المرأة الريفية في العراق رهينة الهيمنة الذكورية
الحب والدراسة وقول الرأي والتنزه في المناسبات من المحرمات على المرأة الريفية, فهي تعيش حياةً لا تختلف عن حياة الجواري والعبيد, وقبل بزوغ الفجر تنهض أم محمد, التي تعيش في منطقة (ص) شمال بغداد تذهب لحلب الأبقار والأغنام, بمساعدة بناتها" شيماء، رحاب, وعبير" لتعود على عجلة من أمرها لتصنع الفطور لزوجها وتوقظه بصوت هادئ وذليل تغسل قدميه ووجهه ليتناول إفطاره، وإن كان مزاج ابو محمد ليس على ما يرام في ذلك الصباح لأي سبب كان، فلا يتردد بضربها فهو يفرغ غضبه فيها وفي اطفالها, وتجلس قربه لحين تناوله الفطور وعندما يكمل تسكب له الماء ليغسل يديه ليذهب الى الديوان عند شيخ العشيرة ليتبادل أطراف الحديث مع رجال القرية ويشرب قهوته معهم.
زواج الفصلية
وهناك حياة قاسية جديدة وهي تزويج الفتاة الريفية وهي إعطاؤها كـ(فصلية) لدى اجراء فصل عشائري لحقن الدماء في حالات القتل وتكون جزءا من (دية) الفصل وتعامل غالبا بازدراء وسلبية.
زواج القاصر بالإكراه
اما الصيغ الاكثر انتشارا في الريف فهي تزويج الفتيات في سن مبكرة جدا وتعدد الزوجات فهناك مثل يقول بان القروي اذا تحسنت حالته المادية فاما يشتري بندقية او يتزوج بامرأة اخرى، ورغم صحة المثل الا ان الرجال في الريف لا يهمهم حتى موضوع المال لو فكروا في الزواج بامرأة اخرى فالزواج الريفي اقل تكلفة من الزواج الحضري .
الناشط المدني والمحامي هاني أحمد يقول في حديث لـ دواڕۆژ، للإسف المرأة الريفية ضحية للظروف التي يمر بها البلد باستمرار، ابتداء من كونها ام ثكلى وارملة كتب لها ارتداء الثوب الاسود طوال عمرها، وتربية الابناء بين عمومتهم، فمن المعيب في الريف زواج الارملة بآخر الا اذا كان شقيق زوجها".
ويضيف "لكن اكثر ما اوقع المراة الريفية ضحية لجهلها وولائها للرجل هو وقوعها بين براثن تنظيم القاعدة الذي اكتسح الارياف العراقية فقد سلبها حريتها بشكل كامل وجعلها اسيرة نقاب وصمت كامل ثم حولها الى أداة لتنفيذ عملياته الانتحارية".
ويقترح أحمد "قيام المنظمات والجمعيات الحكومية بتنظيم ندوات وجولات في القرى والمناطق الشعبية لتوعية السكان بضرورة نبذ العادات البالية فيما يخص الزواج للقاصر، وأقترح أيضا تضمين المناهج الدراسية الجديدة مواد عن حقوق المرأة والمعاناة التي تواجهها بسبب التقاليد البالية، وتوعية الطلبة بكيفية محاربة هذه التقاليد لئلا يكون احدهم يوما ما ضحية لها".
يوميات الفلاحة العراقية
الفلاحة " أم محمد" تذهب مع أولادها وبناتها الى الأرض الزراعية تحصد السمسم أو الحنطة والماش كل محصول حسب موسمه، حتى مغيب الشمس, وان تلكأت في العمل أو تذمرت فله الحق ان يتزوج بأمراة ثانية وثالثة ورابعة، الشرع يحق لي ذلك هكذا يقول في هذه المواقف، ولكن أين الشرع في تصرفاته عندما يأتي العيد ولا يشتري لها الثياب الجديدة او عندما تمرض لا يأخذها إلى الطبيب، ويعتبر أبو محمد طيب القلب مقارنة بحميد المتزوج من أربعة نساء وتعامله السيئ مع جميع زوجاته وبالذات مع زوجته أم تبارك, التي لا تنجب له سوى البنات الذي يكرههن كرها لا يختلف عن كره الجاهلية حين كانوا يدفنون البنت في التراب بعد ولادتها, أم تبارك عندما أنجبت الابنة الخامسة وبعد أربعة أيام كعادة كل امرأة ريفية تذهب إلى الحقل، ولا يحمد الله على هذه النعمة التي يتمناها الكثير من الرجال الذين يتمنون ان يرزقهم الله طفلاً يناديهم بابا، فبعد إنجابها البنت الخامسة كانت مريم ذات العينين الخضراء وهي مريضة في القلب بمرض وراثي في العائلة بسبب زواج الأقارب أنجبتها أمها.
إزدياد ظاهرة إنتحار النساء في الريف
في السنة الماضية فقط كان هناك انتحار ثلاث فتيات بعمر الربيع في قضاء (.....) المعروف بتشدده الإجتماعي، الفتيات إنتحرن بسبب رفض ذويهن يزويجهن بمن يحبن, والحب في الريف يختلف عن العاصمة والمدن المتحضرة الأخرى يقتصر على النظرات بين الحبيبين عندما يراها تجمع الحطب او حين تملأ الأواني بالماء من الساقية مع بنات القرية, والخطاب الديني والعشائري وراء عقدة حرية المرأة في الريف، فلم تنفع مشاريع الحكومة في منح نساء الريف قروضاً لتتحول إلى منتجة في مجال الصناعة والزراعة، والحصة الأكبر للرجل الذي يعد نفسه الرب والقاضي وصاحب السلطة في كل شئ.
مشروع توعية
وزارة الدولة لشؤون المرأة أطلقت في وقت سابق مشروعا يهدف إلى تنمية وتطوير واقع المرأة الريفية، من خلال استحداث مراكز متخصصة في المحافظات التي تسهم فيها بدور متميز، والمشروع يقضي بإنشاء صندوق خاص لإقراض المشمولات ضمن المبادرة الزراعية، لتمكينهن من تنفيذ المشاريع التي يرغبن بها في محاولة ليكون للمراة الريفية دور في المجتمع وتحقيق ذاتها.