العباءة الرجالية.. زي العراقيين في الأعياد والمناسبات
عرفت العباءة بأسماء عدة حسب خيوطها وجودتها ومكان صناعتها
بغداد – محمد البغدادي – الخليج أونلاين
اعتاد العراقيون على ارتدائها في الأعياد والمناسبات المختلفة، حيث تمثّل زينة ووقاراً للرجل، فضلاً عن أنها تراث تمتد جذوره إلى أعماق التاريخ. إنها العباءة الرجالية، والتي أصبحت يوماً بعد يوم تحتل مكانة مهمة كزي شعبي في العراق.
وتعتبر العباءة الرجالية مكمّلة لأناقة الرجل العربي، وما تزال صامدة أمام أنواع الأزياء والموديلات التي تغزو الأسواق العراقية، وما تزال تلقى رواجاً وإقبالاً، ليس فقط من قبل رؤساء القبائل والشيوخ وسكان القرى والأرياف؛ بل أصبحت تنتشر في أوساط الشباب، مراسل "الخليج أونلاين" تجوّل في سوق "السربادي" في مدينة الكاظمية وسط العاصمة العراقية بغداد، والتقى بعدد من صنّاع العباءات الرجالية.
يقول الحاج حسين شريف العبايجي، أحد خياطي العباءة في الكاظمية: "إن خياطة العباءة الرجالية مهنة مرتبطة بتراثنا الـشعـبي العـريق، ولـم يطـرأ تغـيير كبير على مستلزمـاتها أو أدواتها، فهي عملية يدوية، وتعـتمد الإبرة والخيط والقماش".
وأضاف: "توارثنا هذا العمل جيلاً بعد جيل؛ لأن الذي يعمل بهذه الحرفة يجب أن يكون خبيراً بها، لأن أي خطأ قد يؤدي إلى خسائر مادية كبيرة"، مستطرداً بالقول: "مع اقتراب عيد الفطر المبارك يزيد الطلب على الكلبدون والوبر والهربد في العراق والخليج العربي".
وعن مراحل صناعتها يقول الحاج حسين: "تُستخدم خيوط الصوف في صناعة نسيج العباءة، إذ تستغرق نحو 10 أيام لحياكتها، و10 أيام أخرى لخياطتها، حيث يتم غزل الصوف على شكل خيوط رفيعة، ثم تتم الحياكة، وفي الوقت الحاضر البعض يستخدم النسيج الصناعي المخلوط بمادة النايلون، ولكنه غير مرغوب، ونفضّل استخدام الصوف فقط"، مستدركاً: "عرفت العباءة بأسماء عدة حسب خيوطها وجودتها ومكان صناعتها، منها البغدادية والنجفية والدكاك والبشت والكرناوي". ويرتبط سعر العباءة بشكل أساسي بالخيوط التي تُطرّز بها حاشيتها، مثل خيوط الذهب، وخيوط الحرير، وخيوط البريسم، وخيوط الهدهد".
وتابع العبايجي حديثه قائلاً: "العباءة كلما كانت خفيفة كان السعر مرتفعاً، ويبدأ سعرها من 200 دولار إلى 3000 دولار، أما أكثر الألوان رغبة فهما اللونان الأسود والأحمر، وهنالك نقوش معتمدة لحياكة العباءة تختلف بين محافظة وأخرى"، مؤكداً أن "الحروب والاقتتال الطائفي أثّر بشكل كبير في صناعة العباءة الرجالية، وخاصة في بغداد، التي كانت مقصداً لكثير من شيوخ ووجهاء محافظة الأنبار وصلاح الدين".
وأشار العبايجي إلى أن "العباءة العراقية تقسم إلى أربعة أقسام بحسب فصول السنة والمناسبات الخاصة؛ فمنها الصيفية، وتسمّى "البشت"، وتتميز بخفة وزنها وخيوطها الناعمة، ومنها "البهاري" التي تُلبس في فصلي الربيع والخريف، ومنها "الدك" التي تُرتدى في الشتاء، ويتجاوز وزنها 3 كغ، وجميع خيوط العباءة من وبر الإبل والخراف، بعد صباغتها باللون الذي يرغب به الزبون أو التاجر الذي ينقلها إلى مدن أخرى لبيعها".
وختم حديثه بالقول: "تختلف العباءة الرجالية في العراق من محافظة إلى أخرى من حيث الشكل أو اللون، فمنها عباءة البريسم التي تُطرّز بخيوط الحرير بلون العباءة، وهو ما يفضّله أبناء وسط وجنوب العراق، في حين تُطرّز العباءة التي يرتديها الرجال في بادية العراق الغربية، وكذلك دول الخليج العربي، بخيوط الفضة المطلية بلون الذهب، والذي يُسمّى الكلبدون".
إلى ذلك قال الحاج علي الكناني، صاحب أحد المحلات لبيع العباءة العربية: "إن تجارة العباءة الرجالية ازدهرت أكثر في الوقت الحاضر بعد دخول الآلات الحديثة المستخدمة في الحياكة، وإن الكثير من صنّاعها تركوها لأن ربحها أصبح قليلاً"، لافتاً إلى أن "شيوخ العشائر وأهالي الأقضية والنواحي هم الأكثر استخداماً للعباءة كونها الزي الرسمي لهم".
وتعتبر صناعة العباءة الرجالية من الصناعات التي انتشرت في محافظات الجنوب، وانتقلت إلى بغداد في خمسينيات القرن الماضي، وما زالت أسواقها قائمة في الرصافة والكرخ في العاصمة العراقية بغداد.