عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ، رأيت أنه يخشى الله". (صححه الألباني في صحيح الجامع).
الشيخ محمد رفعت
من منا لا يَطرَبُ وهو يستمع إلى سورتي الكهف ومريم بصوت الشيخ محمد رفعت؟ ومن منا لا يشد آذانه صوت الأذان بصوت الشيخ محمد رفعت؟ ومن منا لا يشتم نفحات شهر رمضان عند سماع الشيخ محمد رفعت؟
توفي قبل 63 عاما، إلا أنه يظل حتى الآن أعذب القراء صوتا، وأجملهم تلاوة، ورغم أن أغلب من يسير اليوم على الأرض لم يدرك الشيخ في حياته ولا يعرفه إلا من تسجيلاته، إلا أن الأبدان تقشعر والقلوب تهتز عند سماع صوته وهو يتلو آيات القرآن .. فأي قلب حمله الشيخ .. وأي إخلاص قد بلغ به هذه المنزلة العالية بين الأجيال.
تشعر عند سماعه أنه يفسر السورة لا يتلوها فحسب، حتى قيل عنه أنه أعلم قراء زمانه بالوقف والابتداء، وقد عُرف عنه أنه كان يطوِّع صوته للقرآن لا العكس كما يفعل كثيرا من القراء اليوم، فيضبط مقامات الصوت لتتفق مع الأحكام.
مآثر الشيخ محمد رفعت
من مآثر الشيخ محمد رفعت رحمه الله أنه كان ورعا تقيّا زاهدا، حتى بلغ من فرط ورعه وتقواه أنه استفتى الشيخ المراغي -شيخ الأزهر وقتذاك- عن حكم افتتاح الإذاعة بقراءته، تحريا للحلال والحرام وبعدًا عن الشبهات، حيث كان أمرا مستجدا على الناس في زمانه.
يُذكر أن أحد الأثرياء قد دعاه للقراءة يوما في مناسبة ما، فلما انتهى الشيخ من تلاوته أعطاه الثري أجر وقته الذي قضاه في التلاوة، وكان الشيخ (رفعت كفيفا) فلم يعرف ما أخذ، فلما رجع الثري لبيته وجد أنه أخطأ وأعطى الشيخ (مليما) بدلا من (جنيها ذهبيا)! .. فتحرج كثيرا وهرول للشيخ يعتذر له ويستسمحه أن يأخذ الجنيه الذهبي، فأبى الشيخ محمد رفعت قائلا للرجل: هذا رزقي!
وحدث ذات مرة أن توقف سائق الترام -المسيحي- بالترام في الطريق عند مروره بمحفل كان الشيخ يقرأ فيه، للاستمتاع بصوت الشيخ محمد رفعت.
وقد سُئل أحد الكُتاب عن سر تفرد الشيخ رفعت بين قرَّاء زمانه، فأجاب: "كان ممتلئًا تصديقاً وإيماناً بما يقرأ".
هذا الصوت العذب الصادق كان سببا في اهتداء الكاتبة الأمريكية (مريم جميلة) إلى الإسلام بعد أن سمعت صوت الشيخ من نافذة بيتها في القاهرة، فسألت عن القرآن الذي سمعته وعرفت أنه تلاوة لسورة (مريم) بصوت القارئ محمد رفعت، ثم تعرفت على الإسلام أكثر عندما ذهبت باكستان وأسلمت.
وفاة الشيخ محمد رفعت
تعرَّض الشيخ محمد رفعت في السنوات الثمانية الأخيرة من عمره لورم في الأحبال الصوتية، ثم توالت الأمراض عليه، فأصيب بضغط الدم، والتهاب رئوي حاد، وعرض عليه الملوك والأثرياء العلاج لرقة حاله، فأبى وقال كلمته التي تُكتب بماء الذهب: (إن قاري القرآن لا يُهان). وشاء الله أن تكون وفاة الشيخ محمد رفعت في يوم الاثنين 9 مايو 1950م، وهو نفس تاريخ اليوم الذي وُلد فيه قبلها بثمانية وستين عامًا قضاها في رحاب القرآن الكريم. رحم الله سيد القراء.
- قصة الإسلام .