بعد أن تجرعوا مرارة الجلسات الكيمياوية، وأجروا عمليات استئصال للأورام السرطانية، متسلحين بالصبر ومتحدين المرض بالانتصار، حوّل 300 سعودي تجاربهم وتحديهم مع الأورام السرطانية إلى وقف خيري لنشر السعادة والأمل لدى مرضى السرطان ودعم ذويهم وتوعيتهم.
وبدأ الوقف الخيري عام 2009 كفريق تطوعي تحت مظلة الجمعية السعودية لمكافحة السرطان بالرياض، بفكرة المتعافي من السرطان بندر الدحيم الذي أصيب بسرطان القولون، وبعد رحلة علاج لمدة سنة شفي، وفي عام 2018 تم أخذ الموافقة على أن تصبح مؤسسة وقفية.
وفي إطار التعرف على المتعافين التقت "العربية.نت" عدداً من المتعافين، وكانت البداية مع المتعافي فيصل المحمادي الذي قال: "بدأ مرضي من الخصية وانتفاخها غير الطبيعي، اعتقدت أنه أمر عادي، ولكن تطورت الآلام وبعد الفحوص، اتضح أنه ورم في الرئة اليمنى، ومن ثم خضعت لجرعات الكيمياوي، وتم إجراء عملية استئصال كتلة في الرئة، وبعد هذا الأمر بشهر تقريباً تم اكتشاف كتلة في المخ وكتلة في الرئة اليسرى، وحينها قرر الأطباء استئصال الكتلة في المخ، وبعد عملية الاستئصال قرروا العلاج الإشعاعي للمخ 10 جلسات، وبعدها بدأت جرعات الكيمياوي 8 جرعات، ولكن خلال فترة قصيرة وبعد إجراء الفحوص تم الانتهاء من معدل الأورام في الدم، وأصبحت متعافى من السرطان ولله الحمد".
وأضاف: "لم أفقد الأمل بالله يوماً بأنه سيشفيني منه، وأنني أستطيع التغلب عليه وأنجو منه وأكمل حياتي، فدائماً الأمل بالله موجود مهما كانت صعوبة الأمر لمحاربي السرطان، بالأمل نهزم الألم".
وروت مدير متعافي الوقفية بمكة المكرمة المتعافية رذاذ فادن تجربتها مع المرض: "مررت بمرحلتين مع المرض حيث تم التشخيص في بداية 2001 بوجود ورم حول 3 فقرات في الرقبة، ولحساسية مكان الورم وعمقه أبلغني الطبيب بخطورة وضعي الصحي، ولكن الحمد لله تقبلت ما قاله لي لأنني لم أفكر حينها سوى أن ينتهي هذا الألم الذي أتعبني، وتم استئصال الورم وأخبرني طبيبي بنجاح العملية التي اتعبته، على حد قوله، بسبب تثبيت فقرات جديدة لرقبتي وتثبيت الترقوة وتأثر أعصاب الجزء الأيمن من جسدي".
وأضافت: "انتهت المرحلة الأولى من المرض ولكن بلا حركة ولا صوت، وعند علمي بوجود السرطان لديَ، وضرورة أخذ الكيمياوي، عندها قررت أن لا أستسلم وأحاربه وأتحمل كل ما يحصل لي حتى يموت السرطان من جسدي، وفوضت أمري لله وقضائه، ودعوت الله كثيرا أن يمنحني القوة على ما أصابني ويلهمني الصبر، كانت أول جرعة كيمياوي في 2001 تحملت حرارته وفورانه داخل جسدي وتفاعله مع الفقرات الجديدة، ألم لا يحتمل.. وفقدت شعري بالكامل، وتغير شكلي كثيراً مع ازدياد الوزن".
وأكلمت حديثها: "كان لدي يقين بأن الله سينهي هذا الألم في يوم من الأيام، وأعود للحركة والكلام من جديد، ومرت أيام العلاج ما بين ألم وعلاج وتأهيل، وكنت حريصة على ألا أتأخر عن أي موعد لدي حتى لا يتمكن منّي السرطان، والحمدلله كنت متفائلة حتى عمل آخر تحليل لي وقلت في نفسي: أكيد السرطان اختفى انتهت قصتي معه".
وقال المتعافي الدكتور وجدي خياط، نائب مدير متعافي الوقفية بمنطقة مكة المكرمة، من خلال تجربته الأولى التي بدأت في عام 2006 (سرطان المخ) وقضى عليها في عام 2011، بعد أن تم تنويمه في أحد المستشفيات الخاصة لعدة أيام بغرض تكرار الفحوص، وبعد مرور عام قرر أن ينقل تجربته من خلال دورة تدريبية، ومن خلال لقاءاته المتكررة مع المرضى وجد أنهم متشائمون ونظرتهم سوداوية لما يسمعونه عن المرض ويسمعون عن عدد الوفيات، لهذا قرر نشر الأمل والسعادة لمرضى السرطان، وهذا من خلال جلسات متكررة لرفع المناعة الذاتية، وبالتالي يتم رفع المستوى الفكري والعقلي لدى المريض، وعليه يتم رفع القناعة وتقليص فترة العلاج، وهذا ينبني على قوة الإرادة وقوة الإيمان، وأيضا يتم تغير القناعات من خلال النظرة الإيجابية بالنظر إلى عدد المتعافين وليس المتوفين.
وأوضح الدكتور خياط أنه انضم لمؤسسة متعافي الوقفية 300 سعودي، لنقل تجاربهم ونشر السعادة والأمل بين مرضى السرطان، وتوعية ذويهم وعمل لقاءات ودورات للمتعافين.