*** كمركب يوغل في البحر
1**قُلت:وأنت في آخر العمر ،كمركب يوغل في البحر ،،تقترب أكثر من الدوّامات القاتلة ،،قال:إنها موتة أعرف أنها قادمة منذ رأيتهم يدفنون بعضهم ،،فلتأتِ متى تشاء فالموت بالخوف ... هو موتَة ثانية
ولقد فرَغْتُ من كلّ أحمالي ،،وأُشفق عليكم وأنتم تحملون أحمالكم على ظهوركم ،،تصعدون بهم الجبل ،،أولادكم وأمراضكم وآلامكم ،،،،،،تمتلؤون بالخوف والقلق في زحام حياتكم ،،،وأنتم تقتلون بعضكم وتجوّعون بعضكم وتَعلون على بعضكم ،،،،،لأنّ الشرّ هو أصل حياتكم لأنكم به تدافعون عن أنفسكم ،،والخير أن تغلبوا أنانيّتكم وتُعطوا غيركم ،،كأنفسكم ،،لن تستريحوا في موتكم وأنتم قادمون من دولة الإنسان التي كرّسّت أنانيّتكم ووحشيّتكم،،
ولكنّ الله يساعد أهله الذين يعيشون بين الظالمين ،،ليتساوى الميزان ،،!
،،كم أشفق عليكم وأنتم في حُكْم الإنسان المتمرّد على الله وأنا أموت ،،وما أغرب أن يشفق الميّت على الأحياء
2**تقول أُمٌّ على قبر ابنها القتيل : حرصتُ عليه كلّ العمر ،،وصنته،،وفي لحظة واحدة يموت ،،!كيف طالوه من كلّ حِرصي وعنايتي ،،رصاصة شَرّ واحدة قَتَلَتْ كلّ خيري ! رصاصة لم ترني وأنا أتبعه في طريقه ،،وأشملُه بقلبي ،،،،لن يتحضّر الإنسان إلّا إذا تعهَّد أن لا يموت الإنسان بسبب الإنسان ….!
3**حين تصحو مروءتك،،وتداعب نفسك العليا ،،ستفعل مروءتك العجائب ،،يُلقي المسلمون القبض على ابي البختري وصاحبه ،،ويعفون عنه ليسلِمَهم صاحبه فلا يقبل ويقاتل مع صاحبه حتى الموت ،،،،وهو ينشد " لا يترك ابن حرّة زميله …." ….وهو مشرك لا ينتظر الجنّة ،،فما بالك بمروءة من ينتظر الجنّة ،،مثل النفر الذين آثروا بعضهم بالماء وهم على حافّة الموت ،،،،حتى ماتوا ولم يشربوا الماء ،،ويعلمون أنهم سيشربونه في الجنّة
..والمروءة تُخرج من نفسك كلّ قواها ،،،لغيرك ،،وهي حياة عظيمة ،،،،أن تكون لغيرك لا يعرفك إلاّ الله ،، بينما الناس انانيّون لا يعرفون غير أنفسهم ،،ولا يعرفهم أحد غير أنفسهم !
4****أتعجَّبُ كيف نسّجّتْ السنوات الكثيرة رجلا مثل عمر بن عبد العزيز ،،،نسيجا متقنا ليذيق الناس طعم العدالة الجميل عامين اثنين فقط ،، وكيف نُسج صلاح الدين ليذيق الناس طعم النصر ،،تخيّل أن يخلقك الله ويُعلّمك سنوات طويلة ،،من أجل أن تُعلّم الناس شيئا ،،أو تُذيقهم نعمة ،، أو ترفع عنهم ظُلما ،،،مثلما قال لموسى " ولتصنع على عيني " ...
..
،،،وتسأل بعضهم ما شأنك ! يقول : ها أنا أكوِّن نفسي وأبحث عنها ! ..ويقصدون جمع المال الذي يملأ المخازن ،،و التنافس في طابور الوظائف والمنافع وأكاذيب الجاه والإستكبار،،
...وإنما بحثنا عن ذاتنا يعني تفكيرنا المتّصل حتى نفهم وجودنا ونجد طريقة صحيحة لحياتنا وندعوا لها ،،ونؤمن بمعتقد ،،،يفسّر موتنا وحياتنا ويشرح حياتنا الصحيحة لموتٍ صحيح يعيدنا للحياة في السماء،،بعد أن خسرناها هنا
..
....................
.................................................. .....................................الكاتب / عبدالحليم الطيطي