الرسول الأعظم (ص) رائد الحضارة الإنسانية
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَمَا مُحَمّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ).
سورة آل عمران: 144
(وَلَـَكِن رّسُولَ اللّهِ وَخَاتَمَ النّبِيّينَ).
سورة الأحزاب: 40
(محُمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ).
سورة الفتح: 29
(لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً).
سورة الأحزاب: 21
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، من الآن إلى قيام يوم الدين.
قال الشاعر:
وإذا استطال الشيء قام بنفسه
وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا(1)
حينما يبحث الإنسان في ثنايا (صلى الله عليه وآله) التاريخ يجد ــ هناك ــ عباقرة وعظماء، استطاعوا أن ينالوا درجة المجد، ويقتطفوا زهور الفلاح، وتمكنوا من أن يرشّوا عبير الخير والتقوى على جبين المجتمع.
وفعلاً.. لقد أدّى هؤلاء العباقرة رسالتهم التي كُلّفوا تبليغها إلى البشرية، وتحمّلوا أعباء الهداية والإرشاد، والسير بالإنسانية إلى الفلاح والسعادة والتقدم والرفاه..
وعندما يسبر الإنسان أحوالهم، ويدقّق في الصفات الحسنة التي يمتلكونها، يجد أنّ هؤلاء العظماء لم ينبِغوا إلاّ في بعض العلوم، ولم يتحمّلوا إلاّ ببعض السمات الحميدة.
وقلّ أن يُرى أحداً منهم وقد نبغ في جميع العلوم وأحاط بها إحاطةً مستوعبةً، وتحلّى بكلّ المزايا الحميدة، والأخلاق الفاضلة، ويبرز في رأس قائمة القِلّة هذه: رسول الإسلام العظيم، محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) هذا الرسول الذي ضحّى بكل ما يملك في سبيل إماطة ضباب الجهل والغفلة والرذيلة عن البشرية، وجهد طيلة عمره من أجل إنقاذ البشرية من المستنقعات الموبوءة بالرذيلة والفشل والسقوط..
وما أجدر بالإنسان أن يبحث في حياته (صلى الله عليه وآله) الكريمة، ويحاول أن يدرسها دراسة موضوعية، ليتخذه (صلى الله عليه وآله) قدوة في كافّة أعماله، ويجعله (صلى الله عليه وآله) الأسوة الحسنة..
قال الله تعالى: (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً) (2).
فلنبحث في هذه العجالة عن بعض جوانب حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ولنسرد بعض مزاياه وصفاته وأخلاقه النبيلة، التي قد عبّر الله تعالى عنها بأنها أخلاق عظيمة، قائلاً: (وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (3).
وذلك لكي يكون خير محفّز للفرد المسلم على الاقتداء والتأسي به (صلى الله عليه وآله).. لكي يحظى بالسعادة والرفاه والاستقرار، والله الموفّق المستعان.
محمد رضا الحسيني
الميلاد المبارك
مع إطلالة الصباح من اليوم السابع عشر من ربيع الأول، حينما أرسل الفجر خيوطه البيضاء المشرقة على الأفق، لتتقلص عناصر الظلمات عن آخرها، وعندما بدأ ضوء النهار يسطع على الأفق ليكنس رواسب الليل، وُلِدَ الرسول الأعظم محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب (صلّى الله عليه وآله وسلم) لينقذ البشرية من الظلمات، ويوصلهم إلى شاطئ النور والسعادة، ويحلِّق بهم في سماء العلم والفضيلة، ويرسي سُفُن حياتهم على شاطئ الأمن والاستقرار والسعادة (4)..
قال الله تعالى في وصف الرسول (صلى الله عليه وآله):
(وَيُحِلّ لَهُمُ الطّيّبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)(5).
وعندما بزغ فجر الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) على الأفق بدت حوادث خارقة، منها:
أولاً: انخمدت (انطفأت) نيران فارس(6).
ثانياً: غاصت بحيرة ساوة في إيران(7).
ثالثاً: سقطت شرفات من قصر ملك الفرس(8).
رابعاً: نكست الأصنام(9).
خامساً: شع من محيّا النبي (صلى الله عليه وآله) نور أضيئت به بيوتات مكة..
***
وشبّ النبي (صلى الله عليه وآله) في بيت محافظ، وكان (صلى الله عليه وآله) يتمتع بحسن الخلق، وطيب السريرة، وسائر الصفات الحسنة، فنشأ نشأةً صالحةً، قاد عبرها ملايين الأجيال وألوف الفئات.
ولقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله) منذ نعومة أظفاره، وفي عنفوان شبابه، يهوى الأخلاق الفاضلة، ويحبّ الصفات الحميدة.
وكان (صلى الله عليه وآله) معروفاً في قومه بـ (الصدق) و(أداء الأمانة)..
ومضت عليه (صلى الله عليه وآله) أربعون سنة وهو المثل الأعلى في هاتين الخصلتين، حتّى أنّ رجال قومه عندما كانوا يقصدون الخروج من مكة، كانوا يودعون أموالهم لدى النبي (صلى الله عليه وآله)، دون سائر رجال عشيرتهم..
***
كان الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) يذهب إلى (غار حراء) ويعبد الله سبحانه وتعالى فيه، ويفكر في قومه الذين حادوا عن صراط الحق، وزاغوا عن سنن العدالة، ويفكر ــ أيضاً ــ في كيفية هدايتهم؟..
وفي ذات يوم وبينما كان الرسول (صلى الله عليه وآله) سارحاً بفكره وتأمّله.. رأى أن أبواب السماء انفتحت وهبط جبرائيل (عليه السلام) قائلاً له:
اقرأ يا محمد!
وجاء الجواب من النبي (صلى الله عليه وآله): وما أقرأ؟..
فقال جبرائيل (عليه السلام): (بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبّكَ الأكْرَمُ، الّذِى عَلّمَ بِالْقَلَمِ، عَلّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)(10)، الآيات..
وانطلقت الرسالة المحمدية من (غار حراء)..
وهبط الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) من الجبل، قاصداً قومه، ليبلغهم رسالة ربه، ويبشّرهم بالدين الجديد، فاعتلى الجبل، منادياً بقريش:
(إن الرائد لا يكذب أهله، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم تصدقونني)؟..
وجاء الجواب ــ وبصوت واحد ــ:
نعم.. نعم.. ما جربنا عليك كذباً.
وعند ذاك أعلن (صلى الله عليه وآله) رسالته السماوية.. وطلب منهم أن يؤمنوا به، ويؤازروه على نشر رسالته(11)..
ولكنّهم استهزءوا به.. ولم يؤمن به إلاّ نفر قليل.. أولهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).. ثم السيدة خديجة (عليها السلام)، ثم جمع آخر من الناس..
***
والسؤال الآن هو:
هل تركت قريش النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ليبلّغ رسالة ربّه؟ وليدعو الناس إلى اعتناق هذا الدين السماوي الجديد والتشبث به؟!
والجواب:
إن قريشاً لم تمتنع فقط عن قبول دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وإنما انتهجت معها مسلكاً مضادّاً، فآذت النبي (صلى الله عليه وآله)، وأجبرته على الهجرة، وضربت عليه الحصار الاجتماعي والاقتصادي و.. و.. و.. وقابلت أصحابه بالكبت والاضطهاد..
فهذا (عمّار بن ياسر) كم عذّبوه ونكّلوا به..
وهذا أبوه (ياسر).. وهذه أمّه (سُميّة)، كم عذّبوهما، وكيف قتلوهما شرّ قتلة..
وهذا (بلال) كم عذبوه وضربوه ؟؟.
ولكن الرسول (صلى الله عليه وآله) بقي صامداً أمام اعتداءات المشركين، وظلّ صابراً تجاه تحرشاتهم ومناوشاتهم حتى جاء الفتح، وأسلم المشركون، وجاء نصر الله تعالى.
قال الله عزّ وجل:
(بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ، إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّهِ أَفْوَاجاً)(12).
وهكذا..
ظل فجر الإسلام.. يتوسع.. وينتشر.. ويكشف نقاب الجهل والرذيلة عن وجه البشرية..
القرآن.. المعجزة الخالدة
عندما يرسل الله (عزّ اسمه) نبياً من أنبياءه (عليهم السلام)، يزوده بالمعجزة، لتثبت رسالته أولاً.. وتثبت كذب غير النبي الذي يدعي الرسالة زوراً..
فما هي معجزة نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله)، وما هو البرهان الذي يشير إلى نبوته؟..
الواقع هو..
إن النبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) له معاجز كثيرة ومتنوعة، وهي قسمان:
1): المعاجز التي اختصت بمن عاصر الرسول (صلى الله عليه وآله).
2): المعاجز التي تعمّ المعاصرين وغيرهم.
ويتشكل القسم الأول من أمثال، تكلّم الحصى على يد النبي محمد (صلى الله عليه وآله)(13)، ونبع الماء من كفّه(14)، وما شابههما مما حفظها التأريخ(15).
ويتشكل القسم الثاني من (القرآن المجيد) المعجزة الخالدة على مدّ العصور والأزمنة..
وقد يتساءل البعض قائلين:
ما هي المعاجز التي احتوى عليها القرآن الكريم؟..
والجواب.. بالرغم من أن القرآن الحكيم ليس كتاب الاكتشافات والفلكيات.. إلاّ أنه قد حوى ذلك في كثير من الآيات(16)، وهذه هي بعض ما في القرآن الحكيم مما أثبته العلم الحديث..
1- يقول القرآن الحكيم: (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (17).
يقول علماء الجغرافيا: إن الأرض كانت في بدء خلقتها متمركزة، ثم انتشرت وتوسعت على مرور الزمن.
فلقد كانت دائرة المادة بمقدار ألف مليون سنة ضوئية (18) وهي الآن أصبحت أكبر من ذلك بمقدار عشرة أضعاف..
2- يقول القرآن الحكيم: (وَأَلْقَىَ فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ)(19).
قوله: (أن تميد) أي لئلا تميد.
تتفق نظرية العلماء ــ اليوم ــ على أن المادة الخفيفة وزناً ارتفعت على سطح الأرض وهي الجبال، وبقيت المادة الثقيلة تحت الأرض، ولولا ذلك لمادت الأرض بأهلها.. وهكذا استطاع الانخفاض والارتفاع أن يحافظ، على توازن الأرض.
3- يقول القرآن الكريم: (حَرّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدّمَ وَلَحْمَ الْخَنْزِيرِ) (20).
تبين هذه الآية الكريمة عن الخباثة القابعة في (الدم) و(الميتة) و(لحم الخنزير).
فلحم الخنزير يحتوي على 90% من (حامض البوليك) وهي مادة سامة تضرّ بالصحة لو استعملها الإنسان وأكلها.. وكذلك (الميتة) و(الدم) فإنهما أيضاً يحتويان على هذه المادة الخطيرة..
***
هذا.. وإن في القرآن الحكيم آيات كثيرة جداً فيها من الأشياء مما لم يعرفها الإنسان إلاّ في النصف الأخير من القرن العشرين.
ويكفي مطالعة كتاب (التكامل في الإسلام) (21) و(الإسلام يتحدى) وغيرهما للكشف عن هذه الحقيقة..
***
ماذا قدّم الرسول (صلى الله عليه وآله) لنا؟..
أسئلة تطرح نفسها كلّما جاء الحديث عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) على بساط البحث قائلة:
ــ ماذا قدّم الرسول (صلى الله عليه وآله) لنا؟..
ــ وما هي الفائدة التي جنيناها منه (صلى الله عليه وآله)؟..
ــ ولماذا نفضِّل الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) على المكتشفين والمخترعين؟..
والجواب:
ــ إن الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) قد تحملوا أعباء رسالة الله إلى الإنسان، وهم قد بينوا للإنسان خرائط السعادة والرفاه، في الدنيا والآخرة، ولولاهم لكان البشر يتيهون ويضيعون في طرق هذه الحياة الملتوية.
ومن الواضح..
إن بيان سبل السعادة للإنسان، هو أفضل بكثير من إيجاد حياة مادية فحسب.
فانظر إلى ما قدّمه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) إلى البشرية!.
فلقد كانت الجزيرة العربية في منتهى الاضطراب.. وكانت الحروب تنشب أظافرها فيهم.. وكان الجاهليون يدفنون بناتهم في التراب وهنّ بعدُ أحياء، ويقتلون أولادهم خشية الفقر..
قال الله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيّ ذَنبٍ قُتِلَتْ )(22).
وقال عزّ شأنه: (وَلاَ تَقْتُلُوَاْ أَوْلاَدَكُمْ مّنْ إمْلاَقٍ نّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ) (23).
ولقد انتشرت الرذيلة، في أرجاء الجزيرة العربية، ورفرف الجهل بأجنحته على رؤوسهم.. وخيّم المرض عليهم. وانتظرهم الموت جاثياً عن كثب.. فجاء رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) بأرفع القوانين، وأعلاها، وأعظمها شأناً، وأنقذ الإنسانية من السقوط، ومن الجهل والمرض والرذيلة..
أما المكتشفون..
أما المخترعون..
فإنهم لم يخططوا برنامجاً ودستوراً للحياة السعيدة المقرونة بالرغد والهناءة..
صحيح.. إنهم هيئوا الوسائل الأحسن للعيش، ولكنهم لم يكونوا ليخططوا للحياة السعيدة..
***
وبعد أن عرضنا وجه المفاضلة بين الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وبين المكتشفين والمخترعين، يقفز السؤال التالي:
ـــ ماذا يريد الرسول (صلى الله عليه وآله) منا؟..
لا شكّ أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، لا يريد منّا أن نطعمه أو نكسوه أو نوفّر له الراحة الكاملة.. وإنما الشيء الذي يسعى الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لتحقيقه هو أن يهيئوا لنا الحياة السعيدة.. إنهم يريدون أن نقتدي بهم، ونسير على برنامجهم الذي خطوه لنا، إنهم يريدون أن نصبح مثلهم أخياراً حتى نفلح ونفوز بخير الدنيا والآخرة..
***
شهادات علماء الغرب
وفي الختام.. نعرض بعض شهادات العلماء الغربيين حول الإسلام وحول القرآن الكريم وحول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).. لنعرف أن الإسلام أفضل من جميع الأديان وأحسنها وأجدرها بالإتباع..
يقول الفيلسوف (كيرللس الأول):
(إن في الشرق قانوناً، قد نظمه وأسسه الفيلسوف العربي (محمد)، لو أن العالم بجميع عناصره اتبع نهج هذا الفيلسوف العربي والتزموا جمعاً بقانونه، لم يك في العالم كله دولتان، بل دولة واحدة، ولم يختلف اثنان، ولم يفتقر أحد إلى أحد..).
ويقول الدكتور المؤرخ (ريتسين):
(دين محمد قد أكد ــ من الساعة الأولى لظهوره في حياة النبي ــ أنه دين عامّ، فإذا كان صالحاً لكل جنس كان صالحاً بالضرورة لكل عقل، ولكل درجة من درجات الحضارة).
ويقول الدكتور (جرينة) الفرنسي عضو مجلس النواب:
(تتبعت كل الآيات القرآنية، التي لها ارتباط بالعلوم الطبيعية والصحية والطبية التي درستها من صغري، وفهمتها فهما جيّداً، فوجدتها منطبقة كل الانطباق على معارفنا الحديثة، فأسلمت، لأني تيقنت أن محمداً أتي بالحق الصراح من قبل ألف سنة، من غير أن يكون له معلّم أو مدرّس من البشر، ولو أنّ صاحب كل فن من الفنون، أو علم من العلوم قارن كل الآيات المرتبطة بما يعلمه جيّداً كما قارنت أنا، لأسلم بلا شك، إن كان عاقلاً خالياً من الأغراض).
ويقول البروفسور (بورسورت سميث):
(عندما ألقى نظرة إجمالية، استعرض فيها صفاته ــ محمد ــ وبطولاته.. وعندما أرى أصحابه الذين نفخ فيهم روح الحياة، وكم من البطولات المعجزة أحدثوا، أجده أقدس الناس وأعلاهم مرتبة، حتى إن الإنسانية لم تشهد له مثيلاً..).
ويقول (برنارد شو):(24)
(إنه لو تولى العالم الأوروبي رجل كمحمد، لشفاه من علله كافة، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية، إني أعتقد أن الديانة المحمدية هي الديانة الوحيدة التي تكون حائزة لجميع مرافق الحياة، لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولاً لدى أوروبا غداً، وقد بدى يكون مقبولاً لديها اليوم، ما أحوج العالم إلى رجل كمحمد يحل مشاكل العالم..).
ويقول المستشرق (ليتسن):
(إني لأجرؤ بكل أدب أن أقول: إن الله الذي هو مصدر الخير والبركات كلها، لو كان يوحي إلى عباده فدين محمد هو دين الوحي، ولو كانت آيات الإيثار والأمانة والاعتقاد الراسخ القوي، ووسائل التمييز بين الخير والشر ودفع الباطل هي الشاهدة على الإلهام، فرسالة محمد هي هذا الإلهام..).
ويقول (شيرل) عميد كلية الحقول بجامعة فينا:
(إن البشرية تفتخر بانتسابها إلى رجل كبير كمحمد، إذ إنه استطاع قبل بضعة عشر قرناً أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمته.. بعد ألفي عام..).
فمتى نعود إلى تطبيق الإسلام؟..
وفي أي وقت نرجع إلى مجدنا العريق وعزّنا الأصيل؟..
حتى ترجع إلينا السعادة والرفاه.
نرجو أن يكون ذلك قريباً.
(سُبْحَانَ رَبّكَ رَبّ الْعِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ، وَسَلاَمٌ عَلَىَ الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ)(25).