لا أدري لماذا يلح الحب علينا وقت الحرب،
هل نهرب من الركام للعيون الكحيلة؟
هل نحاول تشتيت انتباهنا عن الكوارث؟
هل نشعر بندم مضاعف على أبواب عشق فتحت لنا
ولم ندخلها حين ندرك قصر الوقت؟
أم الأمر أهون من ذلك وأبسط، وأكثر غريزية:
الحرب تقلل الأطفال، حقيقة ومجازا،
والحب يكثرهم حقيقة ومجازا،
يجعلنا أطفالا ويجعل لنا أطفالا،
يكثر اعدادنا، ويطيل صبرنا...
وَنَستَبلِهُ أمام الموت،
كأننا لا نعرفه،
نتجاهل وما بنا جهل،
ونغضبه، كنجم مشهور قرر الناس كسرا له
ان يسألوه عن اسمه وعمله كل صباح،
فكلما طرق أبواب المدن بمواكبه،
سألناه كأننا نسيناه: ما اسمك ثانية؟
ثم نتركه على الباب ونرحب بذلك الضيف الثاني الخجول
الذي لا يكاد يبين صوته وهو يقول: اسمي الحب،
والله أعلم...
نستحمق، أمام الموت فنخوضه كأنه غير موجود،
ونسير على الجمر حافين، محدقين في النجوم،
ناظرين للأعلى لا الأسفل،
مصرين ان لا يحس الجمر أننا نحس به،
والفدائيون يهربون باقات الورد عبر الأنفاق،
مع الخبز والسلاح...
يا كحيلات العيون بلا كحل،
يا طيبات القلوب،
أيتها الأمهات العذارى،
يا صبايانا،
لو كنتن تدرين كم قوة تبثها فينا ابتسامتكن،
وقولكن لنا:” تهون يا ابن عم“،
لو تدرين كم عدوا تهزمن
حين تفتحن لنا ملاجئ بين كفوفكن
وكم جريحا تشفين...
وأنتن كالنوارس
تبشرننا بالأرض،
والبحر يرمينا يميناً وشمالا...
وربما عطش الانسان للأرض عطشه للماء.