الأدوية التي تعالج الامراض النفسية

يوجد آراء مختلفة عند الناس حول الأدوية التي تستخدم في علاج الأمراض النفسية ومدى تأثيرها على العقل، ولدى البعض مخاوف بأن لهذه الأدوية آثار سلبية على العقل او أنها تسبب الإدمان على تناولها وان من يتناولها للمرة الأولى يجب أن يبقى مستمرا في تناولها.

وهذه أفكار مغلوطة والسبب يعود إلى جهل الناس بأدوية الامراض النفسية وايضا يعود إلى المعتقدات الخاطئة المنتشرة في المجتمع عن الامراض النفسية والعقلية وطبيعة علاجها ، ومن الملاحظ بان نسبة الامراض او الاضطرابات النفسية في تزايد مستمر في مجتمعنا، شأنه مثل شأن المجتمعات الاخرى،،، وتتعدد اسبابه سنذكرها في مقالات لاحقة باذن الله.
ولكل مرض نفسي علاج، شأنه في ذلك شأن الأمراض العضوية… ويبعث كثيراً من التفاؤل سأنحي كل النشرات جانباً وسأبدأ بأدوية الطب النفسي كبادرة طيبة تبعث على التفاؤل بأن لكل مرض علاجاً.

تقول المجلات الطبية الأميركية إن هناك فرداً من كل خمسة أميركيين يصاب بمرض نفسي لكن %90 من المصابين يتحسنون ويتم شفاؤهم إذا ما تلقوا العلاج الصحيح !
واكتشف الباحثون النفسيون أنه من الممكن تغيير الطريقة التي يتبعها المخ في الإنتاج والتخزين ثم إطلاق المواد الكيميائية من خلال الناقلات العصبية مما يؤدي إلى تخفيف أعراض المرض النفسي… إن الأدوية النفسية شأنها من شأن كل الأدوية والعلاجات الطبية لن تؤتي ثمارها وتحقق مفعولها قبل عدة أيام أو عدة أسابيع .
ورغم أنه من الممكن تحكم هذه الأدوية في العواطف المؤلمة والتخفيف من الأعراض النفسية إلا أنها في الوقت نفسه لها مضاعفات وآثار جانبية، وهنا لابد من الإشارة إلى أهمية تعاون المريض مع طبيبه النفساني، فالأخير سيشرح للمريض نوعية الدواء وكيفية تناوله ومضاعفاته وآثاره الجانبية المتوقعة… وهنا أود لفت نظر المرضى إلى ضرورة التشاور مع الطبيب في حالة ظهور آثار جانبية للدواء وعندئذ سينصح الطبيب إما تغيير الجرعة أو وصف دواء بديل آخر.

والأمراض النفسية متعددة، أهمها وأكثرها شيوعا:
(1) الاكتئاب..
هذا المرض يصيب 9. 4 ملايين أميركي كل ستة شهور، وهو يقود الفرد إلى الحزن واليأس والعجز والإنهاك والإحساس بالذنب… ويصبح المريض سريع الهياج وتظهر لديه أعراض ومشاكل في التغذية والنوم. وهناك بعض الحالات لا يتم علاجها بل ويتم تجاهلها مما يؤدي إلى موت المريض حيث تدفعه للانتحار. إلا أن %80 من المرضى يتجاوبون مع العلاج الذي قد يستمر لمدة ستة شهور أو أكثر حتى لو اختفت الأعراض وتلاشت.
يوجد ثلاث مجموعات من الأدوية المضادة للاكتئاب لا ننصح بتعاطيها بدون استشارة طبيب. هذه الأدوية ستخفف من المعاناة العاطفية الشديدة كما ستساعد الأفراد على التعامل مع المشاكل النفسية التي قد تكون سبباً في اكتئابهم. وذلك من خلال برنامج العلاج النفسي والذي ينصح بأن يكون مصاحباً للعلاج الدوائي.
ومن أمثلة أدوية المجموعة الأولى ما يلي:
– اميتريبتايلين
وهذه الأدوية قد تسبب في البداية رؤية ضبابية وإمساكاً وشعوراً بالدوار عند الوقوف أو الجلوس فجأة وجفافا في الفم واحتباس البول ومشاعر بالارتباك والتعرق. بل إن بعض الأفراد قد يعانون من ضربات قلب متسارعة وانخفاض في ضغط الدم وحساسية في الجلد أو حساسية من أشعة الشمس.
وللتخفيف من هذه الأعراض لا بد من زيادة كمية الألياف في الطعام والإكثار من شرب المياه وننصح بالتباطؤ عن القيام من المقعد أو الفراش.
-مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائيةSSRI
وهي أكثر انواع مضادات الاكتئاب شيوعا واستخداما واقل من غيرها بظهور التأثيرات الجانبية

(2) اضطرابات القلق والتوتر..
وتشمل اضطرابات القلق والمخاوف الوهمية (الهلع) واضطرابات الذعر والرهاب والوسواس القهري. واضطرابات ما بعد الحدث أو الصدمة (اعراض ما بعد الكرب)، ولقد بينت الدراسات أن %80 من كل البالغين عانوا او تعرضوا بطريقة أو بأخرى لاضطرابات الذعر والهلع أو القلق خلال الشهور الستة الماضية.
ويشكل القلق بالنسبة لملايين الناس حاجزا كبيرا بينهم وبين العيش بطريقة طبيعية،حيث أن المصاب بهذه الاضطرابات تنتابه نوبات الهلع والخوف المتكرره وتجعله متوترا وعصبية او حاد المزاج في تعامله مع نفسه والآخرين وقد يصاحبه آلام مزعجه ويظهر عليه الوهن والتمزق وغالباً ما يكون السبب في فقدان العمل كما أنه يؤدي إلى مشاكل خطيرة في العلاقات الأسرية.
وغالباً ما يتجاوب اضطراب القلق النفسي مع العلاج النفسي دون الحاجة إلى دواء لكن في الحالات الشديدة فإن الشخص سيكون بحاجة للدواء للسيطرة على التوتر العنيف الخارج عن السيطرة وكذلك المخاوف التي تسيطر على حياته..
وعندما يصف الأطباء النفسيون تلك الأدوية فإنها ستخفف من المخاوف وتساعد على إنهاء الأعراض الجسدية، مثل خفقان القلب وقطع النفس منها : أدوية بنزوديازيبايين المهدئة التي تقلل من الوهن والضعف وتمكن الشخص من مواجهة مرضه.
ولقد ثبتت فعاليتها في علاج القلق البسيط أو المتوسط وينصح باستخدامها لفترات قصيرة لأنها تسبب النعاس وضعف العضلات والذاكرة والتركيز إذا استعملت لمدة طويلة. ولا ينصح بتناول هذه المهدئات إلا تحت إشراف طبي لكي لا يدمن عليها في المستقبل

(3) الوسواس القهري..
هذا المرض النفسي يسبب تواجد أفكار غير مرغوب فيها ومكررة ومزعجة. كما يرغم الإنسان على تكرار بعض السلوكيات والطقوس وهو مرض نفسي مؤلم ويسبب الإنهاك وقد يتولد لدى المريض بالوسواس القهري رعباً من الجراثيم وقد يرغمه ذلك على غسل يديه مراراً وتكراراً لدرجة أن يؤدي ذلك إلى جرحهما.
ورغم أن الوسواس القهري يصنف رسمياً على أنه قلق نفسي إلا أنه يتجاوب بسرعة مع الأدوية المضادة للاكتئاب.التي لا تظهر مفعولها قبل أسبوعين أو ثلاثة إلا أنه فعال في تخفيض حدة الأفكار الخارجة عن السيطرة والسلوكيات والإزعاجات المدمرة التي تؤثر في حياة الشخص المصاب بهذا المرض.
(4) الاضطراب ثنائي القطب…
لقد سمي بهذا الاسم لأن المريض بهذا الاضطراب النفسي يتعرض للاكتئاب الحاد ويتأرجح بين إحساسين: إحساس بالاكتئاب الشديد وإحساس بأن لدية نشاطا مبالغا فيه يعرف بالهوس. وخلال فترة الهوس يصبح لدى المريض طاقة ضخمة وتنتابه أفكار الفخفخة والخيلائية
ويحس أن أفكاراً غير حقيقية تراوده مضخمة قدراته العقلية بل قد يتمادى في ذلك ويبدأ في إنشاء وتولي مشاريع خيالية غير واقعية. وقد يبدأ بعض المرضى بهذا الاضطراب في مرحلة ما بالإسراف ببذخ على نزوات طارئة مثل: شراء سيارات فاخرة عديدة رغم تواضع دخلهم وقد تمضي عليهم عدة أيام دون نوم. بل إن أفكارهم تصاب بنوع من الفوضى والتشوش ويبدأون في التحدث بسرعة وقد يصابون بالغضب إذا ما قاطعهم أحد.
الدواء المفضل لهذا الاضطراب النفسي هو الليثوم لأنه يعالج أعراض الهوس خلال 10-7 أيام. ويخفف أعراض الاكتئاب إن ظهرت، ورغم أن الليثوم فعال جداً في السيطرة على الأفكار الهوجاء وسلوك الهوس إلا أن له أعراضاً جانبية ومضاعفات تتلخص في الارتعاش وزيادة الوزن والغثيان وإسهال بسيط وطفح جلدي. ويجب على الأشخاص الذين يتناولون الليثوم أن يشربوا من 21 – 10 كوب ماء يومياً ليتجنبوا الجفاف.