تقنيات حديثة للتعرف على هوية الشخص بدقة عالية


بصمة الإصبع وبصمة القزحية وبصمة الوجه ونبرة الصوت أهم القياسات الحيوية التي تستخدم للكشف عن هوية الإنسان


مع تزايد التقدم العلمي والتكنولوجي، وتطور وسائل الاتصال، وسهولة الحركة والتنقل للإفراد، برزت الحاجة إلى تطوير أنظمة خاصة للأمن والحماية، تسهم في تحقيق درجة عالية من الأمن للأفراد وللمجتمعات ، وأيضا لحماية البيانات والمعلومات.

من هنا تم تطوير علم القياسات الحيوية Biometrics والذي تطور بشكل كبير ومدهش خلال العقود القليلة الماضية، ويعرف بأنه عبارة عن مجموعة من المقاييس والتحاليل لعدد من السمات والميزات الجسدية للأفراد، التي يتميز بها الفرد الواحد ولا يشاركه بها أفراد آخرين، ويهدف النظام إلى التعرف الفوري والدقيق على الأفراد من خلال تلك الميزات التي يتمتع بها الجسم البشري، بغرض حماية المجتمع وأيضا حماية البيانات والمعلومات ذات الدرجة العالية من السرية والخصوصية.

ويعمل هذا النظام المتطور على فحص وتحليل بعض الصفات الجسدية للأفراد، كبصمة الإصبع وبصمة القزحية وبصمة الوجه ونبرة الصوت، ومقارنة النتائج التي خلص إليها النظام، بقاعدة بيانات خاصة مخزنة لديه، للتحقق من هوية الأفراد والكشف عن أسمائهم أو السماح لهم بالوصول إلى بعض البيانات والمعلومات، أو إعطاء الإذن لهم بالمرور عبر حاجز معين، دون الحاجة إلى استخدام المفاتيح وكلمات المرور والبطاقات الممغنطة، مع تحقيق درجة عالية من الدقة والأمان.

نظام عرف منذ أكثر من مائة عام

لقد عرف الإنسان منذ القرن قبل التاسع عشر، أول تلك السمات الجسدية المميزة، وهي بصمة الإصبع، وقد استخدمت على نطاق واسع للكشف عن هوية الأفراد، والتعرف على المجرمين والمطلوبين للعدالة، بحيث أصبح هذا النظام، من الأنظمة الموثوق بها والمعتمدة بشكل كبير في كافة الدوائر القانونية والقضائية.

ويعود استخدام هذا النظام إلى عام 1823 عندما أكد طبيب التشريح التشيكي بركنجي Purkinje أن الخطوط الدقيقة الموجودة على رؤوس الأصابع ( البنان ) تختلف من شخص إلى آخر، وأن تلك الخطوط تكون عبارة عن دوائر أو أقواس أو عقد مركبة، وفي عام 1858 أكد الباحث الإنجليزي وليم هرشل William Herschel، أن تلك الخطوط والدوائر الموجودة في باطن الأصابع والتي تدعى بصمات، لا يمكن أن تتشابه بين الناس، وأعقب ذلك في عام 1877 استخدام الدكتور هنري فولدز Henry Faulds حبر المطابع لتثبيت البصمات على الورق، كما أثبت الدكتور فرانسيس غالتون Francis Galton في عام 1892، أن بصمات الأصابع ثابتة لا تتغير، وترافق الإنسان مدى الحياة وأنها تتشكل لدى الجنين عندما يكون عمره من 100 إلى 120 يوما، وتلي ذلك بعام تأسيس مفوض اسكتلنديارد ادوارد هنري Edward Henry لنظام بسيط وفعال لجمع وتصنيف البصمات ضمن ثمانية أنواع رئيسة، كما اعتمدت في نفس العام كدليل قاطع في المحاكم والدوائر القانونية.

أهم القياسات الحيوية

تعد بصمات الأصابع من أهم القياسات الحيوية، التي اعتمدها الإنسان منذ مدة طويلة جدا، ويتم تسجيل بصمات الأصابع وطبعها باستخدام حبر خاص بذلك، ومع التطور التقني تم ابتكار نظام مسح رقمي متطور، يعمل على تصوير بصمة الإنسان وتخزينها ضمن برمجية خاصة بذلك، كما يتم تصوير كامل اليد وحفظ كافة تفاصيل الصورة كالتجاعيد والانثناءات.

وبالرغم من أهمية بصمات الأصابع، بيد أن الباحثين طورا عددا آخر من القياسات الحيوية، كبصمة قزحية العين، ويعتمد هذا النظام على تميز حوالي 400 سمة في القزحية تدعى بدرجات الحرية Degree OF Freedom ( DOF ).

وبصمة قزحية العين، تتميز بدقتها العالية وثباتها، وهي لا تتطلب من الشخص أن يتوقف طويلا أمام جهاز التحقق من هويته كما هو الأمر في بصمة الأصبع، بل يكفي مرور الشخص أمام الجهاز والنظر باتجاه نقطة محددة، ليتم مباشرة التعرف على هذا الشخص بدقة وسهولة.

كذلك فإن بصمة قزحية العين، يصعب إخفائها أو التلاعب بها، حتى لو تم استخدام النظارات أو العدسات اللاصقة أو تم إجراء عملية جراحية للعين، وسواء كان الشخص مبصرا أو فاقدا للبصر، ففي جميع تلك الحالات يمكن التعرف على بصمة القزحية بسهولة، لذلك فقد اعتمد هذا النظام في عدد كبير من الأنظمة الأمنية، وخصوصا في المطارات، والبنوك للتحقق من هوية مستخدمي أجهزة الصراف الآلي.

أما البصمة الثالثة، والتي أثبتت نجاعتها، فتدعى بصمة الوجه، وهي تشمل عدد كبير من النقاط المرجعية يبلغ عددها نحو 80 نقطة، وهذه النقاط تشمل المسافة بين العينين، وحجم عظام الوجنتين ومحجر العينين وطول الأنف، ويكفي التعرف على نحو 22 نقطة للاستدلال فورا على هوية الشخص، بعد أن يتم مطابقة تلك النقاط المرجعية مع السجل المحفوظ مسبقا للأشخاص وأسمائهم والتعريف بهم، وقد استخدمت بصمة الوجه على نطاق واسع في الدوائر الأمنية، للتحقق من هويات الأشخاص في المطارات ونقاط العبور الحدودية والشوارع ومحطات القطارات، ويكفي في هذا النظام، التقاط صورة رقمية للوجه، للتعرف فورا على هوية الشخص المطلوب التحقق من هويته.