الحبّ في ثورةالإمامالحسين(عليه السلام)[1]
ثورة الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) مدرسة إنسانية إلهيّة ، ذات معالم وشعائر تتجدّد عبر العصور والأجيال ، فإنّ فيها دروس قيّمة ، ومفاهيم سامية ، ومعارف راقية ، وحضارة زاهية ، كلّ واحد ينظر فيها ويتطلّع إليها من زاويته الخاصّة ، وثقافته واختصاصه . فإنّها كالقرآن الكريم ، بل تجسيد للقرآن ومعانيه ومفاهيمه ومعارفه الربّانيّة ، التي لا تبلى ولا تُخلق ، فإنّها غضّ جديد.
فإنّ الحسين (عليه السلام) هو القرآن الناطق وثورته منطق القرآن الصامت ، وإذا كان للقرآن بطون ، ولكلّ بطن بطون ، وإنّه يحمل وجوهاً ، كما ورد في الأخبار الشريفة ، فكذلك ثورة الحسين (عليه السلام) ، فإنّ كلّ عالم وعارف وباحث ومحقّق يجد ضالّته المنشودة في القرآن الكريم ، كذلك يجدها في ثورة الحسين وحياته المقدّسة ، والكلّ يقف بخضوع وخشوع أمام قداسة القرآن الكريم وعظمة ثورة الحسين (عليه السلام) ، ويغترف منهما ما يروي الظمأ ، ويشفي الغليل ، وينال بهما سعادة الدارين والحياة الطيّبة والعيش الرغيد.
والمقصود من هذه العجالة أن نستلهم درساً من دروس ثورته (عليه السلام) ، ونستنشق نسيماً عذباً من رياحينه العطرة ، ونستنير في دروب الحياة بشعلة وهّاجة من مشاعله الخالدة ، ألا وهو الحبّ والعشق الحسيني ، وهذا وإن كان كتاباً قطوراً يصعب ترجمته وبيانه ، وبحراً عميقاً يستحيل غوره وعبوره ، ولكن مسيرة ألف ميل خطوة ، وأوّل المطر الوابل قطرة ، عسى يكون ما نقدّمه مفتاحاً لآفاق جديدة في دراسة ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ، ومن الله سبحانه التوفيق والسداد.
قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه :
( فَسَوْفَ يَأتي اللهُ بِقَوْم يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )[2].
[1]بداية هذا الموضوع كانت محاضرة دينيّة ألقاها المؤلف في حسينية أهل البيت (عليهم السلام) لأهالي العمارة بقم المقدّسة سنة 1412 في عشرة محرّم الحرام ، ومن وحي المناسبة كان مطلع الحديث عن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الخالدة ، والإشارة إلى جانب الحبّ الإلهي فيها.
[2]المائدة : 54.
المصدر
حب الله نماذج وصور