المرأة الريفية بالعراق.. واقع صعب فرضته ظروف قاهرة

أميمة يونس-بغداد
بصوت ينمّ عن قوة لافتة، بدأت الفلاحة الأربعينية سميعة حديثها معنا عبر الهاتف مؤكدة أن قرار العمل في الزراعة لم يكن خيارها بل نتيجة ظروف عائلية أجبرتها على مساعدة والدها المزارع الكبير بالسن.

تقول سميعة "بدأت العمل وأنا في سن المراهقة، وتحديدا بعد إكمال دراستي الابتدائية، فكنت أعمل بمعية أبي وأخي الأكبر، بينما يتابع بقية إخوتي دراستهم".
وتعترف السيدة التي نزحت وعائلتها من منطقة المخلبي التابعة لناحية الضلوعية بمحافظة صلاح الدين (شمال
بغداد) بأن المرأة في الريف تعاني الأمرين، بسبب صعوبات العمل في مهنة الزراعة التي تتطلب منها سقي وجني المحاصيل بالإضافة لرعي الأغنام.

وعن وضعها في ظل الظروف الأمنية الراهنة، قالت إن الوضع سيئ للغاية "فقد خسرنا الكثير بعد سيطرة
تنظيم الدولة الاسلامية إثر خروجنا من مناطقنا" لافتة إلى أن عودة الحياة لطبيعتها باتت أمرا صعبا للغاية، بعد أن حالت أطراف (لم تسمها) دون عودتهم إلى ديارهم والعمل في حقولهم من جديد.

واقع صعب
وبينما يحتفل العالم في الـ15 من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام باليوم العالمي للمرأة الريفية، يقول رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية حسن التميمي إنه لا يمكن إنكار الواقع المتردي الذي تعيشه المرأة الريفية في
العراق، مؤكدا فشل المؤسسات الحكومية والبرلمانية في وضع التدابير والخطط اللازمة من أجل إنقاذ المرأة الريفية من واقع الظلم والتخلف الذي تعيشه النساء في البلاد.

ويوضح التميمي أن "نسبة مجتمع الريف في البلاد تصل الى 42%، والمرأة الريفية تمثل نصف هذه النسبة التي تمتهن الزراعة وأنواعا أخرى من الأعمال التي تشارك الرجل بها" لافتا إلى أن "جميع الخطط التي تقدموا بها للحكومة لم تطبق بشكل فعلي، خاصة وأن قطاع الزراعة تحكمه تقاليد وظروف تختلف عن البلدان الأخرى".
وتتفق عضو لجنة الزراعة والمياه النائبة شروق العبايجي مع التميمي بشأن الواقع السيئ الذي تعيشه المرأة الريفية بالعراق، وتقول "للأسف لا نمتلك إحصائية دقيقة عن أعداد النسوة العاملات في الزراعة من أجل وضع الحلول لمشاكلهن".

ولفتت إلى أن "المرأة الريفية أصبحت ضحية بسبب التقاليد والانتهاكات التي تمارسها العشيرة بحقها" وعن دورهم في حمايتها، قالت "نعجز عن تقديم المساعدة، في ظل عدم وجود مخصصات مالية، كذلك لا توجد جهود من الحكومة لإيقاف هذا التدهور".

وتعاني المرأة الريفية في العراق من الإهمال والجهل والتخلف وانعدام
الرعاية الصحية، فضلا عن عودة الأعراف العشائرية التي جعلتها تدفع ثمن أخطاء الآخرين بغياب قوانين تحفظ لها حقوقها.

وعن واقع القطاع الزراعي، أكدت العبايجي "بالرغم من طرح العديد من المشاريع والإستراتيجيات للنهوض بهذا القطاع الذي يعاني تدهورا كبيرا بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية، لكن لم نلمس أي تغيير على أرض الواقع بسبب الفساد المستشري".

الحروب والحصار
من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أن فترة التسعينيات وما بعد عام 2003 شهدت تدهور القطاع الزراعي في البلاد، موضحا أن "الحروب والحصار الاقتصادي والهجرة من الريف للمدينة أسهمت في انحسار دور الزراعة في الناتج المحلي".

ولفت الهنداوي إلى أن "نسبة
الفقر في الريف أعلى منها في المدينة، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على المرأة الريفية التي يقع على عاتقها العديد من المسؤوليات" مؤكداً أن "خطط الوزارة في محاربة الفقر جزء منها موجه لتمكين المرأة باعتبارها تواجه مصاعب أسوة بالرجال".

يُذكر أن الحروب وعمليات العنف والسياسات الزراعية الخاطئة للحكومات ساهمت في تردي الواقع الريفي العراقي، وانعكس ذلك على المرأة التي تعد عنصرا مهما في الريف نظرا للمهام والواجبات التي تقوم بها في البيت وفي مجال الزراعة.


المصدر : الجزيرة