يُعد اضطراب التعلم غير اللفظي حالة عصبية تتميز بمجموعة من الصعوبات الاجتماعية والأكاديمية والتي يعاني منها الأطفال الأذكياء أو حتى الأطفال الموهوبين للغاية.
يفتقر الأطفال الذين يعانون من اضطراب التعلم غير اللفظي إلى المهارات الاجتماعية التي يتعلمها أغلب الناس بالحدس عن طريق المراقبة بدلًا من تلقي التعليمات، حيث أنهم غير قادرين على إدراك المنبهات البيئية الدقيقة أو التعلم بمجرد المشاهدة.
يعاني الأطفال المصابون بهذا الاضطراب من صعوبة تلقي وتفسير أنواع الاتصال غير اللفظية، مثل لغة الجسد وتعابير الوجه أو مبدأ المساحة الشخصية أو أنواع معينة من السلوك. ولم يذكر اضطراب التعلم غير اللفظي في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية التابع للرابطة الأمريكية للطب النفسي.
أعراض اضطراب التعلم غير اللفظي
تشبه أعراض هذا الاضطراب أعراض متلازمة اسبرجر، إلا أنها أخف شدة من أعراضه، حتى أن بعض الخبراء يعتقدون أن متلازمة اسبرجر واضطراب التعلم غير اللفظي هما نفس الحالة، لكن يتم النظر إليهما بطرق مختلفة. يتمتع الطفل بكثير من المفردات واللغة القوية، والذاكرة الجيدة، والمهارات اللفظية، ومع ذلك فإنه يعاني من صعوبة في استيعاب القراءة والأشكال العليا من الرياضيات وخاصة مشاكل الكلمات الرياضية.
كما يعاني من ضعف التنسيق الجسدي والتصرفات الغريبة ومقاومة التغيير والخوف من المواقف الجديدة، واعتماد التفكير المركز والحرفي وتجاهل الصورة الأكبر، والافتقاد للذكاء الاجتماعي. وعدم كفاية المهارات الحركية الإجمالية مما يؤدي إلى صعوبة في الكتابة اليدوية، وصعوبة استخدام المقص والأدوات، وصعوبة ركوب الدراجات والمشاركة في الألعاب الرياضية.
الخوف من المواقف الجديدة يجعل من الصعب مقابلة أشخاص جديدة وتكوين الصداقات، كما يعتمد الطفل المصاب باضطراب التعلم غير اللفظي على الكلمات المنطوقة كأداة اجتماعية أساسية، لذلك قد يعتقد الآخرون أنه شخص يتحدث كثيرًا.
ما هي أسبابه؟
يرتبط اضطراب التعلم غير اللفظي بروابط جينية وتنتج عن عجز في نصف الكرة المخي الأيمن للدماغ حيث تحدث المعالجة غير اللفظية، فتكون النتيجة هي عدم توازن القدرات بين مستويات عالية من الذكاء والذاكرة والمهارات اللفظية، إلى جانب مستويات منخفضة من المهارات الحركية الدقيقة، والمهارات البصرية، والعلاقات الاجتماعية.
لا توفر منطقة المعالجة غير اللفظية للدماغ ارتداد تلقائي ليخبر الشخص ما الذي يجب عليه قوله أو فعله في المواقف الجديدة، مثل تقديمه لشخص غريب. ومع مرور الوقت، يظهر الطفل نظاما لاستخدام الذكريات السابقة لتجارب سابقة مماثلة كدليل لكيفية التصرف في الحالات الجديدة، بدلًا من الاستجابة للإشارات الاجتماعية المحددة لشخص جديد، ويؤدي ذلك إلى الشخصية الغريبة اجتماعيًا في حالة اضطراب التعلم غير اللفظي.
علاج اضطرابالتعلم غير اللفظي
بما أن اضطراب التعلم غير اللفظي لم يتم التعرف عليه بعد باعتباره اضطرابًا تشخيصيًا واضحًا، فلا توجد خطة علاج واحدة يمكن التوصية بها.
ومثله مثل اضطرابات التعلم الأخرى، فإن أفضل ما يخدم الأطفال هو التدخل المبكر وتقديم الدعم. يمكن تحديد احتياجات الطفل الخاصة بعد الملاحظة والتقييم الأولي، وبعدها توضع خطة للتحسن الاجتماعي والأكاديمي بواسطة محترفي التدريس. وقد تشمل تلك التدخلات وقتًا إضافيًا للتدريب على تطوير المهارات في مجال التعرف على أنماط وطرق الأفكار وتقديم المشورة لمساعدة الطفل على فهم التوقعات الاجتماعية بشكل أفضل.
كما يمكن وضع استراتيجيات في المنزل لتعزيز التعلم، كما قد يساعد العلاج النفسي أيضًا، لأن الأطفال المصابون باضطراب التعلم غير اللفظي يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق الاجتماعي والعام.
رنا السعدني- مجلة اراجيك