مام الجوادعليه السلام ودوره في تفسيرالقرآن
الامام الجوادعليه السلام ودوره في تفسيرالقرآن
من نافلة القول إن الاَئمة من أهل البيت النبوي الطاهر عليهم السلام، هم الراسخون في العلم ، المفسرون للقرآن الكريم كما أنزله الله وأراده حقيقة ، وهم وحدهم العالمون بتأويله ، والدليل على ظاهره وباطنه .
وليس بدعاً من القول إذا سلّمنابأنهم عدل القرآن؛ للنبوي الصحيح المروي في المدوّنات الحديثية لدى الفريقين سواءبسواء ، ذلك هو حديث : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً » .
إذا علمت هذا ، فينبغي بمن هو عدل الكتاب وقرينه ، أن يكون عالماً بكل آياته ، ومحيطاً بجميع أسراره ومحكمه ومتشابهه، ناسخه ومنسوخه ، وهكذا كان أهل البيت عليهم السلام قرآناً ناطقاًيهدي للتي هي أقوم ، ويبشّر المؤمنين بخط ولايتهم بأن لهم قدم صدق عند مليك مقتدر .
وعلى الرغم من أن ما وصل إلينا عن الاَئمة الميامين
عليهم السلام بشأن القرآن الكريم وتفسيره لا يشكل إلاّ نزراً يسيراً لما يمتلكون من حصيلة علمية ، وثراء فكري ليس لهما حدود، إلاّ أن المتصدي لتفسيرالقرآن الكريم لايمكنه الاستغناء عن تفسيرهم عليهمالسلام لما فيه منسمات أصيلة لفهم كتاب الله ، أبرزها تفسيرالقرآن بالقرآن ،والقول بسلامةالقرآن من التحريف وغيرها من المبادىَ الاَساسية لادراك معاني الكتاب الكريم .
وإمامنا الجوادعليه السلام هو واحد من تلك الكوكبة ، لا يمكن الاستغناء عما وصلنا عنه في التفسير بحال ، وهو كثير جداً لواستُخرج من مظانه ، وجُمع شتاته .
ومن أمثلة تفسيره عليه السلام، ما نقله الكليني في الكافي بسنده عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري الذي قال :
قلت لاَبي جعفرعليه السلام سائلاً عن معنى : (لا تُدرِكُهُ الاَبصَارُ وهو يُدرِكُ الاَبصارَ).
فقال عليه السلام: « يا أباهاشم ، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند ،والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف أبصارالعيون ؟ ! » .
ونقل شيخ الطائفة في تهذيبه ، بسنده عن السيد
( عبدالعظيم بنعبدالله الحسني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنّه قال : سألته عمّا أُهلّ لغير الله .
قال : « ما ذُبح لصنم أو وثن أو شجر ، حرّم الله ذلك كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير ( فَمن اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه)أن يأكل الميتة » .
قال : فقلت له : يابن رسول الله ، متى تحلّ للمضطر الميتة ؟
فقال : « حدّثني أبي عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل فقيل له :
يا رسول الله إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة ، فمتى تحلُّ لنا الميتة ؟
قال : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفوا بقلاً ، فشأنكم بهذا » .
قال عبدالعظيم : فقلت له : يابن رسول الله فما معنى قوله عزَّ وجلَّ : (فَمنِ اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ ) ؟
قال : « العادي : السارق ، والباغي : الذي يبغي الصيد بطراً ولهواً؛ ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذااضطرّا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ،وليس لهما أن يقصّرا في صوم ولا صلاة في سفر » .
قال : قلت له : فقول الله تعالى :
( والمنخَنِقَةُ والموقُوذَةُ والمتردِّيةُ والنَّطيحَةُ وما أكلَ السَّبُعُ إلاَّ ما ذكَّيتُم ) .
قال : « المنخنقة : التي انخنقت بأخناقها حتى تموت .
والموقوذة : التي مرضت ووقذها المرض حتى لم تكن بها حركة .
والمتردّية : التي تتردّى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردّى من جبل أو في بئر فتموت .
والنطيحة : التي تنطحها بهيمة اُخرى فتموت .
وما أكل السبع منه فمات .
وما ذُبح على حجر أو على صنم، إلاّ ما أُدركت ذكاته فذُكيّ » .
قلت : ( وأن تستقسمُوا بالاَزلامِ ) ؟
قال : « كانوا في الجاهلية يشترون بعيراً فيما بين عشرة أنفس ، ويستقسمون عليه بالقداح ،وكانت عشرة ، سبعة لهم أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها .
أما التي لها أنصباء : فالفذّ، والتوأم ، والنافس ، والحِلس ، والمسبل ، والمعلّى ، والرقيب
. وأما التيلا أنصباء لها : فالسفح ، والمنيح ، والوغد .
وكانوا يجيلون السهام بين عشرة ، فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها أُلزم ثلث ثمن البعير ، فلا يزالون كذلك حتى تقع السهام التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة ، فيُلزم ثمن البعير ، ثم ينحرونه ويأكل السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئاً ، ولم يطعموا منه الثلاثة شيئاً .
فلما جاءالاِسلام حرّم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرّم ، وقال :
( وأن تستَقسِمُوابالاَزلامِ ذلِكُم فسقٌ) يعني حراماً » .
نسألكم الدعاء