نسب عتبة رضي الله عنه
هو عتبة بن عبد العزى (أبو لهب) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، القرشي الهاشمي، وهو ابن عمِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأمُّه أمُّ جميل بنت حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، أخت أبي سفيان رضي الله عنه [1].
كان لعتبة رضي الله عنه أخوةٌ أسلم جميعهم إلَّا واحدًا وهو عتيبة بن أبي لهب، وقد أصابته دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم "اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ" [2]، فهلك إثرها وهو مسافرٌ في تجارةٍ له إلى الشام، على الرغم من حرص أبيه عليه وحمايته له ليقينه في استجابة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم!
أمَّا من أسلم من إخوته فكانت السَّيِّدة درة بنت أبي لهب رضي لله عنها وهي أوَّل من أسلم منهم، وقد أسلمت في مكة وكانت من المهاجرات الأوليات إلى المدينة، والآخر كان مُعَتَّب بن أبي لهب وقد أسلم مع أخيه عتبة رضوان الله عليهم أجمعين.
إسلام عتبة رضي الله عنه
أسلم هو وأخوه مُعَتَّبُ يوم الفتح، وكانا قد هربا، فبعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم العبَّاس بن عبد المطلب عمَّهما رضي الله عنه إليهما فأتى بهما فأسلما فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهما، وشهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة حنين وكانا ممَّن ثبت ولم ينهزم، وشهدا الطائف، ولم يخرجا من مكة، ولم يأتيا المدينة [3].
وقد ذكر ابن سعد روايةً في إسلامه، فقال: ابن عباس، عن أبيه العباس بن عبد المطلب، قال: لمـَّا قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكَّة في الفتح قال لي: «يَا عَبَّاسُ، أَيْنَ ابْنَا أَخِيكَ: عُتْبَةُ وَمُعَتَّبُ»؟ قلت: تنحَّيَا فيمن تنحَّى. قال: «ائْتِنِي بِهِمَا». قال: فركبت إليهما إلى عرفة، فأقبلا مسرعين وأسلما وبايعا.
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأيديهما، وانطلق بهما يمشي بينهما حتى أتى بهما الملتزم -وهو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود- فدعا ساعة، ثم انصرف والسرور يُرى في وجهه، قال العباس: فقلت له: سرك الله يا رسول الله فإنِّي أرى في وجهك السرور. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ إِنِّي اسْتَوْهَبْتُ ابْنَيْ عَمِّي هَذَيْنِ رَبِّي، فَوَهَبَهُمَا لِي» [4]. قال حمزة بن عتبة: فخرجا معه في فوره ذلك إلى حنين فشهدا غزوة حنين، وثبتا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ فيمن ثبت من أهل بيته وأصحابه، وأُصيبت عين معتب يومئذٍ، ولم يقم أحدٌ من بني هاشم من الرجال بمكَّة بعد أن فُتِحت غير عتبة ومعتب ابني أبي لهب [5].
مكانة عتبة عند رسول الله
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوَّجه ابنته رقية رضي الله عنها، وزوَّج أختَّها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلمَّا نزلت سورة "تبت"، قال لهما أبوهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب حمالة الحطب: فارقا ابنتي محمد. ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما. ومع ذلك فبمجرَّد أنْ زوَّجَهُ الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته فهذا دليلٌ على علوِّ منزلته ومكانته لديه.
وقد فرح الرسول صلى الله عليه وسلم عند إسلامه وأخيه معتب فرحًا شديدًا ظهر على وجهه، وقال للعباس رضي الله عنه: «نَعَمْ إِنِّي اسْتَوْهَبْتُ ابْنَيْ عَمِّي هَذَيْنِ رَبِّي، فَوَهَبَهُمَا لِي». وقد روى الطبراني أنَّه صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح بين عتبة ومعتب يقول للناس: "هَذَانِ أَخَوَايَ وَابْنَا عَمِّي -فَرِحًا بِإِسْلَامِهِمَا- اسْتَوْهَبْتُهُمَا مِنَ اللهِ، فَوَهَبَهُمَا لِي" [6].
أبناء عتبة وزوجاته
وكان لعتبة رضي الله عنه سبعة عشر ولدًا وبنت، وهم:
- أبو علي، وأبو الهيثم، وأبو غليظ، وأمهم عتبة بنت عوف بن عبد مناف بن الحارث.
- وعمرو، ويزيد، وأبو خداش، وعباس (الشاعر الأموي الشهير)، وميمونة، وأمهم أم العباس بنت شراحيل بن أوس من حمير وكانت سبيَّة في الجاهلية.
- وعبيد الله، ومحمد، وشيبة، وأم عبد الله، وأمهم أم عكرمة بنت خليفة بن قيس من الجدرة من الأزد.
- وعامر بن عتبة، وأمه هالة من بني الأحمر بن الحارث.
- وأبو واثلة بن عتبة، وأمه من خولان.
- وعبيد بن عتبة لأم ولد.
- وإسحاق بن عتبة، أمه أم ولد سوداء.
- وأم عبد الله بنت عتبة، وأمها خولة أم ولد [7].
وفاة عتبة رضي الله عنه
اختُلِف في وفاة عتبة هل هو من أصابته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ» أم أخوه عتيبة؟!
الراجح أنَّ عتيبة بن أبي لهب هو من دعا عليه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فافترسه الأسدُ -بالزرقاء من أرض الشَّام- من بين أصحابه، وهم نيامٌ حوله، وأما عتبة ومعتب ابنا أبي لهب، فأسلما ولهما عقب [8].
وقد أقام عتبة بمكة ومات بها، ولم يُرَ له ذكرًا في خلافة عمر رضي الله عنهما، بل ولا في خلافة أبي بكر، فكأنه مات فيها [9]، فالأرجح أنه مات في خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
[1] أسد الغابة ط العلمية 3/562، والطبقات الكبرى ط دار صادر 4/59.
[2] البيهقي: السنن الكبرى (10346)، والحاكم: المستدرك (3984)، وأبو نعيم: معرفة الصحابة (6926)، وابن حجر: فتح الباري 4/48، وخلاصة حكم ابن حجر: حسن.
[3] أسد الغابة ط العلمية 3/562.
[4] الإصابة في تمييز الصحابة 4/365. وخلاصة حكم ابن حجر: إسناده ضعيف وللمرفوع طريق أخرى.
[5] الطبقات الكبرى ط دار صادر 4/60.
[6] الروض الأنف ت الوكيل 5/191.
[7] الطبقات الكبرى 4/59، وإمتاع الأسماع 6/291.
[8] انظر: نسب قريش ص89، والإصابة 6/122، والروض الأنف 5/196، ودلائل النبوة للبيهقي 2/339.
[9] الإصابة في تمييز الصحابة 4/365، ومستعذب الإخبار بأطيب الأخبار، ص121.
- قصة الإسلام .