بعد أن صرّحت الوزيرة اللبنانية ريّا الحسن، الاسبوع الماضي في مقابلة مع "يورونيوز"، حول قانون الزواج المدني الاختياري، أشعلت جدل واسع في لبنان وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انقسم اللبنانيون بين مؤيدين ومعارضين.
وفي التفاصيل، أعلنت الحسن أنّها تحبذ شخصياً، أن يكون هناك إطار للزواج المدني، مضيفة: "هذا الأمر سأتحدث فيه وسأسعى لفتح الباب لحوار جدي وعميق حول هذه المسألة مع كل المرجعيات الدينية وغيرها، وبدعم من رئيس الحكومة سعد الحريري حتى يصبح هناك اعتراف بالزواج المدني".
وفي هذا السياق، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغات للتعبير عن آراء اللبنانيين تجاه هذا الموضوع، من بينها #الزواج_المدني و#نعم_للزواج_المدني، و#ضد_الزواج_المدني.
وانقسمت ردود الفعل، حيث رفضت دار الفتوى اللبنانية اقرار قانون الزواج المدني، على أساس أنه يخالف أحكام الشريعة الإسلامية ويخالف أيضا أحكام الدستور اللبناني.
وأكد المكتب الإعلامي، أن موقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ودار الفتوى والمجلس الشرعي ومجلس المفتين هو معروف منذ سنوات في الرفض المطلق لمشروع الزواج المدني في لبنان ومعارضته لأنه يخالف أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء جملةً وتفصيلا من ألفه الى يائه ويخالف أيضا أحكام الدستور اللبناني في ما يتعلق بوجوب احترام الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الدينية العائدة للبنانيين في المادة التاسعة منه وبالتالي لا يمكن إقراره في المجلس النيابي دون اخذ راي وموقف دار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية في لبنان.
ودعا المكتب الإعلامي إلى عدم الخوض والقيل والقال في موضوع الزواج المدني الذي هو من اختصاص دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية المؤتمنة على دين الإسلام ومصلحة المسلمين.
الى ذلك، لم يصدر أي توضيح أو بيان عن الكنيسة المارونية الكاثوليكية أو بطريرك بكركي. ولكن المشرف العام على المحاكم الروحية المارونية المطران حنا علوان تحدث لاحدى الاذاعات اللبنانية قائلا، ان موقف بكركي، في حال اقرار الزواج المدني، ان يكون اجباريا لكل المواطنين من دون استثناء، وكل مواطن يختار الديانة التي يريد لعقد الزواج الديني، اما ان يكون اختياريا لفئة دون أخرى، فليس مقبولا، اضافة الى تعديل في الدستور فضلا عن تشريع قانون للزواج المدني.
ورغم ذلك انتشرت تساؤلات عما اذا كان من حقّ وزيرة الداخلية تقرير مثل هذا الأمر. وتعليقا على ذلك، أشار المحامي اللبناني مروان صقر، في حديث تلفزيوني، يكفي ان يصدر وزير الداخلية تعميما الى مأموري النفوس، كما حصل في السابق وينتهي الأمر.
ومن جهة أخرى، علّق بعض السياسيون والاعلاميون والفنانون على هذا الامر وأبدوا تأييدهم للزواج المدني.
ومن هذا المنطلق، قال وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقديمي الاشتراكي في لبنان إنه يؤيّد قانون الزواج المدني. وعبّر عن ذلك عبر تغريدة نشرها على صفحته الشخصية على تويتر. وكتب متسائلاً "هل بالامكان ان ندلي برأينا بدون التعرض للتكفير حول الزواج المدني .نعم إنني من المناصرين للزواج المدني الاختياري ولقانون أحوال شخصي مدني وكفى استخدام الدين لتفرقة المواطنين".
هل بالامكان ان ندلي برأينا دون التعرض للتكفير حول الزواج المدني .نعم انني من المناصرين للزواج المدني الاختياري ولقانون احوال شخصي مدني وكفى استخدام الدين لتفرقة المواطنين . pic.twitter.com/V0BOno3kkw
— Walid Joumblatt (@walidjoumblatt) February 18, 2019
أما زينب عواضة، الصحافية والإعلامية اللبنانية، فتساءلت عن تأثير إقرار الزواج المدني على الزواج الديني، معتبرة أن الأول ليس مرتبطاً بالثاني. وغرّدت: "مين قال إنو إقرار الزواج المدني سيؤثر عالزواج الديني؟! شو خصن ببعض! اللي بدو زواج ديني راح يتزوج ولو في مكة واللي بدو زواج مدني حيتزوج بقبرص الفرق انو بيصير يتزوج بلبنان وبيوفر مصرياتو.." وأضافت، "هيدي خيارات شخصية لن تؤثر على المجتمعات المتدينة اللي من المفترض أن تتحلى بالمناعة المطلوبة!"
مين قال إنو إقرار #الزواج_المدني سيؤثر عالزواج الديني؟! شو خصن ببعض! اللي بدو زواج ديني راح يتزوج ولو في مكة واللي بدو زواج مدني حيتزوج بقبرص الفرق انو بيصير يتزوج بلبنان وبيوفر مصرياتو..
هيدي خيارات شخصية لن تؤثر على المجتمعات المتدينة اللي من المفترض أن تتحلى بالمناعة المطلوبة!
— زينب عواضة (@awadazeinab1) February 17, 2019
هذا ولم تغب النائب بولا يعقوبيان عن تسجيل موقفها الداعم لهذا القرار. اذ غردت على تويتر كاتبة: "اشعر بالافتخار كمواطنة لبنانية بوزيرة الداخلية ريا الحسن، ليس فقط لنزاهتها واجتهادها بل لجرأتها على قول الحق مهما كانت كلفته." وأضافت: "الأبواق التي تنال منها هي مجرد أصوات تخاف على مكتسبات مادية وليست تنتصر لدين!". وأكملت بالقول: "انتم تكذبون وريا صادقة، انتم تعترفون بالزواج المدني وبكل مفاعيله بكفي".
اشعر بالافتخار كمواطنة لبنانية بوزيرة الداخلية ريا الحسن، ليس فقط لنزاهتها واجتهادها بل لجرأتها على قول الحق مهما كانت كلفته
الأبواق التي تنال منها هي مجرد أصوات تخاف على مكتسبات مادية وليست تنتصر لدين!
انتم تكذبون وريا صادقة، انتم تعترفون بالزواج المدني وبكل مفاعيله#بكفي pic.twitter.com/j7VpHb5hSO
— بولا يعقوبيان (@PaulaYacoubian) February 17, 2019
الى ذلك، غرّد الاعلامي يزبك وهبي، في اشارة منه الى تأييد قرار الحسن، قائلا: "الزواج المدني طالما هو اختياري لماذا نعارضه...نحن في بلد الحريات ...فلكلّ رأيه وحريته إمّا يتزوج دينيا ً أم مدنياً."
#الزواج_المدني طالما هو اختياري لماذا نعارضه...نحن في بلد الحريات ...فلكلّ رأيه وحريته إمّا يتزوج دينيا ً أم مدنياً.
— Yazbek Wehbe (@YazbekWehbe) February 17, 2019
وبدورها، دعمت الفنانة اللبنانية اليسا الوزيرة ريّا الحسن، عبر تغريدة على حسابها الخاص على تويتر. وقالت: "صرنا بسنة ٢٠١٩ وبعدن بعض تجار الدين بيكفّرو كل حدا بيحكي عن الزواج المدني، بس بيقبلوه لما يكون برات لبنان. الدولة المدنية ما بدا ناخد إذن من حدا." وتوجهت لريّا الحسن بالقول: "الله يقويكي."
صرنا بسنة ٢٠١٩ وبعدن بعض تجار الدين بيكفّرو كل حدا بيحكي عن الزواج المدني، بس بيقبلوه لما يكون برات لبنان. الدولة المدنية ما بدا ناخد إذن من حدا والله يقويكي@rayaelhassan
— Elissa (@elissakh) February 18, 2019
وللاشارة، كان رئيس الجمهورية الأسبق إلياس الهراوي طرح في العام 1998 إقرار قانون "الزواج المدني الاختياري"، لكن المشروع لم يجد طريقه إلى الإقرار بسبب حملة كبيرة شنت عليه لا سيما من المرجعيات الدينية.
والجدير ذكره أن في لبنان لا يوجد قانون للزواج المدني. وقد تحدّى هذا القانون الشاب نضال درويش وحبيبته خلود سكرية، الذين قررا الزواج مدنيا في لبنان عام 2013، ولكنهما اضطرّا إلى شطب مذهبيهما من سجلات النفوس لأنهما من مذهبين مختلفين.
ويشار الى ان ريّا الحسن هي أول امرأة لبنانية وعربية تشغل منصب وزيرة الداخلية. وقد أثبتت عن عملها الجادّ في تولي هذه الحقيبة، وذلك من خلال اقرار سلسلة من القوانين والقرارات منذ توليها هذا المنصب.
فقد أصدرت وزيرة الداخلية ريا الحسن قرارا بإزالة الكتل الاسمنتية من أمام مبنى وزارة الداخلية تسهيلا لحركة المرور. هذا وأصدرت قرار بسحب المواكب الممولة على حساب الدولة من النواب والوزراء والمدراء العامين بسبب عدم وجود وضع أمني يستدعي ذلك. وهي تعد المواطنين اللبنانيين بإصدار قرار قريبا يمنع تظليل نوافذ السيارات.