النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

المنهج النبوي ..والاصلاح الحسيني (كتاب للكاتب)

الزوار من محركات البحث: 11 المشاهدات : 580 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق مشارك
    تاريخ التسجيل: November-2012
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 50 المواضيع: 8
    التقييم: 14
    آخر نشاط: 24/December/2012
    مقالات المدونة: 6

    المنهج النبوي ..والاصلاح الحسيني (كتاب للكاتب)

    المحطة الاولى :المنهج النبوي ...قراءة سريعة ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
    ان قراءة السيرة النبوية في اولياتها وأيامها الاولى لا يعطينا الا صور محددة عن الشخصية التي يحملها النبي صلوات الله وسلامه عليه ولا يمكننا الكشف من خلال تلك الاحداث والوقائع عن كل الرؤى الممكنة من تلك السيرة ....
    لان زحمة الاحداث والظروف كانت تطغى على اظهار تلك الرؤية وان كان الرسول صلوات الله عليه يحاول ان يظهر قراءات متعددة ويعطي قواعد كلية للتعامل مع الاحداث او اوليات منهجية في التربية والاجتماع والسياسة وتنمية الشخصية الاسلامية للفرد ،وشخصية الامة ككل ، الا انها تضيع وسط التحشيد الهائل لمعالجة تلك المواقف الحساسة والخطيرة التي كان على النبي صلوات الله عليه ان يعالجها في تلك الفترة ، فالنبي صلوات الله وسلامه عليه كان يواجه عدة امور يمكن ان نعدها من المعرقلات الخطيرة والكبيرة في تلك المجتمعات ولا زالت هذه المعرقلات كبيرة وخطيرة بوجه اي قائد رسالي يريد ان يضطلع بقيادة الامة وينتهج المناهج القويمة لإصلاحها
    المعرقل الاول : الجهل وقلة المعرفة بكل لغة او وسيلة لتربية الانسان التربية الصحيحة
    المعرقل الثاني :قوة الروابط الثانوية التي كانت تربط العرب الاوائل والتي كانت تمثل روابط قوية هي الوحيدة التي كانت تتحكم في النسيج العربي كالنظام القبلي والتحالفات ونحوها
    المعرقل الثالث : مجهولية الاهداف التي يدعو اليها النبي عليه الصلاة واتم السلام بالنسبة اليهم فهي عبارة عن خطة طويلة الامد وتحقق اهدافها ان امنوا بتحققها ببطء وبمسافات زمنية طويلة وهذا لا يرتضيه المجتمع .
    المعرقل الرابع :قلة الامكانات المادية والاعلامية والثقافية وحتى العسكرية للدفاع عن الخط الرسالي
    المعرقل الخامس : المنهج الاخلاقي الذي كان ينطوي عليه كل عربي انذاك فكل المحرمات التي كان يدعوا القران الى نبذها ومحاربتها كانت عادات يومية عند الكثيرين من العرب بل والمجتمعات المعاصرة للنبي انذاك
    المعرقل السادس : قصر الفترة الزمنية فالنبي كان في سباق مع الزمن لتحويل تلك الامم الى امم متحضرة متنورة بنور القران والتعاليم السماوية
    في حين الجهات المعادية والتي واجهت النبي كانت تراهن على هذه العوامل وميول المجتمع اليها ، لأنها تدعوا اليها بقوة ، فكانت مهمة الرسول الاكرم صلوات الله عليه عليه عسيرة وشديدة تهدف الى التغيير الجذري والى الترسيخ التدريجي للايمان وتعميقه في نفوس ثلة قادرة على الجهر به وبنفس الوقت تثبيت بعض المرتكزات في اذهان الجميع من امن ومن كفر، تمثل قواعد الدعوة الاسلامية وثوابتها ولم يمارس النبي على طول الخط وخاصة في بداية امره اي مهادنة او مصالحة او توقف او تراجع عن ثوابته التي كان يتبناها .
    وهذا المنهج الصحيح لمن يريد دعوة الناس الى منهج اصلاحي قويم فعليه ان يرسخ الثوابت في اذهان الجميع من امن وصدق ومن كفر حتى تكون صفات مميزة لمنهجه وطريقه لان المداهنة والمجاملة من شانها ان تخلط الاوراق من البداية حتى على الاتباع والموالين ، فيبقى هذا المصلح مثار شبهات واشكالات لا تنقضي في كل مرحلة من مراحل جهاده الفكري والعلمي والنهضوي .
    الابعاد الرسالية في الشخصية النبوية
    اننا في هذه السطور لا نريد استقصاء الابعاد التي سار في انمائها وتقويتها النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، لأننا لا يمكننا في هذه العجالة وبهذا القصور العقلي ان ندرج تلك الابعاد وخصائصها بدقة هذا من زاوية ومن زاوية اخرى ليس محل بحثنا هو التنقيب عن تلك الأبعاد وخفاياها .لكن محل بحثنا هو التركيز على العلاقة والترابط والتفسير للثورة الحسينية واستنباط مداركها من المنهج النبوي الكريم .
    البعد الاخلاقي
    وهو البعد الذي بين فيه الرسول الاكرم صلوات الله وسلامه عليه القمم الاخلاقية التي اتى بها الاسلام وجسدها هو بشخصه حتى استطاع ان يكون بحق القدوة والاسوة في الخلق العالي الذي مدحه القران الكريم وكان النبي صلوات الله عليه يمر بأقسى واعتي الظروف فلا يظهر منه الا المزيد من مكارم الاخلاق ولا تجود نفسه الكريمة الا بالعطاء واليمن والبركة والصبر والثبات ، وكان الكفار والمشركون والمخالفون له بالفكر والعقيدة يمنونه بشتى صنوف المحاربة والتعذيب الا انه كان قلبا حنونا ولسانا داعيا لهم بالتوبة والمغفرة والصلاح .

    • البعد الاجتماعي

    مثل رسول الله صلوات الله عليه التوازن في العلاقات الاجتماعية والكيفيات التي تربط المجتمع بنظام موحد هو النظام الالهي يكون هو المقياس في تحديد طبيعة العلاقات الاجتماعية الصحيحة ، ويكسر كل انواع الطبقية او التهميش او العنصرية ولا يكون المقياس إلا بطاعة الله تعالى وتقواه وامتثال أوامره فكانت المزايا المتداولة والمقاييس العرفية التي كان يعج بها المجتمع وجدت نفسها امام محكمة أخلاقية عادلة ومنهجة جديدة جعلت منها محكومات في داخل المنطق الاسلامي .بيسر وسلاسة وجدت الطبقات الاجتماعية نفسها في روضة من التسامح والتآخي والترابط بدلاً من تلك الاجواء المشحونة بالاحتراب والاقتتال على اساس تلك الطبقية السالفة .

    • البعد السياسي

    مثل الرسول الاكرم صلوات الله وسلامه عليه الخلافة الحقيقية بكل اوجهها وتطبيقاتها على ساحة في الفترة التي استتبت لهم الامور في مناطق الجزيرة العربية ، ولقد رأى المجتمع الإسلامي والمجتمعات الأخرى ميزات لم تكن معهودة او معروفة عند اهل العصور السابقة بل كانت الخطوات النبوية سلسلة من التغييرات الجذرية التي قوضت بناء أجيال وأجيال وعادات وعادات قبل النبي بمئات السنين صلوات الله عليه ،معتمدا على البرهان العقلي والطرح الموضوعي واخذ العبرة من الامم السابقة وما جرى عليها من الذل والهوان عند علوها واستكبارها فقد كانت خطواته التأسيسية محط إعجاب الباحثين لحد هذه اللحظة ،
    فتأسيس الجيش ووضع دستور للمدينة والقيام بواجبات إصلاحية اقتصادية واجتماعية وتنسيق التعامل بين المكونات المختلفة التي كانت تكون المجتمع المكي والتي كانت في الغالب قائمة على الطبقية على أساس القوة او على أساس الاقتصاد أو على أساس عنصري قبلي ، استطاع بحنكته وقدرته ودقته في التعامل ومصداقيته عند طرح الحلول الخالية عن اي بعد شخصي ولو كان آنياً كان ذلك اقدر على اكتساب ميل القلوب الى جانبه ووقف السيوف الى صفه
    وحتى الحروب التي كان يخوضها دفاعا عن البقعة الإسلامية كانت حافلة بالمخططات والأبعاد السياسية ، كانت كلها تبحث عن منظر ومفكر يرتب تلك الأفكار لتكون مادة جاهزة لسياسيي الحاضر
    ولعلنا يمكننا إن نتصور الأمر بالشكل التالي
    ان الرسول صلوات الله عليه اراد انتاج عدة محاور لبناء الشخصية الاسلامية

  2. #2
    صديق مشارك
    ولعلنا يمكننا إن نتصور الأمر بالشكل التالي
    ان الرسول صلوات الله عليه اراد انتاج عدة محاور لبناء الشخصية الاسلامية
    المحور الاول :هو التأسيس العقيدي
    وما يعنيه من ايمان بالله تعالى على انه الاله الواحد الاحد الفرد الصمد وانه لا شريك له لا من قريب ولا من بعيد في تدبير خلقه اذ لا يستعين بأحد ولا يتقرب اليه بفرد ويبتني عليه ايضا ليس فقط رفض الالهة من دون الله تعالى وانما رفض كل طاغية او حاكم بغير ما اراده الله تعالى مهما كانت النتائج ،وفي ذات الوقت فكل مسلم ينطلق في سلسلة أعماله وتصرفاته وعلاقاته وانطباعاته من الشريعة الالهية فهو لا يقدم على اي مشروع او اي خطوة الا اذا كان ذلك مشفوعا برضا الله تعالى
    المحور الثاني :هو المحور الاخلاقي
    الذي يتبنى انتهاج المسلك الاخلاقي الخالي من الرذائل والمتمثل بكتلة من الفضائل يتمسك بها العربي المسلم منها ماكان موجود سابقا على عهد الرسالة ولذا قال صلوات الله وسلامه عليه انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ، ومنها ما هو نابع من الرسالة وهذه الجوانب الاخلاقية لا تخضع لتبديل او تغير فحلاله حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة . فلا يغيرها تغيير الزمان ولا تبادل المكان انما هي تخضع للمقاييس الشرعية الاولية نعم قد تتفاوت شدة وضعفا لكنها لا تتبدل .
    فالحجاب الاسلامي لا يتغير ولا يتبدل فهو حجاب واحد وهو اللباس الساتر لبدن المرأة او الرجل المحافظ على عفتها وطهارتها اما ما يتغير فهو شكل او لون او طبيعة ذلك اللباس فهو جائز مادام صائنا للمرأة من ناحية الستر وعدم المحاكاة والخلو من الاثارة .
    المحور الثالث : هو المحور الفكري
    وهو المحور الذي ينصب على تحريك العقل واستعماله في البحث والدراسة والمدارسة مع الآخرين في سبيل الوصول إلى أفضل النتائج وأرقى المقامات فالإنسان الجاهل لا ينتفع بإيمانه فحينما يكون عرضة للشبهات او تجرفه جرافات الأخلاقيات الوضيعة فانه لن يتمكن من حصن نفسه من الوقوع في شراكها وهذا مما يجعله بحاجة دائما الى الوعي والتفكر والتبصر والفكر هنا معناه ان لا نكتفي فقط بامتلاك المعلومة بل المهم ان نفهم ونقيم ونزن المعلومة بميزانها الصحيح لنعرضها ونحصل منها على النتائج ولقد كان القران الكريم من اكبر المصادر التي كانت ولا زالت وستبقى البحر الزاخر الذي يزود كل باحث وقاريء ومطلع بالعلم والفكر الخالص النقي .وهي ايضا من الثوابت التي لا تحتاج الى نقاش وتاويل في زمان من الأزمنة فالجهاد الإسلامي مثلا لا يخضع لمقايسس الزمان او المكان من حيث ان الكافر المحارب الذي يحاول بكل ما يملك اضعاف المسلمين وانتهاك حرماتهم ومقدساتهم فلا يمكن ان يقف المسلمون مترددين يتاولون ايات الجهاد ويفرغونها من محتوياتها بحجة أنهم في مرحلة تختلف عن مراحل الرسالة ، لان الجهاد الان يعني ارهابا وتعسفا وانتهاكا لحقوق الانسان ..!!!
    نعم الجهاد لابد ان يكون له الية ومرجعية هي من تحدد نوع الجهاد والياته لكن على ان لا يكون المحارب صديقا والصديق محاربا ...




  3. #3
    صديق مشارك

    المرحلة الثانية :ماهي ضمانات صلاح المجتمع في النظام الاسلامي _________
    الكثير من الباحثين سواء من سيئي النية او من المترددين او ممن التبست عليهم الأمور يتسائلون : انه لم لم يفلح المنهج النبوي في صيانة الأمة وحمايتها من الاخطار بل لم تستطع الامة الاسلامية حماية نفسها من خطر أبنائها انفسهم فانحرفت عن الجادة واصبحت ساحة للتصفيات والثارات المتعاقبة فلو كان النظام الاسلامي والمنهج الاسلامي مستقيما لم تحصل كل تلك الفتن والمؤامرات التي وقعت على ارض الجزيرة ...؟
    وهو في الحقيقة كما عبرت لكم انه سؤال يصدر اما من مستشرق يبحث عن سيئات ليعلقها على الاسلام وقصوره في حماية المجتمع من الخطأ او متردد شاك لم يفهم بعد ابعاد تلك الحقيقة التي قام النبي بزرعها في وسط الجزيرة العربية وهنا علينا ان نطرح كلامنا في عدة مراحل
    المرحلة الاولى : هو قدرة الاسلام على بناء المجتمع
    المرحلة الثانية : كفاءة النبي في انجاز المهمة
    المرحلة الثالثة : الضمانات التي حققها النبي لضمان سلامة الامة
    المرحلة الرابعة : مقارنة ماحصل مع المنهج

    اولا : هو قدرة الاسلام على بناء المجتمع
    ان المجتمع الذي كان طموح النبي صلوات الله وسلامه عليه وطموح الرسالة كان قد اخذ كل ما يحتاجه من مقومات تمكنه من ان يكون مجتمعاً صالحاً فهو قد اخذ كل ما ارادت السماء ان توصله اليه من بياناتها وهديها فأتم القران الكريم نزوله على النبي صلوات الله عليه على ما هو مشهور المسلمين في تلك الاية (اليوم اكملت لكم دينكم ......)
    ثم ان المسلمين قد حصلوا من معايشتهم للنبي صلى الله عليه واله على مختلف التطبيقات والتمارين والامثلة التي تنطبق على تلك الآيات القرآنية الكريمة إضافة لهذا فقد حملت صدورهم بالكثير الكثير من الاحاديث والمسموعات والمنقولات عن النبي في تفصيلات حياتية كثيرة ، كانت كفيلة بان تربي مجتمعات كثيرة بعد النبي صلوات الله عليه ، حتى وان لم تر النبي أصلا ، فالقران وما فيه من مكنون الحكم التي كانت تستلهم بسهولة من قبل اولئك المعاصرين له من اهل الفصاحة والبلاغة والسنة النبوية المطهرة التي لم تترك لاي مسلم اي فرصة للشك او التردد او الخوف على المسلمين من قصور الاسلام ، بل كان قادرا على تقديم عونه وفائدته في بناء الأجيال ولقد شهد القران والسنة على تلك التمامية وذلك الكمال .
    فالايات القرانية بينت انه فيه تبيان لكل شيء وانه لا يأتيه الباطل لا عن يمينه ولا عن شماله وانه مصون من التحريف التزييف ومن سخافات المغرضين
    وان القران الكريم قد اعطى دعمه وتأييده الكامل للرسول الاكرم صلوات الله وسلامه عليه ، فقد وصفه من الناحية الاخلاقية فقال عنه (و إنك لعلى خلق عظيم: "القلم: 4") وبين امانته ووساطته في تبليغ الاحكام فقال (وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الهَْوَى (3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ يُوحَى (4) عَلّمَهُ شدِيدُ الْقُوَى (5)) ثم امرنا جميعا بطاعته وقرن طاعته بطاعة الله تعالى دون اي مانع او محذور او استثناء فقال (ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا": الحشر - 7)

  4. #4
    صديق مشارك

    ثانيا : كفاءة النبي في انجاز المهمة
    ان الفترة التي عاشها النبي صلوات الله عليه مع امته كانت كافية وكفيلة باعطاء على درجات القطع واليقين بكفاءته وقدرته على تبليغ ماعنده من شرائع ، وعنده من الحكمة والحنكة ما جعلته مضرباً للامثال وقدوة للابطال على مر الازمنة ، فالنبي محمد صلوات الله وسلامه عليه لم يترك الفرصة السانحة بل كان يخلق الفرصة لإعطاء جرعات من الوعي والارشاد والافهام من خلال القول او الفعل ، ليس فقط الوعي الاخلاقي بل كل جوانب الوعي بل كانت هناك الكثير من الخطوات لم تفهم الا بعد حين كان قد قام بها النبي تنشيطاً لروح الاسلام في النفوس وهذه المعاني اصبحت عند الغالبية من المسلمين محط الواضحات لعدة اسباب
    السبب الاولى : الدعم القراني لشخصية النبي صلوات الله عليه ونفي اي احتمال للسهو او الخطا او التقصير في قيادته وتوجيهاته
    السبب الثاني :اخلاقه العالية واعلى مافيها روح التضحية من اجل الرسالة كونه أراد ان يكون المثل الاول في ذلك .
    السبب الثالث : هو مواقفه العملية التي كانت تظهر كلما التمس المسلمون الموقف المطلوب والمشورة الناجعة والخطة الناجحة فإنهم يجدون الرسول الأكرم هو من يبادر بوضوح وشفافية إلى وضع الحلول المناسبة
    نعم هناك البعض القليل ممن كان لا يثق بكل خطوات النبي في أيام النبي صلوات الله عليه ليس لانه يرى عدم كفاءة النبي واهليته لقيادة الامة وانما كان يخبيء في نفسه الكثير من المفاجئات التي يريد أن يحصل من خلالها على موقع الريادة ،كما كانوا من قبل يفعلون يتقاتلون يتبارزون ويفعلون ما يشاؤون ليثبت القوي انه الاقوى ، او ليبدو الضعيف انه صار قويا ، فكان هناك مجموعة من المنافقين في العهود الاولى لدعوة النبي وبعض المرجفين الذين كانوا يقتفون اثار أسيادهم ويتابعونها حرصا على انفسهم وعلى مصالحهم الخبيثة ووجدوا من النبي صلوات الله عليه ليناً في جانبه وتسامحاً في معاملته الظاهرية لهم فكان ذلك يمنيهم ويبعد عنهم جانب التوبة .
    لقد اثبت النبي الاكرم قدرته وصلابته في تحمل الاعباء من اجل بيان الحق وكشف الحقيقة واظهارها على وجهها امام الملا فرفض تهديدات قريش المستمرة له ولأصحابه واعتقالاتهم وتعذيبهم كما تنكر لإغراءاتها التي أرادوا بها أن يأسروا شهوته ورغبته فيقيدوا الدعوة في مهدها ويسخرونها لمصالحهم او على الاقل ان يدفعوا بخطرها عنهم .فقد صبر رسول الله صلوات الله عليه أيامه الاولى متخفياً هو والقليل القليل الضعيف الضعيف من اتباعه ، ثم تصدى لإعلان صرخة الحق بوجه الكافرين بعد ان دعى عشيرته واقربينه الى مناصرته وحماية دعوته الا انه لم يحصل منهم الا على علي عليه السلام ونعم النصير علي ..
    وثبت هو واصحابه على حصار قريش له تلك السنوات العجاف التي كانت اقسى من سنيه الاخرى المجدبة فلمن يكن لهم ما يسد رمقهم ويقوي ضعفهم ، ثم واجه التحديات الأولى ونكسات أصحابه وتعثراتهم وقلة أعدادهم وتظافر الزمان عليهم، الا انه لم يري الايام الا صبراً وأعطى روعة في الجهاد والقوة والرباطة وكان يعطي بشجاعته طاقات كبيرة لأتباعه من المؤمنين ساعات الضعف او النزال.
    عن علي عليه السلام قال: لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه واله وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا. وعنه عليه السلام قال: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه واله فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه.[1]
    وكانت خططه لمواجه اعداءه ومواجهة الفتن الداخلية والخارجية كبيرة بحيث جعلته يكسب ثقة اصحابه في قدرته على مواجهة اعداءه ومناوئيه في اي زمان او مكان واي نوع من أعداءه يقول السيد محمد تقي (كان الرسول يريد أن يكوِّن أمة ، قبل ان يشيد دولة . فمسؤولية التبليغ لغير المسلمين ، ومسؤولية تهذيب المسلمين ، ومسؤولية تطبيق نظم الإسلام ، ومسؤولية الدفاع عن المسلمين في الجزيرة العربية التي كان شعارها الحروب والغزوات ، ودثارها السيوف والرماح ، هذه المسؤوليات كانت بعض ما أخذ النبيُّ (صلى الله عليه واله ) على عاتقه أداءها من المسوؤليات الخطيرة . ففي نفس الوقت الذي كان النبيُّ (صلى الله عليه واله) يقود الجيش الإسلامي إلى جبهات القتال كان يوصيهم بأداء الأمانة والوفاء بالعهد ولو مع العدو اللدود . وفي نفس الوقت الذي كان يلقنهم دروس التضحية والجهاد للدين ، كان يشرح لهم معاني العفو والصفح ، واشاعة السلام وإطابة الكلام . وفي نفس اللحظة التي كان يتولَّى دفن الشهداء في أُحُد وقد مُثِّل بهم شرَّ تمثيل فامتلأت قلوب المسلمين حقداً على الكفار وغيظاً وأملاً بالثأر ، كان النبي (صلى الله عليه واله) يتلوا عليهم آيات العفو وتحريم المثلة ولو بالكلب العقور ..
    ومن كل هذا نكتشف مدى خطورة مسؤولية النبيِّ (صلى الله عليه واله) التي كانت تهدف إلى تكوين الأمة الموحدة ، كأفضل وأمجد أمة في الحياة ))[2]


    [1] - بحار الأنوار تاليف العلامة محمد باقر المجلسي / جزء 16 / صفحة[ 232 ]

    [2] - النبي محمد صلى الله عليه واله قدوة واسوة تاليف السيد محمد تقي المدرسي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال