المحطة الاولى :المنهج النبوي ...قراءة سريعة ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
ان قراءة السيرة النبوية في اولياتها وأيامها الاولى لا يعطينا الا صور محددة عن الشخصية التي يحملها النبي صلوات الله وسلامه عليه ولا يمكننا الكشف من خلال تلك الاحداث والوقائع عن كل الرؤى الممكنة من تلك السيرة ....
لان زحمة الاحداث والظروف كانت تطغى على اظهار تلك الرؤية وان كان الرسول صلوات الله عليه يحاول ان يظهر قراءات متعددة ويعطي قواعد كلية للتعامل مع الاحداث او اوليات منهجية في التربية والاجتماع والسياسة وتنمية الشخصية الاسلامية للفرد ،وشخصية الامة ككل ، الا انها تضيع وسط التحشيد الهائل لمعالجة تلك المواقف الحساسة والخطيرة التي كان على النبي صلوات الله عليه ان يعالجها في تلك الفترة ، فالنبي صلوات الله وسلامه عليه كان يواجه عدة امور يمكن ان نعدها من المعرقلات الخطيرة والكبيرة في تلك المجتمعات ولا زالت هذه المعرقلات كبيرة وخطيرة بوجه اي قائد رسالي يريد ان يضطلع بقيادة الامة وينتهج المناهج القويمة لإصلاحها
المعرقل الاول : الجهل وقلة المعرفة بكل لغة او وسيلة لتربية الانسان التربية الصحيحة
المعرقل الثاني :قوة الروابط الثانوية التي كانت تربط العرب الاوائل والتي كانت تمثل روابط قوية هي الوحيدة التي كانت تتحكم في النسيج العربي كالنظام القبلي والتحالفات ونحوها
المعرقل الثالث : مجهولية الاهداف التي يدعو اليها النبي عليه الصلاة واتم السلام بالنسبة اليهم فهي عبارة عن خطة طويلة الامد وتحقق اهدافها ان امنوا بتحققها ببطء وبمسافات زمنية طويلة وهذا لا يرتضيه المجتمع .
المعرقل الرابع :قلة الامكانات المادية والاعلامية والثقافية وحتى العسكرية للدفاع عن الخط الرسالي
المعرقل الخامس : المنهج الاخلاقي الذي كان ينطوي عليه كل عربي انذاك فكل المحرمات التي كان يدعوا القران الى نبذها ومحاربتها كانت عادات يومية عند الكثيرين من العرب بل والمجتمعات المعاصرة للنبي انذاك
المعرقل السادس : قصر الفترة الزمنية فالنبي كان في سباق مع الزمن لتحويل تلك الامم الى امم متحضرة متنورة بنور القران والتعاليم السماوية
في حين الجهات المعادية والتي واجهت النبي كانت تراهن على هذه العوامل وميول المجتمع اليها ، لأنها تدعوا اليها بقوة ، فكانت مهمة الرسول الاكرم صلوات الله عليه عليه عسيرة وشديدة تهدف الى التغيير الجذري والى الترسيخ التدريجي للايمان وتعميقه في نفوس ثلة قادرة على الجهر به وبنفس الوقت تثبيت بعض المرتكزات في اذهان الجميع من امن ومن كفر، تمثل قواعد الدعوة الاسلامية وثوابتها ولم يمارس النبي على طول الخط وخاصة في بداية امره اي مهادنة او مصالحة او توقف او تراجع عن ثوابته التي كان يتبناها .
وهذا المنهج الصحيح لمن يريد دعوة الناس الى منهج اصلاحي قويم فعليه ان يرسخ الثوابت في اذهان الجميع من امن وصدق ومن كفر حتى تكون صفات مميزة لمنهجه وطريقه لان المداهنة والمجاملة من شانها ان تخلط الاوراق من البداية حتى على الاتباع والموالين ، فيبقى هذا المصلح مثار شبهات واشكالات لا تنقضي في كل مرحلة من مراحل جهاده الفكري والعلمي والنهضوي .
الابعاد الرسالية في الشخصية النبوية
اننا في هذه السطور لا نريد استقصاء الابعاد التي سار في انمائها وتقويتها النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، لأننا لا يمكننا في هذه العجالة وبهذا القصور العقلي ان ندرج تلك الابعاد وخصائصها بدقة هذا من زاوية ومن زاوية اخرى ليس محل بحثنا هو التنقيب عن تلك الأبعاد وخفاياها .لكن محل بحثنا هو التركيز على العلاقة والترابط والتفسير للثورة الحسينية واستنباط مداركها من المنهج النبوي الكريم .
البعد الاخلاقي
وهو البعد الذي بين فيه الرسول الاكرم صلوات الله وسلامه عليه القمم الاخلاقية التي اتى بها الاسلام وجسدها هو بشخصه حتى استطاع ان يكون بحق القدوة والاسوة في الخلق العالي الذي مدحه القران الكريم وكان النبي صلوات الله عليه يمر بأقسى واعتي الظروف فلا يظهر منه الا المزيد من مكارم الاخلاق ولا تجود نفسه الكريمة الا بالعطاء واليمن والبركة والصبر والثبات ، وكان الكفار والمشركون والمخالفون له بالفكر والعقيدة يمنونه بشتى صنوف المحاربة والتعذيب الا انه كان قلبا حنونا ولسانا داعيا لهم بالتوبة والمغفرة والصلاح .
- البعد الاجتماعي
مثل رسول الله صلوات الله عليه التوازن في العلاقات الاجتماعية والكيفيات التي تربط المجتمع بنظام موحد هو النظام الالهي يكون هو المقياس في تحديد طبيعة العلاقات الاجتماعية الصحيحة ، ويكسر كل انواع الطبقية او التهميش او العنصرية ولا يكون المقياس إلا بطاعة الله تعالى وتقواه وامتثال أوامره فكانت المزايا المتداولة والمقاييس العرفية التي كان يعج بها المجتمع وجدت نفسها امام محكمة أخلاقية عادلة ومنهجة جديدة جعلت منها محكومات في داخل المنطق الاسلامي .بيسر وسلاسة وجدت الطبقات الاجتماعية نفسها في روضة من التسامح والتآخي والترابط بدلاً من تلك الاجواء المشحونة بالاحتراب والاقتتال على اساس تلك الطبقية السالفة .
- البعد السياسي
مثل الرسول الاكرم صلوات الله وسلامه عليه الخلافة الحقيقية بكل اوجهها وتطبيقاتها على ساحة في الفترة التي استتبت لهم الامور في مناطق الجزيرة العربية ، ولقد رأى المجتمع الإسلامي والمجتمعات الأخرى ميزات لم تكن معهودة او معروفة عند اهل العصور السابقة بل كانت الخطوات النبوية سلسلة من التغييرات الجذرية التي قوضت بناء أجيال وأجيال وعادات وعادات قبل النبي بمئات السنين صلوات الله عليه ،معتمدا على البرهان العقلي والطرح الموضوعي واخذ العبرة من الامم السابقة وما جرى عليها من الذل والهوان عند علوها واستكبارها فقد كانت خطواته التأسيسية محط إعجاب الباحثين لحد هذه اللحظة ،
فتأسيس الجيش ووضع دستور للمدينة والقيام بواجبات إصلاحية اقتصادية واجتماعية وتنسيق التعامل بين المكونات المختلفة التي كانت تكون المجتمع المكي والتي كانت في الغالب قائمة على الطبقية على أساس القوة او على أساس الاقتصاد أو على أساس عنصري قبلي ، استطاع بحنكته وقدرته ودقته في التعامل ومصداقيته عند طرح الحلول الخالية عن اي بعد شخصي ولو كان آنياً كان ذلك اقدر على اكتساب ميل القلوب الى جانبه ووقف السيوف الى صفه
وحتى الحروب التي كان يخوضها دفاعا عن البقعة الإسلامية كانت حافلة بالمخططات والأبعاد السياسية ، كانت كلها تبحث عن منظر ومفكر يرتب تلك الأفكار لتكون مادة جاهزة لسياسيي الحاضر
ولعلنا يمكننا إن نتصور الأمر بالشكل التالي
ان الرسول صلوات الله عليه اراد انتاج عدة محاور لبناء الشخصية الاسلامية