أكراد يفضّلون الزواج من نازحات عربيات




بغداد – خلود العامري
التفت ريباز حمه مبتسماً حين شاهد عائلة زوجته القادمة من الأنبار في زيارة سريعة إلى السليمانية لتفقّد أحوال ابنتهم هناء، التي تزوّجها قبل 7 أشهر تزامناً مع عودة أفراد هذه العائلة إلى ديارهم الذي غادروه بعد دخول تنظيم «داعش» اليه منذ أكثر من عامين. وعادوا اليها مجدداً بعدما نظفها اختصاصيون من القنابل غير المنفجرة.
بدا الشاب الكردي متحمّساً وهو يساعد العائلة في حمل الحقائب إلى الباص القريب، قبل أن يبادره أهل زوجته بالسؤال عن أحواله وأحوال زوجته الحامل، فأجابهم بفرح «زور خوشا» وتعني بالعربية «جيدة جداً».
حين فكّر ريباز بالزواج اختار، هناء التي التقاها مع عائلتها صدفة في إحدى الأسواق، ثم تعززت علاقته بالعائلة النازحة فتقدّم للخطبة الابنة وتزوجها قبل انتهاء رحلة نزوح أهلها والعودة إلى الديار.
تفرض التقاليد الكردية على العريس مهراً كبيراً لعروسه وكميات ذهب مبالغاً بها، تبدأ من الحزام الكردي الذي يزن 100 غرام على أقل تقدير، و250 غراماً في حالات أخرى، ولا تنتهي قبل أن يشتري العريس كيلوغراماً من المعدن الأصفر لعروسه. أما العائلات الفقيرة فغالباً ما تكتفي بـ200 غرام. وأضافت هذه الأمور عبئاً على كاهل العريس، الذي بات يفضّل البحث عن رفيقة درب من خارج قوميته.
ويُعد ريباز واحداً من مئات الشباب الأكراد الذي اقترنوا بعربيات نازحات من الموصل وتكريت والأنبار، اقتنعن بإمكانات عرسانهن المتواضعة التي اعتدنها في المدن التي نزحن منها. لكن بالنسبة للرجل الكردي كانت مثل تلك العروس فرصة لا تعوّض، فلم يجد من تقبل كردية بمهر متواضع أو قطع ذهب متفرّقة أو خاتم الزواج وقرطين مثلما تقبل نازحات وعائلاتهن.
حالة التواضع تلك لا تنطلق دوماً من وضع العائلة كونها ضيفة ونازحة وتريد ان تستر بناتها، كما يقولون في الأمثال الشعبية. فمسألة التفاهم على مهر بسيط أو رمزي تكاد تكون مألوفة لدى عائلات عراقية كثيرة، لا سيما في حال اتفاق الشابين على ذلك. أما في كردستان فلا تزال ظاهرة ارتفاع المهور ومتطلّبات الزواج، لا سيما كميات الذهب التي يتوجّب شراؤها للعروس من أسباب تأخّر الزواج هناك.
عن مسألة زواجه يوضح ريباز لـ «الحياة»: «لم تطلب هناء وعائلتها إلا خاتم الخطوبة. وعلى رغم ذلك صممت على شراء قطع ذهبية أخرى تقديراً لها، ولعائلتها التي قالت أنها تكتفي بأخلاقي وبتواضع عائلتي». ويضيف: «شجعني أحد أصدقائي على الارتباط بفتاة عربية نازحة، بعدما سبقني إلى هذه الخطوة، ووجدت أنه كان محقاً.
فبدلاً من الانتظار سنوات خمساً أو ستاً كي أتمكّن من جمع مهر زوجة المستقبل، اقترنت قبل الموعد بفتاة أبهرتني بالفعل بقناعتها، ليس بمتطلّبات الزواج البسيطة بل بحاجات البيت اليومية أيضاً. فهي اقتصادية ولا تشتري إلا ما تحتاجه على عكس كثيرات من زوجات أصدقائي».
كان الشاب الكردي يتواصل مع زوجته عبر الهاتف قبل أن يستدير صوب صديقه الذي حضر معه لاستقبال عائلة حميه بسيارته الخاصة، ويهمس في أذنه «اختصر الطريق على نفسك وافعلها. يمكنني أن أبحث لك عن عروس مناسبة بين صديقات زوجتي».
ضحك الشاب، وأجـابه: «لقد جمعت نصف مهر الفتاة الكردية التي أحببتها وأحتاج إلى بعض الوقت لإكماله، لا تقلق».