سينمات بغداد في الجيل الماضي ٨٢ دار سينما ببغداد سنة ١٩٥٠!!




عرف البغداديون السينما الناطقة في بداية الثلاثينيات عندما عرضت سينما الوطني في يوم عيد الفطر الموافق 19 شباط 1931 الفيلم الغنائي (ملك الموسيقى) فكان هذا حدثاً مهماً في تاريخ السينما في العراق، اذ انبهر جمهور المشاهدين لهذا الحدث غير الاعتيادي، الذي ادى الى انحسار الافلام الصامتة تدريجياً وافولها بعد ان كانت هي السائدة على شاشات العرض السينمائية،
فأصبح لهذا النوع من السينما روادها المعجبون بها، مما حفّز على التوسع بانشاء دور جديدة للعرض السينمائي في مدينة بغداد.
ويمكن القول ان ادارات دور العرض السينمائية كان معظمها تابعة للقطاع الخاص الذي اظهر نشاطاً ملموساً منذ بداية الثلاثينيات في انشائها، ومن اهم تلك الدور السينمائية هي :
1. سينما الرافدين : اسست عام 1932 تقع في شارع الرشيد.
2. سينما الملك غازي : اسست عام 1934 من قبل نعيم شاؤول العزيز، وتقع في الباب الشرقي في راس شارع الملك غازي، كان عدد مقاعدها (1050) في الصالة و 1580 في البلكون وفيها (25) لوجاً عدد مقاعد اللوج الواحد فيها (4) مقاعد.

3. سينما الحمراء : يرجع تأسيسها الى عام 1935، وتقع في شارع الرشيد بالقرب من جامع مرجان مؤسسها اسماعيل شريف عدد مقاعدها (1000) مقعداً.
4. سينما الزوراء : تأسست عام 1936 في شارع الرشيد محلة المربعة، واصحابها، الياس دنوس وسليم شوحيط.
5. سينما روكسي وسينما ركيس التي تأسست عام 1936 في شارع الرشيد بإدارة عبد الجبار سبع.
وشهد عام 1937 تأسيس سينما جديدة في شارع الرشيد عرفت بسينما الرشيد، عدد مقاعدها (1200) مقعدٍ، مؤسسها انطوان مسيح وسودائي اخوان. زيادة على ذلك كانت الافلام السينمائية تعرض في دور العرض الصيفية وقاعات بعض المدارس الثانوية في بغداد لاسيما المدرسة الجعفرية والتفيض. وفي عام 1939 اعيد تأسيس سينما الوطني من قبل شركة السينما البغدادية براسمال قدره (35) الف دينار تقع في شارع الرشيد في محلة سيد سلطان علي.
وفي الاربعينيات تأسست في بغداد عدة دور للعرض السينمائي كان من اهمها: سينما ديانا التي انشأت عام 1943، وتولى ادارتها صائب الجصاني، وكان عدد مقاعدها (976) مقعداً، وفي عام 1944 أسست سينما دار السلام من قبل عبد الرزاق الشيخلي في شارع الملك غازي محلة قهوة شكر، وكان عدد مقاعدها (1150) مقعداً.وحاولت السفارة البريطانية استخدام السينما كوسائل دعائية لحلفائها اذ اهتمت بعرض الافلام السينمائية في دور العرض وفي الاماكن العامة.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية شهدت بغداد تأسيس دور عرض جديدة بفعل الاقبال المتزايد على السينما التي اصبحت من الوسائل التعليمية والتثقيفية المقبولة لدى قسم من الشرائح الاجتماعية المثقفة الى جانب اهدافها الترفيهية المعروفة. ومن ابرز هذه السينمات: سينما الارضوملي التي تم تأسيسها عام 1946 من قبل قدري الارضوملي وتُعد أول سينما في جانب الكرخ، وفي عام 1947تم افتتاح سينما الفردوس وسينما النصر في شارع الملك غازي محلة الهيتاويين. وشيدت في بغداد عام 1948 سينما النجوم التي افتتحتت عام 1949 وتقع في شارع الملك غازي محلة السنك، وتعود ملكيتها الى حبيب الملاك ويديرها سليم الاطرقجي. تخصصت في بدايتها بعرض الافلام العالمية ثم عرضت بعد ذلك الافلام العربية لاسيما المصرية منها وكانت تضَّيف الفنانين المصريين عند العرض الاول للفلم العربي في سينمات بغداد لاغراض دعائية.
كانت دور السينما في بغداد في تزايد مستمر فقد بلغ عددها حتى كانون الثاني عام 1950 حوالي (82) داراً للسينما منها 41 سينما صيفي مكشوفة. وكان معظم هذه السينمات يمتلكها اليهود او تدار من قبلهم. وافتتحت عام 1949 سينما ريجنت في الصالحية بالقرب من تمثال الملك فيصل الاول.

وفي عام 1956 افتتحت سينما الخيام وهي سينما متطورة جداً من حيث مقاعدها ومزينة بالرسوم والصور وتقع في زقاق متفرع من شارع الرشيد.
لقد كانت السينما مثار اهتمام ابناء المجتمع البغدادي على اختلاف فئاتهم الاجتماعية، لذلك تهافتوا على مشاهدة الافلام السينمائية وارتياد دور العرض. وكان اكثر رواد هذه السينمات هم : التجار والملاكون والمعلمون وطلبة المدارس والمثقفون والاطفال والنساء على شكل عوائل في لوجات خاصة او يجلسون في المقاعد الامامية. وتكون اغلب تلك السينمات محتشمة بروادها منتظمة لا يسمح للمتفرجين بالتعليقات البذيئة او السمجة وفي حالة حدوث ما يخالف الآداب العامة يقوم المسؤولون باخراج من يسئ السلوك فيها فوراً. وتتوفر فيها النظافة والشروط الصحية وهي خاضعة لمراقبة الدولة، لذلك كانت السينما مكاناً للقّاء واللهو البريء المحبب لكل الأسر حيث تجد الاسر ملاذها في الانس الاسبوعي داخل الصالة، وكانت هذه الظاهرة شائعة في دور السينما في جميع المدن العراقية.
وكانت السينمات تقسم على ثلاث درجات اولى وثانية وثالثة حسب مواقع مقاعدها والواجها (مقصوراتها) وتوفر الخدمات الضرورية فيها وتعرض افلاماً متنوعة في اوقات معلومة لروادها في الساعة العاشرة والنصف صباحاً وفي الساعة الثانية والنصف ظهراً وفي الساعة الرابعة والنصف وفي السابعة والنصف مساءً وفي الساعة التاسعة والنصف ليلاً.

وكانت تستعمل وسائل دعائية لجذب المشاهدين عن طريق الصحافة او التجول في الشوارع بوساطة بعض المنادين الذين يستأجرون العربات للسير في شارع الرشيد من باب المعظم الى الباب الشرقي او يقفون امام دور العرض ويلفتون الانتباه الى الافلام السينمائية لغرض جذب المتفرجين. وتختلف اسعار تذاكر دخول السينمات حسب درجاتها فمثلاً اجرة المقصورة المكونة من (4) كراسي كان(550) فلساً واجرة كرسي في موقع ممتاز كان يبلغ (130) فلساً.