موقع الدولة النبطية:كانت دولة الأنباط تقع جنوب شرق فلسطين،و تمتد من حدود فلسطين إلى رأس العقبة،يحدها من الغرب وادى العرابة و من الجنوب بادية الحجاز و من الشرق بادية الشام،و من الشمال فلسطين.و كانت مساحتها تبلغ 200 ميل مربع،إذ كان طولها من الشمال إلى الجنوب نحو مئة ميل.وكانت ارضها صخرية كثيرة الجبال و الشعب،و لذلك عرفت قديماً بأسم "بلاد الجبال" ،و سماها اليونانيون بلاد العرب الصخرية،و من هنا اسم عاصمتها بترا،كذلك اطلق اليونانيون على مدينة بترا اسم "أركى" فحرفه العرب و قالوا "الرقيم" و قد أشتهرت الرقيم فى دولة بنى أمية و كان ينزلها الخلفاء.
و نظراً لما شاهدوه من الأبنية،و الأساطين،و النقوش بمدينة الرقيم،زعموا أنها المكان الذى كان فيه أهل الكهف،و لعلها هى المدينة نفسها التى جاء ذكرها فى القران الكريم "أم حسبت ان أصحاب الكهف و الرقيم كانوا من اياتنا عجبا".
الحارث الثالث:أن اول من أنشأ دولة منظمة للنبطيين كان الحارث الأول،وذلك فى سنة 169 ق.م. فهو الذى صك النقود و اسوزر الوزراء.و كان الملوك النبطيين يسمون على الغالب بأسم "الحارث" و هو باليونانية "أريتاس" أو "عبادة" و هو باليونانية "أوباداس" أى مالك،و أعظم ملوك النبطين شأناً هو الحارث الثالث الملقب " فيلهيلين بن رب ايل".
تولى ملك الأنباط سنة 87 ق.م، و توفى سنة 62 ق.م و قد أستطاع الحارث بعد توليه الملك بفترة وجيزة،أن يتغلب على البقاع.ثم دعاه الدمشقيون ليتولى أمرهم و ينقذهم من ظلم بطليموس و اضطهاده،فملكهم سنة 85 ق.م.
و لما كانت دمشق عاصمة السلوقيين فقد لقبه أهلها بعد أستيلائه عليها بلقب "فيلهلين" أى محب اليونان.و قد ذاع صيت الحارث و أشتهر بقوته و عدله،حتى ان الملوك و الأمراء خطبوا وده و لجأوا إليه لينصر المظلوم على الظالم.
فقد أعان " هركانوس" على استرداد ملكه الذى اغتصبه منه أخوه "ارستوبوليس"،كما ذهب بجيوشه القوية لنجدة أهل "أورشليم" ضد الرومان.فحاصرها ليمنع الرومان من دخولها،إلا ان القائد الرومانى "سكاورس" أستطاع فك الحصار و أجبر الحارث على التقهقر إلى "فيلادلفيا" (عمان) و بعد حروب دامت ثلاث سنوات وقع اتفاق السلام بين الفريقيين.وسجل هذا الأتفاق على عملة ضربت خصيصاً لهذه المناسبة،جاء على أحد وجهيها صورة الحارث و معه جمل و شجرة عطرية،و على الوجه الثانى صورة القائد الرومانى سكاوروس.
بعد وفاة الحارث الثالث سنة 62 ق.م تولى الحكم ملوك ضعاف،حتى إن الباحثيين على ما يستحق الذكر من أخبار ملوكهم بعد الحارث الرابع الذى توفى سنة 40 م،لأن الدوله كانت قد وصلت إلى الضعف و الأنحلال،فتدخلت النساء فى شؤون الحكم و ضربت النقود بأسمائهن من أسماء الرجال،كما أشتركن معهم فى السيادة.
حضارة الأنباط:أتسع ملك الأنباط حتى شمل معظم بادية الشام،و جزءا كبيرا من الحجاز.و بذلك دخلت فى حوزتهم أشهر المدن مثل البترا و بصرى و أذرع و عمان،و جرش،و الكرك و الشوبك و أيلة و مدائن صالح،تشهد بهذا النقوش الكتابية التى عثروا عليها فىى الاثار الباقية بتلك المدن بالخط النبطى.و لعل أفضل من وصف اداب النبطين و أخلاقهم،فى القرن الأول قبل الميلاد فقد جاء ان الأنباط أغنى القبائل التى تعيش فى البادية،يقتات بعضهم بلحوم الإبل و ألبانها و بعضهم الأخر بالغنم،و تقوم ثورة الأنباط اساسا على التجارة و خاصة تجارة العطور و المر و غيرهما من التوابل التى تحمل من اليمن و غيرها إلى مصر و شواطئ البحر المتوسط و كانوا يحملون إلى مصر القار من أجل التحنيط.