السياسي الكبير والمواطن الفقير
زار سياسي شهير قرية صغيرة فقيرة ، وأذاع بين أهل القرية أن السياسي الكبير جاء ليحل مشاكل الجماهير ، وجلس السياسي الكبير على كرسي كبير ، وراح يستقبل الجماهير في مكتبه الكبير ، جاء رجل فقير من أهل القرية يشكو حاله للسياسي الكبير وقال بصوت مخنوق :
ـ أنقذني يا سيدي ، وإلا سأحرق نفسي غدا ، لقد وصلت حد الموت ، وبدل ان أموت حسرة وكمدا بالتدريج سأحرق نفسي لأموت مرة واحدة ، وأرتاح من هذه الحياة التي لا تطاق .
فقال السياسي بلطف :
ـ لآ عليك أيها المواطن الطيب ، سنحل لك مشكلتك مهما كانت ، وتحل السعادة في دارك بدل التعاسة ، فنحن أهل السياسة خبراء في فن القضاء على التعاسة . ما هي مشكلتك ؟
قال المواطن المسكين :
ـ يا سيدي ، أنا رجل فقير لي زوجة وسبعة أولاد ، وكلنا نعيش في غرفة واحدة صغيرة حقيرة ، لا تسعنا ..
قال السياسي :
ـ الدنيا صيف ، والطقس رائع لينم بعض الأولاد أمام الغرفة في الهواء العليل .
قال الفقير :
ـ أمام الغرفة يا سيدي حظيرة صغيرة حقيرة أيضا ، فيها خم دجاج نأكل من بيضها ، وبقرة عجفاء نشرب من حليبها القليل .
قال السياسي بدهاء :
ـ فهمتك الآن أيها المواطن الطيب ، وسأحل لك مشكلتك حلا جذريا بشرط أن تسمع وتطيع ولا تناقش ولا تعترض .
قال المواطن المسكين :
ـ سمعا وطاعة يا سيدي ، المهم أن تحل لي مشكلتي وتخلصني من مأساتي .
قال السياسي :
ـ تذهب إلى بيتك ، وتدخل البقرة لكي تنام معكم في الغرفة ، ودعها تنام معكم لمدة أسبوع ، ولا تقل لي كيف ولماذا ، وتذكر وعدك لي بأن تسمع وتطيع .
ذهب الفقير مغلوبا على أمره ، وأدخل البقرة لتنام معه في الغرفة ، وبعد أسبوع عاد إلى السياسي ملفوف الذراع ، لا يكاد يحمل نفسه ، فسأله السياسي :
ـ لا أريد أن أسألك عن الحال ، فأرى أن الحال يغني عن السؤال ، إذهب هذا الأسبوع وأدخل الدجاجات لتنام معكم ومع البقرة في الغرفة لمدة أسبوع ، وتذكر أنك وعدتني أن تسمع وتطيع ولا تعترض ولا تناقش .
فقال الفقير : سمعا وطاعة يا سيدي المهم أن تحل لي مشكلتي وتخلصني من مأساتي .
وذهب الرجل الفقير ، ونفذ ما أمره به السياسي الكبير ، وحشر الدجاجات في الغرفة ، وعاد بعد أسبوع ، وقد وضع على عينه عصابة بعد أن نقرها الديك ،
فانهار باكيا أمام السياسي الكبير الذي قال له بلطف ودهاء :
ـ اصبر أيها المواطن الطيب فلقد اقترب الفرج ، هذا الأسبوع اذهب واخرج البقرة ، وأعدها إلى الحظيرة .
ففعل الرجل الفقير ما أمره السياسي الكبير ، وعاد إليه وفي الأسبوع الرابع أمره أن يخرج الدجاجات ، وعاد الفقير بعد الأسبوع الرابع إلي السياسي الكبير ، وقد خسر إحدى عينيه ، وكسرت إحدى يديه ، ولما سأله عن حاله قال :
ـ الحمد لله يا سيدي أنا الآن في أحسن حال ، أنام مع عائلتي في الغرفة الصغيرة ، وتعيش الحيوانات في الحظيرة ، وقد ضحيت بعيني ويدي في سبيل سعادة عائلتي .