حُلم الأمس الذي لم يحتوي على شيئٍ منك - مار ادريس
رأيتهُ يمسك بيدي بقوة ويبتسم كأنهُ يملُك الدنيا
كانت أمي خلفه تسترقُ النظر من خلف النافذة !
لم أكن أعي كيف أتيتُ به الى حديقتنا ! !
وكيف سمحت أمي بذلك ؟؟
قام بسحب يدي بقوة لأقع في أحضانه
لم أبدي أي رد فعل سوى المكوث بين أضلعه دون فعل شيء
لن أكذب كنتُ مرتاحةً الى حَدٍ ما !
حركتُ يديّ على صدره وتحسستُ اضلعه التي يُخفيها خلف ذلك القميص الصيفيّ
وشعرت بالشامات التي عرقلت خطوات اصابعي
لم تكن مألوفة لي أبداً ..!
لقد أيقنت بأنهُ شخصٌ اخر .. لم تكُن أنتَ !
جاهدتُ نفسي وحاولت التغلب على مخاوفي والنظر أليه مجدداً
وتمعنت بتلك الملامح التي تُترجم معاني السعادة
لم يكن أنت ..انا خائفة
مرت أمي من جانبي وهي تبتسم !
لتضعني في دوامةٍ أخرى
لم تُحب أمي احداً ممن أحب من قبل !
لطالما كانت تكرهُك وتكرهُ كُل شيء يُعنى بيّ , لماذا الان هي تُرحب بوجوده معنا ؟.
يمر العديد من افراد العائلة ويبتسمون .. كأنهُ العيد قد قرر الحضور مُبكراً !
بدأت الشمس تهبطُ في مكانٍ بعيد
وقَبلنيّ ..
تبعت قُبلته أنفاسٌ مسجونه وصوتٌ مُتهدج ارتطم بـقفصي الصدري بشكلٍ مؤلم ليخرُج على شكل أهات ..
سمعتهُ يقول ما بكِ ..؟
قلتُ له : ان الغروب يُصيبني بالكآبة ..
وقال : رُبما لأنكِ لم تريه من الاعلى سابقاً !
وأخذني لسطح المنزل وأشار بأصبعيه الى الغروب وطلب مني أن اتأمل الوان الغروب
وأنا افعلُ ذلك فاجأني حينما قام بحملي
وقال لي سترينهُ الأن بشكلٍ أفضل .
بعد لحظات شعرتُ بالحُرية ..
كان الهواء يجعل شعري يطير بأتجاة الظلام الذي أسدلَ ستارة على الاشياء التي فارقتها الشمس..
وباتَ جزءاَ منه
وكان وجهي هو الأخر يشارك تفاصيله مع ألوان الغروب الآسره
لم أكُن أنا هذة المرة
كنتُ سعيدةً جداً وأبتسمت ..ونسيتُك !
بعد لحظات حينما رحلت الشمسُ كُلياً
وضعني أمام وجهه وكان جسدي لا يزال أعلى منه
أشعر بيديه وهو يمسكُ بي بقوة ..
بدأ يُنزلني بأتجاه وجهه بهدوء
كنتُ اغرق في بحر عينيه !
للمرة الأولى أرى شخصاً مُتلهفاً الى أحدهم الى هذة الدرجة
وتبدو على ملامحة تلك الحاجة المُلحه لمن يُحب
كان يجذبُني أليه بشكلٍ غريب
ثم أحتضنني بقوة كأنهُ قتل جميع مواطن الألم في جسدي , مواطن الألم التي بنيتها أنت!
همسَ في أُذني "أحبكِ"
حاولتُ الهروب من بين يديه
لكنهُ رفض
قال بصوت هادئ وحنون : الـى أين ؟
اخبرتهُ بأنني لا أعرفُه
واظن ان الخوف قد بدآ على ملامحي , مسح على رأسي بحُب
ثم أبتسم وقال: يبدوا بأن الغروب قد أثر عليك , هل تسمحين يا اميرتي ؟
قام بحملي ونزلنا الى الأسفل
من ثم ودعني وقبل جبيني وذهب .
بدأتُ بمقارنات لا تُحصى بينك وبينه !
حجمه يفوقُ حجمكَ أضعافاً
هو يفوقك في كل شيء
في الوسامة .. في التقبُل .. في الصبر .. في التمسُك .. في الحُب !!
وبعد ضياع دام طوال الليل ..
سألتُ أختي صباحاً عنه
أستعاذت من الشيطان وقامت بلعن كل من يُريد بي سوء
وقالت لي بأنهُ خطيبي وبعد أسبوع سيصبحُ زوجي !
رُبما خيبتي منكَ لم تُسعف صدمتي في تلك الاثناء كي يبدو على ملامحي شيئٌ من الأستغراب !
سألتها بصوتٍ خافت اُخفي فيه وجعي منكَ : كيف سمح بهذا أن يحصل ؟؟
قامت بسرعة واغلقت الباب
أمسكت بوجهي وقالت لا تشيحي بناظريكِ عني
أن خطيبكِ يُحبُكِ كثيراً
لا تُفسدي كل شيء الان .. أن الله قد منحكِ هبةً لا ترفُضيها
لا تسمحي لشيطان حُبه اللعين أن يستحوذ عليكِ
اُتركيه كما تركك , لو كان يُحبك لكان الان يُقاتل كل من في هذا العالم لأجلك
يا أختي أن هذه الحالة تأتيكِ منذ أيام وأخشى
ان يشعر زوجكِ بشيء ما ويتخلى عنك
حُباً بالله أفيقي من غفلتك .. لقد رحل .
أنني أصحوّ
ككُل الاشياء يا حبيبي أنت ترحل
ككُل الأشياء يا أمنية عُمري أنت تَخذل
قُلتَ بأنك لًب الأختلاف .. أنكَ انت الذي سيجابه هذا العالم لأجلي لكنك لم تفعل
قاطعت أمي كل الأفكار حين طرقت باب الغُرفة , ربما شعرت امي بالوجع الذي يعتريني وأتت
قمتُ بمسح الدموع التي تنتظر هطولاً ! وفتحتُ الباب
دخلت أمي بهدوء وجلست على سريري وطلبت مني أن اُغلق الباب
من ثم اخبرتني حكايات حُب مأساوية ! قد انتهى بعضها بزواجٍ فاشل
قالت لي ايضاً : أستطيع أن اقول لكِ أحتفظي بالذكريات الجميلة معه
لكن يا عزيزتي ان تلك خيانة كبيرة أن تكوني في حُضن رجل وقلبُكِ ينبضُ لرجُلٍ أخر
فأن لم تستطيعِ فعل ذلك ! استطيع تحمل مسؤولية انهاء هذا الزواج الان
لم أُبدِ رد فعل , عانقتني وبدأت تبكِ بصوتٍ خافت وتمسح على رأسي
قلتُ لها لا تفعلي لتسر الأمور كما خططتم لها
ابتعدت ببطئ وقالت أنهُ في الحديقة و يُريد أن يحدثك
نهضتُ من مكاني وأتجهتُ اليه , قد كان جالساً في الأرجوحة نهض واردت مصافحته
لكنهُ أحتضنني وبدأ يضحك ! جلس وأبتسم بتُ اعتاد على رد فعله ! رغم انني لا أفهمه
قال لماذا انتِ واقفة ؟ أجلسي !
اعجزُ عن فهم هذا الرجل ! كيف أنهُ هادئ لهذه الدرجة ولا يغضب من تصرفاتي !
أن هيئتهُ لا تقول بأنهُ كذلك ! ربما هو يتخلص من غضبه في الرياضة اذ يبدو من جسدة بأنه رياضي ! يكادُ قميصه ينفجر من العضلات التي يُخبئُها فيه !
جلست الى جانبة وبدأت انظر للأعلى وهو يقوم بهز الأرجوحة ببطئ
قال : ستُصابين بالدوار أن بقيتِ هكذا !
وأجبته بأنني قد اعتدت على رفع رأسي هكذا !
قال : لا اقصد ذلك , اعني ان أعطيتِ هموم الحياة هذا الكم الهائل من الاهتمام ستصابين بالدوار
لانكِ ستبقين تدورين حول نفسك وحول مشاكلك من دون فائدة , خُذي قسطاً من السعادة
من ثم قام بمسك يدي وقبلها !
.
.
يُتبع
حرف : مار إدريس مُخلص