوم العشرين من صفر، فلمّا وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها، ولبس قميصاً كان معه طاهراً، ثمّ قال لي: أمعكَ من الطيب يا عطاء؟ قلت: معي سُعد، فجعل منه على رأسه وسائر جسده، ثمّ مشى حافياً حتّى وقف عند رأس الحسين ، وكبّر ثلاثاً، ثمّ خرّ مغشياً عليه، فلمّا أفاق سَمعتُه يقول: السلام عليكم يا آلَ الله... ».
وعند رجوع موكب السبايا من الشام إلى المدينة المنوّرة، وصلوا إلى مفترق طريق، أحدهما يؤدّي إلى العراق، والآخر إلى الحجاز، فقالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء. فوصلوا يوم العشرين من صفر ـ أي يوم الأربعين ـ إلى كربلاء، فزاروا قبر الحسين وأهل بيته وأصحابه، وأقاموا مأتم العزاء، وبقوا على تلك الحال أيّاماً.
لقاء جابر بالإمام زين العابدين
تقول الرواية: بينا جابر وعطاء ومن معهما كانوا يزورون الحسين إذا بسوادٍ قد طلع عليهم من ناحية الشام، فقال جابر لعبده: انطلق إلى هذا السواد وآتِنا بخبره، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا، لعلّنا نلجأ إلى ملجأ، وإن كان زين العابدين فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى.
ومضى العبد، فما أسرع أن رجع وهو يقول: يا جابر، قم واستقبل حرم رسول الله ، هذا زين العابدين قد جاء بعمّاته وأخواته.
فقام جابر يمشي حافي القدمين، مكشوف الرأس، إلى أن دنا من الإمام زين العابدين، فقال(عليه السلام) له: «أنْتَ جابر»؟ قال: نعم يابن رسول الله، فقال الإمام : «يا جابر هاهُنا والله قُتلت رجالُنا، وذُبحِت أطفالُنا، وسُبيَت نساؤنا، وحُرقت خيامُنا».
من علامات المؤمنين
كما أن زيارة الاربعين من علامات المؤمنين، وهذا متظافر بالروايات الصحيحة عند الشيعة. وورد عن الإمام الحسن العسكري : (علامات المؤمن خمس، صلاة الإحدى والخمسين وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر بسم الله الرحمن الرحيم). وذلك من مصاديق قوله تعالى: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى». والحسين هو اقرب الناس لرسول الله .
الخلاصة
خلاصة البحث ان من يرى عدم مشروعية زيارة الاربعين استند الى اجتهاداته الشخصية، فبعدما قدمنا من أدلة على مشروعيتها وجوازها، لا مجال للشك في ان علينا تجديد الحزن في 20 من صفر ولو بزيارة الحسين عن بعد كما في الروايات المتظافرة.
زيارة الحسين يوم الأربعين
روي عن صفوان الجمّال قال : قال لي مولاي الصادق في زيارة الأربعين : تزُور عند ارتفاع النهار، وتقول : (اَلسَّلامُ عَلى وَلِيِّ اللهِ وَحَبيبِهِ، اَلسَّلامُ عَلى خَليلِ اللهِ وَنَجيبِهِ، اَلسَّلامُ عَلى صَفِيِّ اللهِ وَابْنِ صَفِيِّهِ، اَلسَّلامُ عَلى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهيدِ، اَلسَّلامُ على اَسيرِ الْكُرُباتِ وَقَتيلِ الْعَبَراتِ. اَللّـهُمَّ اِنّي اَشْهَدُ اَنَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ، وَصَفِيُّكَ وَابْنُ صَفِيِّكَ الْفائِزُ بِكَرامَتِكَ، اَكْرَمْتَهُ بِالشَّهادَةِ وَحَبَوْتَهُ بِالسَّعادَةِ، وَاَجْتَبَيْتَهُ بِطيبِ الْوِلادَةِ، وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السادَةِ، وَقائِداً مِنَ الْقادَةِ، وَذائِداً مِنْ الْذادَةِ، وَاَعْطَيْتَهُ مَواريثَ الاَْنْبِياءِ، وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلى خَلْقِكَ مِنَ الاَْوْصِياءِ، فَاَعْذَرَ فىِ الدُّعاءِ وَمَنَحَ النُّصْحَ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ. وَقَدْ تَوازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيا، وَباعَ حَظَّهُ بِالاَْرْذَلِ الاَْدْنى، وَشَرى آخِرَتَهُ بِالَّثمَنِ الاَْوْكَسِ، وَتَغَطْرَسَ وَتَرَدّى فِي هَواهُ، وَاَسْخَطَكَ وَاَسْخَطَ نَبِيَّكَ، وَاَطاعَ مِنْ عِبادِكَ اَهْلَ الشِّقاقِ وَالنِّفاقِ، وَحَمَلَةَ الاَْوْزارِ الْمُسْتَوْجِبينَ النّارَ، فَجاهَدَهُمْ فيكَ صابِراً مُحْتَسِباً حَتّى سُفِكَ فِي طاعَتِكَ دَمُهُ، وَاسْتُبيحَ حَريمُهُ، اَللّـهُمَّ فَالْعَنْهُمْ لَعْناً وَبيلاً وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً اَليماً. اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ سَيِّدِ الاَْوْصِياءِ، اَشْهَدُ اَنَّكَ اَمينُ اللهِ وَابْنُ اَمينِهِ، عِشْتَ سَعيداً وَمَضَيْتَ حَميداً، وَمُتَّ فَقيداً مَظْلُوماً شَهيداً، وَاَشْهَدُ اَنَّ اللهَ مُنْجِزٌ ما وَعَدَكَ، وَمُهْلِكٌ مَنْ خَذَلَكَ، وَمُعَذِّبٌ مَنْ قَتَلَكَ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللهِ، وَجاهَدْتَ فِي سَبيلِهِ حَتّى اَتياكَ الْيَقينُ، فَلَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ. اَللّـهُمَّ اِنّي اُشْهِدُكَ اَنّي وَلِيٌّ لِمَنْ والاهُ وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداهُ، بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، اَشْهَدُ اَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فىِ الاَْصْلابِ الشّامِخَةِ وَالاَْرْحامِ الْمُطَهَّرَةِ، لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجاهِلِيَّةُ بِاَنْجاسِها، وَلَمْ تُلْبِسْكَ الْمُدْلَهِمّاتُ مِنْ ثِيابِها. وَاَشْهَدُ اَنَّكَ مِنْ دَعائِمِ الدّينِ وَاَرْكانِ الْمُسْلِمينَ وَمَعْقِلِ الْمُؤْمِنينَ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ الاِْمامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهادِي الْمَهْدِيُّ، وَاَشْهَدُ اَنَّ الاَْئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوى وَاَعْلامُ الْهُدى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى، وَالْحُجَّةُ على اَهْلِ الدُّنْيا. وَاَشْهَدُ اَنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ وَبِاِيابِكُمْ، مُوقِنٌ بِشَرايِعِ ديني وَخَواتيمِ عَمَلي، وَقَلْبي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ وَاَمْري لاَِمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ، وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَأذَنَ اللهُ لَكُمْ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكُمْ، وَعلى اَرْواحِكُمْ وَاَجْسادِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ وَظاهِرِكُمْ وَباطِنِكُمْ آمينَ رَبَّ الْعالِمينَ).
ثمّ تصلّي ركعتين، وتدعو بما أحببت.
فضل زيارة الحسين
تواترت الروايات في زيارة الإمام الحسين ، ومنها:
قال رسول الله : «إنّ موسى بن عمران سأل ربّه زيارة قبر الحسين بن علي، فزاره في سبعين ألفاً من الملائكة».
وقال الإمام العسكري: «علاماتُ المؤمن خمس: صلاةُ إِحدى وخمسين، وزيارةُ الأربعين، والتختُّم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر بـ«بسم الله الرحمن الرحيم».
وقال الإمام الصادق: «وليس من ملك ولا نبي في السماوات، إلّا وهم يسألون الله أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين، ففوج ينزل وفوج يعرج»(5).
كما قال الصادق: «وكّل الله بقبر الحسين أربعة آلاف ملك، شُعثاً غبراً يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقّه، شيّعوه حتّى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشياً، وإذا مات شهدوا جنازته، واستغفروا له إلى يوم القيامة».
وقال الإمام الباقر : «مروا شيعتنا بزيارة الحسين، فإنّ زيارته تدفع الهدم والحرق والغرق وأكل السبع، وزيارته مفترضة على من أقرّ له بالإمامة من الله».
وقال الإمام الكاظم : «من زار قبر الحسين عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر».
ولذلك افتى علماء الشيعة بجواز زيارة الامام الحسين طبقا للروايات، فيقوم محبو أهل البيت ومتبعوهم بالاستعداد للزيارة واحياء المجالس واقامة الخدمات للزوار و«المشاية» الذين يأتون مشيا على الاقدام من كل محافظات العراق ومن خارج العراق.
وخرج فوج كويتي قاصدا العتبات المقدسة لزيارة الحسين، ويقصد الشيعة الامام مشيا على الاقدام تأسيا بسبايا العترة الطاهرة، والغرض من الاحياء المتواصل لذكرى عاشوراء من بداية محرم الى نهاية صفر الحفاظ على هذه الشعائر جيلا بعد جيل وحماية موروثات ملحمة الحسين الخالدة.