(همس الوداع...)


يَا سَاكِناً بَيْنَ الجَوَانِحِ هَلْ تَعِي
أَنِّي بِبُعْدِكَ أرَّقَتْنِي أَدْمُعِي

قَدْ طَالَ لَيْلِي بِالصَّبَابَةِ وَالجَوَى
شَغِفٌ بِكُمْ وَالوَجْدُ مَزَّقَ أَضْلُعِي

أَقْضِي الّليَالِي أَشْتَكِي وَجَعَ النَّوَى
وَالصُّبْحُ يَصْحُو مِنْ أَنِيْنِ تَلَوُّعِي

وَقَوَافُلُ الأَحْزَانِ حَطَّتْ رَحْلَهَا
فِي مُهْجَتِي وَتَكَاثَرَتْ فِي مَضْجَعِي

فَكَأَنَّ مَهْدِي فِي غِيَابِكَ يَصْطَلِي
وَأَنَا عَلَى طُولِ النَّوَى لَمْ أَهْجَعِ

كَيْفَ التَّصَبُّرُ فِي غِيَابِ أَحِبَّتِي
وَأَنَا المُعَنَّى بِالحَنِيْنِ وَهُمْ مَعِي

فَوِصَالُهُمْ فَرَحِي وَنَبْعُ سَعَادَتِي
أَصْوَاتُهُمْ دَوْماً تُعَانِقُ مَسْمَعِي

وَالهَجْرُ مُرّ وَالبعَادُ فَجِيْعَةٌ
وَيَثُورُ مِنْ نَارِ الفُرَاقِ تَوَجُّعِي

يَا رَاحِلِيْنَ وَقَدْ أَخَذْتُمْ مُهْجَتِي
بِرِحَالِكُمْ أَوَهَلْ نَوَيْتُمْ مَصْرَعِي؟

يَا مَنْ نَوَيْتِ عَلَى الرَّحِيْلِ بِغَفْلَةٍ
لا تَزْمعِي قَتْلِي بِرَبّكِ وَارْجِعي




مصطفى طاهر