علي عزت بيجوفيتش ... الزعيم والمفكر والمناضل

علي عزت بيغوفيتش هو فيلسوف ومفكر وزعيم ومناضل مسلم، وأول رئيس جمهوري لجمهورية البوسنة والهرسك بعد انتهاء حرب البوسنة والهرسك.
المولد والنشأة
في مدينة بوسانا كروبا البوسنية ولد علي عزت بيجوفتش في 8 أغسطس عام 1925 م، لأسرة مسلمة تنحدر من جذور ارستقراطية، كانت أسرة علي عزت بيجوفش قد فرت من بلغراد في عام 1868 إلي البوسنة والهرسك وذلك بعد انسحاب الجيش العثماني من صربيا، وتتكون أسرة بيجوفتش من والديه هبه ومصطفى بيجوفتش وأخيه وأخواته الثلاث البنات.
كان والد بيجوفتش يعمل محاسبا، وقضي العشر سنوات الأخيرة قبل وفاته يعاني من الشلل نتيجة لخدمته في الجيش النمساوي المجري خلال الحرب العالمية الأولي، كما أنه أعلن إفلاسه قبل وفاته .
تلقي بيجوفتش التعليم العلماني بعد انتقال الأسرة للحياة في العاصمة سراييفو، صادفت السنوات الأولى من شباب بيجوفتش الصراع الكبير بيد الدعاية الشيوعية والفاشية، حيث كانت الشيوعية والفكر الشيوعي في عصرها الذهبي وانتشر العديد من الأساتذة ممن يعتنقون الفكر الشيوعي في المدارس.
تأثر علي عزت بيجوفتش بالدعاية الشيوعية في تلك الفترة من حياته وتأثر ببعض الكتابات الشيوعية التي قرأها، مما نتج عنه شك وصراع بين ما يؤمن به وما يقرأه.
أصبح لدي بيجوفتش عقلين متضادين حيث صورت الدعاية الشيوعية الله بأنه شخص سيئ، بينما كان بيجوفتش يعتقد أن الرسالة المركزية هي الإيمان بكل أشكاله، هذا الصراع بين الفكر الشيوعي والفكر الإسلامي لم يستمر طويلا عند بيجوفتش ، حيث عاد بإيمانه بقناعة وبقوة وبفكر متجدد .
التحق بيجوفتش بجامعة سيراييفو وحصل علي الشهادة العليا في القانون عام 1950م، ونال الدكتوراه في عام 1962، كما حاز على شهادة عليا في الاقتصاد في عام 1964.
النتاج الفكري
أجاد بيجوفتش أكثر من لغة حديثاً وكتابة منها : الألمانية، والفرنسية، والإنجليزية، والعربية، التي مكنته من الاطلاع علي الادبيات العربية لاسيما الخاصة بالتيارات الإسلامية .
كان علي عزت بيجوفتش ذو ثقافة واسعة ومحب للقراءة والاطلاع والتفكير والتحليل، فقرأ في مجالات متنوعة واطلع علي الانتاج الثقافي والاجتماعي في الشرق والغرب، فقرأ كتابات متنوعة منها كتابات باروخ سبينوزا وإيمونيل كانت وجورج فيلهم وفريدرش هيجل .
الف علي عزت بيجوفتش مجموعة من الكتب منها :

  • هروبي إلي الحرية.
  • عوائق النهضة الإسلامية.
  • الإعلان الإسلامي.
  • الأقليات الإسلامية في الدول الشيوعية.
  • الإسلام بين الشرق والغرب.

نضاله
عاش علي عزت بيجوفتش طوال حياته مناضلاً شرسا وفارسا نبيلاً من فرسان الإسلام، وبدأ بيغوفيتش نضاله مبكراً، حيث أنشا مع مجموعة من رفاقه الشبان جمعية الشبان المسلمين علي غرار جماعة الإخوان المسلمين التي تأثر بها، وركزت الجمعية نشاطها علي السياسة الخارجية والجانب الروحي، حيث التواصل مع العالم الإسلامي الذي رأي الشباب انه في حالة يرثي لها .
انتشرت جمعية الشباب المسلمين في وسط طلاب الثانوية والشباب، رغم أنه لم تكون تعمل بشكل رسمي .
عاش بيجوفتش رافضاً للاحتلال، مناضلا من أجل تجديد الفكر الإسلامي، وخاض في سبيل ذلك العديد من الصراعات مع خصومه من الصرب والشيوعيين واليوغسلافيين، تعرض بسببها للسجن في دولته التي كانت تخضع للاحتلال الشيوعي.
فقضى بيجوفتش ثلاث سنوات في السجن في عام 1946 لمعارضته لنظام جوزيف بروز تيتو، كما حكم عليه مع مجموعه من رفاقه بالسجن لمدة 14 عام خفضت للسجن 12 عام في عام 1988، قضى منها خمسه أعوام في السجن ثم تم العفو عنه بعد تعثر الحكم الشيوعي في البوسنة والهرسك.
في 27 مارس 1990 أسس بيجوفتش ونشطاء بوسنيون حزب سياسي أطلقوا عليه حزب العمل الديموقراطي، وذلك بعد إدخال التعددية الحزبية في جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية.
اتسم حزب العمل الديموقراطي بطابع إسلامي في عمله، وبالمثل فإن الصرب والكروات قد أنشأوا احزاب على أساس عرقي، جرت انتخابات البرلمانية وفاز حزب العمل الديموقراطي بأغلبية الأصوات في عام 1990، وبالتالي تم تنصيب علي عزت بيجوفتش رئيسا لجمهورية البوسنة والهرسك في 19 نوفمبر من نفس العام.

ولقد حال اندلاع القتال بين الصرب والكروات في كرواتيا المجاورة دون ذلك، وعند اندلاع القتال في سلوفينيا وكرواتيا في صيف 1991، مما انعكس علي البوسنة والهرسك وتورطها في القتال، اقترح بيجوفتش في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد تشكيل كونفدرالية فضفاضة للحفاظ علي الدولة البوسنية وحدودها.
اندلع نزاع مسلح دولي في البوسنة والهرسك في الفترة بين 6 أبريل 1992 و14 ديسمبر 1995 شهدت تطهير عرقي كبير ضد البوسنيين المسلمين والكروات.
وبعد سنوات من الصراع ومع تخاذل المجتمع الدولي في إنهاء الصراع، تم عقد اتفاقية دايتون في عام 1995، ونصت الاتفاقية علي الالتزام بوحدة الأراضي البوسنية، وتقسيم البوسنة لقسمين احدهما ذا طابع فيدرالي للمسلمين والكروات والثاني جمهورية للصرب، ويحصل الصرب علي ثلث مقاعد البرلمان وتم حكم البوسنة والهرسك عن طريق مجلس رئاسي بدلا من رئيس واحد.
وشغل علي عزت بيجوفتش رئاسة المجلس الرئاسي مرتين الأولي من 5 اكتوبر 1996-13 اكتوبر 1998 والثانية من 14 فبرير 2000 وحتي 14 اكتوبر 2000.
وفاته
في عام 2000 اعتزل علي عزت بيجوفتش الحياة السياسية، في تلك الفترة زادت معاناته مع مرض القلب، وتوفي بيجوفتش في 19 اكتوبر 2003 في مستشفيي ساراييفو المركزي نتيجة إصابته بحالة إغماء أدت إلي سقوطه أرضا.
أعلن وفاة الزعيم المسلم علي عزت بيجوفتش العضو المسلم في المجلس الرئاسي البوسني سليمان تيهيتش، ولم يستطيع أهل البوسنة إعلان الحداد علي الزعيم نظراً لاعتراض الصرب الذين رأوا ان علي عزت بيجوفتش عدوهم.