قال محامي الشابة البريطانية شميمة بيغوم المعروفة بـ"عروس" تنظيم الدولة الإسلامية إنها وطفلها نقلا من مخيم الهول للاجئين بشمال سوريا لدواع أمنية وحرصا على سلامتهما عقب تلقيها تهديدات بالقتل.
ونقلت صحيفة صن البريطانية عن بيغوم قولها إنها "تلقت تهديدات بالقتل بعد حديثها عن محنتها، وهو ما جعل المسؤولين عن المعسكر ينقلونها وصغيرها إلى معسكر آخر قريب من الحدود العراقية".
وكان قرار وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد بسحب الجنسية من شميمة بيغوم قد أثار جدلا حول قضية أولئك الذين يعيشون بدون جنسية، وهو أمر يعتبره القانون الدولي غير قانوني.
وقال اللورد كارلايل، مراجع مستقل سابق لتشريعات الإرهاب في بريطانيا، إنه حال تمتع والدة شميمة بالجنسية البنغالية، وهو ما ترجحه تقارير، فالقانون في هذه الدولة يمنح الجنسية لابنتها.
لكن محاميها أكد أن الحكومة البنغالية "لا تعرفها".
وقد اتهمت ديان أبوت وزيرة داخلية حكومة الظل جاويد بانتهاك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بسحبه الجنسية من بيغوم.
ويقول منتقدو قرار جاويد إنه يخلق درجتين من المواطنة الأولى لمن ولد في بريطانيا وليس له جنسية أخرى وبالتالي فإنه ليس بوسع وزارة الداخلية سحب جنسيته، والثانية للبريطاني الذي يحمل جنسية أخرى وبالتالي فإنه يمكن سحب جنسيته.
وحتى وقت قريب كان من النادر الإقدام على خطوة سحب الجنسية في بريطانيا ففي عام 2016 سحبت الجنسية من 14 شخصا ارتفع العدد في العام التالي إلى 104 أشخاص.
وفي الوقت الذي تحدث فيه مسؤولون هولنديون عن عدم حرمان زوجها ياغو ريدجيك البالغ من العمر 27 عاما من جنسيته ودعوا لعودته ليواجه العدالة، رفضوا ذهاب بيغوم إلى هولندا وقال أحمد مركوش عمدة مدينة أرنهيم الهولندية:" ليس من حقها الإقامة في هولندا طالما ارتكبت جرائم إرهابية."
وكانت شميمة بيغوم قد قالت عقب سحب جنسيتها البريطانية إنها ستطالب بجنسية زوجها الهولندية.
وليست شميمة فقط من سحبت منها جنسيتها من المنضمين لتنظيم الدولة.
فهولندا ، بلد زوجها، كانت قد سحبت الجنسية من جهادي هولندي آهر هو "عثمان ب".
كما يواجه 13 مواطنا فرنسيا اتهامات أمام القضاء في العراق لقتالهم في صفوف تنظيم الدولة، ولم تتدخل الحكومة الفرنسية.
وفي الوقت نفسه حصلت بلجيكا على حكم قضائي في الاستئناف يحول دون إلزامها بترحيل بلجيكيتين متهمتين بالانضمام لتنظيم الدولة وأطفالهما إلى بلجيكا.
وهنا يطرح السؤال نفسه.. من هو الشخص بدون جنسية؟
يعرف القانون الدولي الشخص بدون جنسية بأنه هو من لا يتبع جنسية أي دولة، ويؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن لكل إنسان الحق في جنسية "ولا يحق حرمان أحد من جنسيته".
هل هناك من يعاني من هذا الوضع؟
تشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن هناك نحو 10 ملايين شخص من عديمي الجنسية وهم منتشرون في أنحاء العالم ومن أبرزهم:
البدون في الكويت
يشار إلى أن أكثر من 100 ألف من البدون يعيشون حاليا في الكويت، وقد أطلقت عليهم هذه التسمية منذ سنوات لكونهم لا يحملون أي وثائق تثبت انتماءهم للكويت.
وتعود أصول هؤلاء في الغالب إلى قبائل بدوية عريقة من مناطق رعي صحراوية تمتد من السعودية جنوبي وشرقي الكويت والعراق إلى الشمال، بل ويعود بعضهم إلى بادية سوريا والأردن من قبائل عربية كبيرة مثل شمر وعنزة.
ويطالب هؤلاء بالحصول على الجنسية الكويتية، لكن الحكومة تعتبرهم مقيمين بصفة غير شرعية.
الروهينجا في ميانمار
يوصف مسلمو الروهينجا بأنهم أكثر شعب مضطهد في العالم.
ووصفت متحدثة باسم الأمم المتحدة وضع الروهينجا في عام 2009 بأنهم، على ما يحتمل، "أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم".
فهم يُرفضون من البلد الذي يقولون إنه وطنهم حيث يعيش نحو مليون منهم في ميانمار، بعضهم في مخيمات لاجئين خصوصا في ولاية راخين، ويرفض نظام ميانمار منحهم الجنسية.
ولا ترغب الدول المجاورة في إيوائهم، وهم أقلية بلا دولة، أرهقها الفقر، ولا يزالون يفرون من ميانمار منذ عقود.
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن ما يواجهه أفراد الروهينجا يبلغ حد الجريمة ضد الإنسانية.
ويقول تون خين الذي يعمل في منظمة الروهينجا البورميين في بريطانيا، إنهم يواجهون أعمالا وحشية جماعية على يد قوات الأمن في الجزء الشمالي من ولاية راخين.
والروهينجا هم إحدى الأقليات العرقية الكثيرة في ماينمار، وهم يقولون إنهم ينتمون إلى نسل التجار العرب والجماعات الأخرى التي وفدت إلى المنطقة قبل أجيال.
لكن الحكومة في ميانمار تحرمهم من الحصول على الجنسية، وترى أنهم مهاجرون غير قانونيين من بنغلاديش، وهذا هو رأي كثير من السكان في ميانمار.
وفي إفريقيا وتحديدا في كينيا لا يتمتع بعض السكان النوبيين بحقوق المواطنة.
وكان الشرق الأوسط قد عرف حتى عام 2011 مشكلة من عرفوا باسم "الأكراد الأجانب" عندما قررالرئيس السوري بشار الأسد في ذلك العام إعادة الجنسية لهم وكانوا قد حرموا منها بموجب إحصاء عام 1962 الذي أُجري في محافظة الحسكة الواقعة شمال شرقي البلاد، وهي المركز الرئيسي للأكراد في سوريا، وذلك في عهد رئيس الجمهورية، ناظم القدسي، ورئيس حكومته، بشير العظمة، إبَّان فترة الانفصال عن مصر.
وفي ذلك التعداد تم إسقاط الجنسية عن الأكراد الذين دخلوا سوريا من العراق أو تركيا بعد عام 1945 أو لم يقدموا الوثائق التي تثبت غير ذلك، فضلا عن جميع الذين تخلفوا عن التعداد وكان عددهم الإجمالي يصل لنحو 120 ألف شخص.
ورأى كثير من المراقبين أن تلك الخطوة استهدفت كسب ودّ الأكراد وثنيهم عن المشاركة في الاحتجاجات التي دعا لها المعارضون لنظام الأسد.
وهكذا وبعد مرور عقود على اتفاقية عديمي الجنسية عام 1954، أطلقت المفوضة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حملة "أنا أنتمي" (#IBelong) بهدف حل مشكلة عديمي الجنسية بحلول عام 2024. وفي هذا الإطار طلبت من جميع الدول في أوروبا التوقيع على الاتفاقيتين الدوليتين: اتفاقية عام 1954 المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية واتفاقية عام 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية.