الافتراض الخاطئ
الكون عبارة عن امرأة ورجل، يكمل كل منهما نقص الآخر، والعلاقة بينهما ليست علاقة تفاضل، وإنما علاقة تكامل؛ فالرجل لن يشعر بكيانه ورجولته في غياب المرأة، والمرأة لن تحس بأنوثتها بدون الرجل ولا تبدأ المشكلات بين الزوجين في الظهور، إلا عندما ينسى كل من الرجل أو المرأة أنه مختلف عن الآخر، وأن لكل منهما طبيعة خاصة به؛ فيتوقع من الآخر فعلاً أو رد فعل معين يتناسب مع طبيعته هو، ثم يكون الفعل غير ما توقع؛ فالرجل يريد من المرأة أن تطلب ما يود هو الحصول عليه، وتتوقع المرأة منه أن يشعر بما تشعر هي به، وكل منهما يفترض خطأً أنه إن كان الآخر يحبه فسوف يتصرف بنفس الطريقة التي يتصرف فيها هو عندما يعبر عن حبه وتقديره، وهذا الافتراض الخاطئ هو ما يسبب لصاحبه خيبة الأمل المتكررة؛ فالخلاف بين الرجل والمرأة يمكن علاجه حين يفهم كل طرف خصائص الطرف الآخر ودوافع سلوكه، والتي تبدو غير مبررة للآخر، ولتلافي كثير من المشكلات، ولخلق جو من الحوار المثمر والفهم المتبادل، كان من الواجب على كل طرف أن يتعرف على معالم الفروق بينه وبين الآخر، وكيفية التعامل مع طبيعة كل منهما، ويكونا أكثر قدرة على تحليل وتفهم السلوكيات التي يقوم بها أي منهما، بالتالي سيكون أكثر قدرة على اتخاذ رد الفعل المناسب؛ فالاختلاف الجسدي والعضوي بين الرجل والمرأة، له تأثير نفسي على الطرفين، وتظن بعض الزوجات أن زوجها قد تغيرت مشاعره تجاهها أو العكس، والحقيقة أن السبب الأساسي هو أن الرجل يحتاج أن يتصرف وفق طبيعته كرجل، كما تحتاج المرأة أن تتصرف وفق طبيعتها كامرأة، ومن الخطأ أن ينكر أحدهما على الآخر هذا الحق، ولا بد أن يراعي الفرق الشاسع بأسلوب التفكير بينهما، والاختلاف في وجهة نظر كل منهما للأمور؛ فمثلاً الرجل مهيأ للتفكير في حل المشاكل، بينما المرأة مهيأة للقيام بالأعمال، كما أن المرأة لا تأخذ الأمور كما يأخذها الرجل؛ فهي تحب التفاصيل، بينما الرجل تكفيه النظرة العامة؛ فلا يهمه ماذا يوجد داخل المنزل، بقدر ما يهمه أن يؤمن مستقبل البيت؛ فهو يهتم بأساسيات المشكلة، لكن المرأة تهتم بالتفاصيل، وتعطيها أهمية أكبر من صلب الموضوع، والرجل يحتاج إلى وقت أكثر حتى يجمع عواطفه ثم يخرجها؛ فيعبر عن عواطفه بالعمل، أما المرأة فتعبر عن عاطفتها بالكلام؛ فكل من الرجل والمرأة يتكلم لغة خاصة به، وقد لا يفهم كل منهما الطرف الآخر؛ مما يسبب سوء الفهم بينهما.
ولو راجعنا أكثر الخلافات الزوجية التي انتهت بالطلاق، سنجد معظمها أمورًا كانت تافهة تطورت تدريجيًا حتى تعذر إصلاحها.. وحتى نصل إلى تحقيق زواج ناجح بلا أمراض ولا شروخ ولا تصدعات، على الأزواج أن يدربوا أنفسهم على أسلوب الحوار المنطقي والهادئ؛ ليخرجوا من حالة التمزق والتشتت ويتحرروا من الحلقة المفرغة والمفزعة؛ حتى لا يكون الفرق شاسعًا بين الواقع والحلم، وتضطرب المشاعر وتتضارب الأحاسيس ويثور الوجدان على أمنيات لن تتحقق.
بقلم / أميمة عبد العزيز زاهد