كتب "مكسيم غوركي" عن "تشيخوف" يقول:
"ذات مرة دعاني لزيارته في قرية ( كوتشوك - كوى )، حيث كانت لديه قطعة ارض صغيرة ومنزل أبيض من طابقين، وهناك عرض علي ( ضيعته) وهو يتحدث بحيوية:
- لو كان لدي نقود كثيرة لأقمت هنا مصحاً للمدرسين الريفيين المرضى، اتدري، ولكنت شيدت مبنى مضيئاً، مضيئاً جداً، بنوافذ كبيرة وأسقف عالية، ولكنت زودته بمكتبة رائعة، وبمختلف الآلات الموسيقية، وبمنحل ومزرعة خضروات وبستان فواكه، ولكان من الممكن تنظيم محاضرات في الزراعة والأرصاد، فالمدرس يا عزيزي بحاجة الى معرفة كل شئ، نعم كل شئ!
وفجأة صمت، وسعل، ونظر الي نظرة جانبية وابتسم ابتسامته الناعمة الرقيقة، والتي كانت تجذب دائماً اليه بلا فكاك وتثير اهتمام حاداً خاصاً بما يقول.
- هل مللت من سماع تخيلاتي؟ أما أنا فأحب الحديث في هذا، آه لو تعلم مدى حاجة الريف في روسيا أن نحيطه بظروف خاصة، ويجب أن نفعل ذلك بأسرع ما يمكن اذا كنا ندرك أنه بدون شعب مثقف ثقافة واسعة ستنهار الدولة كالبيت المشيد من طوب لم يحرق جيداً!
فالمدرس ينبغي أن يكون فناناً ، ومصوراً ، متيماً بعمله.
أما عندنا فهو عامل يدوي ، شخص قليل الثقافة، يمضي الى تعليم الاولاد بنفس الرغبة التي قد يمضي بها الى المنفى، أنه جائع ، مقهور، خائف من أن يفقد كسرة الخبز.
ينبغي أن يرى فيه الفلاحون قوة جديرة بالاهتمام والاحترام وحتى لا يجرؤ أحد على الصياح فيه، على اذلال كرامته، كما يفعل الجميع لدينا: الشرطي ، والبائع الغني، والقس، ومدير الناحية، وذلك الموظف المسمى بمفتش المدرسة.
انه من الحماقة ان تدفع ملاليم لرجل مدعو لتربية شعب...أتفهم؟"