مأساتي..أني أنا...
****
مأساتي..أني..أنا !
ساقتني يدُ القدر..
إلى المدينة المحرّمة..
حيث يسكنُ العمى..
أبصار أهلها..
حيث تضيعُ الأحلام..
وتتبدد الرؤى..
حيث يموت الرضيع..
على ثديي أمه المقفر..
وتضعُ كل ذات حمل حملها..
حيث تحترقُ الأرواحُ..
المؤودةُ تحت الثرى..
وتفيضُ من مدامعها ينابيعٌ،
لتروي حدائقها من الكرى..
حيث تجوسُ الصرخاتُ ..
خلال الطرقات كما الحيوانات
الضآلة..
لتنهش قلبَ كل غريب ،
يحلُ بديارها،
وغريبٌ..أنا..،
ألقتْ بي يدُ القدر..
ذات ليلة معتمة..
إلى جوف الأرض المحرّمة!
-2-
مأساتي..أني..أنا!
استيقظُ كل صباح ،
وأقفُ أمام المرآة..
أبحثُ عن نفسي..
التي ضاعت مني في خضم الرحلة..
فلا أرى على سطحها..
إلا العدم في تجلياته الرخوة..
أمدُ يدي ..
أتحسسُ سطح المرآة الأملس..
بأناملي..
أبحثُ عن صورتي الغائبة..
خلف سطح المرآة..
أجدنُي قابعًا..
خلف الوجود..
حيث لا وجود..
أرى مكاني..
خلف الزمان..
حيث لا زمان..أراني..،
أراني..
متشحًا بأكاليل..
من الأشواك..والأحزان..
ألملمُ بقايا نفسي المفقودة..
من الجحور..والقبور..
ثم أمشطُ شعري..
كما جرتْ العادة..
وأذهبُ إلى المقهى..
لأشربَ قهوة الصباح ..
السادة..الغامقة!
**
مأساتى..أني..أنا!
كتبتُ إلى العراف رسالة..
فظل يطاردني برسائله المبهمة..
قال في أحداها:
مصيركُ محفوفٌ بالتحولات..
وخطك ترسمه الحروفُ..
المُنزّلةُ قبل تاريخ البشر..
وقال في ثانية:
أنت النجمُ الثاقبُ..
في كنف سماء بلا ثقوب..
ثم قال في آخر رسائله..
أمامك بوابة الأسرار..
إن ولجتْ عبرها..
ملكتْ بين يديك الأقدار..
تلوتُ أمام البوابة كلمات..
وجدتُها منقوشةً على كفي..
إلا أنّ البوابة ظلت مؤصدة..
ورحتُ أهيمُ فى التيه إلى الأبد...
عمرو زين