زيارة البابا وشيخ الأزهر تجسد إرساء الإمارات للتسامح



المصدر:
أبوظبي - ماجدة ملاوي

أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، أن استضافة الإمارات الزيارة التاريخية المشتركة لكل من قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تجسّد نهج الدولة في إرساء قيم التسامح والتآخي على مستوى العالم، بعد أن أصبحت الإمارات نموذجاً في التعايش الحضاري، بفضل القيادة الرشيدة التي هي أساس تقدم ورخاء الوطن.
وأشار إلى أهمية الاستفادة من المعاني المهمة في هذا الحدث الذي يأتي في عام التسامح ومنها المكانة المرموقة لدولة الإمارات على مستوى العالم.
حدث تاريخي
وأوضح معاليه، خلال الندوة التي نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت عنوان «الإمارات وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش محلياً وعالمياً»، أن هذا الحدث التاريخي يعد تعبيراً قوياً عن رؤية قداسة البابا وفضيلة شيخ الأزهر لدور الإمارات وقادتها المخلصين في نشر السلام والمحبة بين الجميع والتركيز على مفهوم «الأخوة الإنسانية».
وأيضاً تجسيداً لقناعة قوية بين البشر أجمعين بأهمية الاحتفاء بالقيم والمبادئ والأخلاقيات التي يشترك فيها بنو الإنسان في كل مكان.
حضر الندوة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وعلي السيد الهاشمي، مستشار الشؤون القضائية والدينية بوزارة شؤون الرئاسة، والدكتور أحمد محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، والدكتور جمال سند السويدي، المدير العام لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
وعفراء محمد الصابري، المدير العام لوزارة التسامح، ومقصود كروز، المدير التنفيذي لمركز هداية، والقس بشوي فخري، راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس بأبوظبي.
قوة ناعمة
وأشار معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان إلى أن هذه الزيارة التاريخية هي تعبير واضح عن القوة الناعمة لدولة الإمارات، وتأكيد لدور القيادة والشعب في مجال التسامح والتعايش السلمي.
وتذكرة بما يبذله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من جهد هائل وعمل متواصل في سبيل تطوير العلاقات النافعة مع أصحاب الحضارات والثقافات المختلفة، إضافة إلى تحقيق التواصل والتعارف والتراحم بين الناس، والسعي نحو تحقيق مستقبل للبشر يسوده التفاهم والسلام في كل مكان.
ونوه بأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جعل من الإمارات الحبيبة مجالاً طبيعياً للتعايش والتسامح، مشيراً إلى أن قادة الدولة يسيرون على الدرب نفسه كما نرى ذلك بكل وضوح في توجيهات وأعمال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وفي توجيهات وأعمال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
وفي توجيهات وأعمال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي أعمال وأقوال أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، إذ كانت القيادة الرشيدة للوطن، بدءاً من المغفور له مؤسس الدولة، عاملاً أساسياً فيما نراه الآن في الإمارات من تسامح وتعايش وتقدم ورخاء.
تسامح وتعايش
وقال معاليه إن ثقافة التسامح والتعايش هي تجسيد عن حق لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هذا القائد الوطني الفذ الذي يحقق لنا في الإمارات التقدم والنماء والأمن والأمان والاستقرار، دونما ابتعاد عن الهوية أو انقطاع عن الأصالة، في إطار الاعتزاز القوي بتراثنا العربي والإسلامي والإنساني الذي يحث على العدل والتسامح والتراحم والتعارف والتعاون الكامل مع الجميع.
وأضاف أننا نقدّر لسموه كثيراً حرصه على أن يكون التسامح جزءاً أساسياً في بنيان المجتمع، ونعتز غاية الاعتزاز بما أكده بمناسبة عام التسامح من أن المجتمعات التي تقوم على قيم ومبادئ التسامح والمحبة والتعايش هي التي تستطيع تحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية بجميع جوانبها، وتأكيد سموه الدور الرائد الذي تؤديه دولة الإمارات في سبيل ترسيخ ونشر مفاهيم وقيم التسامح والتعايش والسلام على مستوى العالم كله.
وقال إن الإمارات لديها شعب مسالم ومتسامح بالفطرة والطبيعة، حريص على تنمية النموذج الرائد للتسامح والتعايش الذي أرساه مؤسس الدولة، إلى جانب ما تحظى به الدولة من نظام قوي ومؤسسات فاعلة وتشريعات رشيدة وتلاحم عميق بين الشعب وقادته، ونحن اليوم في عام التسامح نذكّر بكل فخر واعتزاز، بل بكل شكر وامتنان، ما تركه فينا مؤسس الدولة من قيم ومبادئ أصيلة، تؤكد التزام المجتمع بأن جميع السكان لديهم حق مطلق في الحياة الكريمة في أمان وسلام واستقرار.
وأضاف أننا نعيش اليوم في دولة تمثل نموذجاً حضارياً وإنسانياً وتنموياً رائعاً، وهو ما يفرض علينا واجباً ومسؤولية لنشر الفائدة حول العالم من معطيات وخصائص هذا النموذج الناجح، من أجل بناء مستقبل أفضل للبشرية في عالم متعدد الثقافات والحضارات، في ظل الإنجازات الممتدة لمؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مجالات التعايش والتسامح الذي كان واعياً تماماً بدوره التاريخي في تشكيل مستقبل الدولة على أسس قوية تركز على تمكين جميع أبناء وبنات الدولة من الإنجاز في المجالات كافة.
إنجازات
ونوه معالي الشيخ نهيان بأن إنجازات الشيخ زايد الهائلة أسهمت في تحقيق التقدم والرخاء للمجتمع والإنسان، وبما تركه من مجتمع قوي ومتماسك ودولة عزيزة وناجحة بكل المقاييس، وكان في كل أقواله وأعماله حريصاً على التواصل مع جميع أفراد المجتمع، واهتم بالمرأة والأسرة وبالشباب وجميع فئات السكان، وكان حريصاً كل الحرص على نشر القيم الإنسانية النبيلة في ربوع الوطن والعالم.
وقال معاليه: «إنني حين أتحدث عن التسامح والتعايش في فكر الوالد الشيخ زايد، فإنني أشير دائماً إلى عدد من المبادئ المهمة التي تمثل لنا جميعاً إرثاً خالداً تركه لنا القائد المؤسس، أولها الولاء للدين الحنيف والأسرة والوطن واتخاذ ذلك كله طريقاً لتحقيق التعايش والسلام والرخاء في العالم، والمبدأ الثاني هو حب الوطن والانتماء لكل طموحاته وأهدافه.
وما يرتبط بذلك من وعي وحكمة في التزود بالعلم والمعرفة والإفادة من الخبرات والتجارب ودراسة الممارسات الناجحة حول العالم، بل أيضاً في فهم الماضي وتقدير الحاضر، والتطلع نحو المستقبل بثقة وتفاؤل، إضافة إلى مبدأ الشجاعة وتحمّل المسؤولية في الأخذ بالمبادرة، وفي مواجهة التحديات.
وفي تنمية القدرة على العمل الجماعي، لما فيه خير المجتمع وتقدم الإنسان، والقدرة على التواصل الإيجابي مع الغير وتنمية قيم التسامح والتعايش السلمي، وفهم واحترام الثقافات والحضارات المختلفة، والعمل على تحقيق العدل الاجتماعي، واحترام حقوق الإنسان في كل مكان، إضافة إلى الحرص في كل جوانب العمل الوطني، والتسامح جزء منها، على التفكير المبدع والابتكار الناجح والإنجاز الهادف في منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق التطوير الدائم نحو الأفضل، وذلك في إطار من الحرص على أن يكون الإنسان في الإمارات نموذجاً وقدوة في السلوك الإنساني والمجتمعي القويم.
ثقافة متكاملة
من جانبه، قال الشيخ عبد الله بن بيه، في كلمته عن التسامح وأسسه المنهجية في الإسلام، إن التسامح في الإسلام يشكّل ثقافة متكاملة لها قيمها ومظاهرها ومجالاتها، كما أن له أسساً منهجية عليها ينبني، مشيراً إلى أن الإسلام يعتبر البشر جميعاً إخوة، فيسد الباب أمام الحروب الكثيرة التي عرفها التاريخ الإنساني بسبب الاختلاف العرقي.
وأوضح أن الآخر في رؤية الإسلام ليس عدواً ولا خصماً، مشيراً إلى أن الآخر، هو كما تقول العرب، الأخ الذي يشترك معك في المعتقد أو يجتمع معك في الإنسانية، ويتجلى هذا في سمو في تقديم الإسلام الكرامة الإنسانية، بوصفها أول مشترك إنساني بين البشر جميعاً على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم. وقال إن التعدد هو سنّة كونية.
وكذلك هو فطرة بشرية، فالناس من فطرتهم أن تختلف رؤاهم وتصوراتهم ومعتقداتهم ومصالحهم، ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام إلا معترفاً بهذا المبدأ ومعلناً ضرورة احترامه، لافتاً إلى أن اعتراف الإسلام بالتعددية الدينية ليس مجرد اعتراف، بل هو احترام وحماية، فقد جعل الله عز وجلّ البِيَع والكنائس محمية لا يمكن أن تمتد إليها يد الاعتداء، والتاريخ يثبت أنه لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه هدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار، وتلك هي الديانات التي كانت موجودة في المجال الحضاري للإسلام يومئذٍ.
ونوه بأن الحوار واجب ديني وضرورة إنسانية، وليس أمراً موسمياً، ولذا أمر به الباري عز وجل، وبالحوار يتحقق التعارف والتعريف، وهو مفتاح لحل مشكلات العالم، إذ يقدم، كما يقول أفلاطون، البدائل عن العنف، لأنه بالحوار يبحث عن المشترك، وعن الحل الوسط الذي يضمن مصالح الطرفين، وعن تأجيل الحسم العنيف، وعن الملاءمات والمواءمات التي هي من طبيعة الوجود، ولهذا أقرها الإسلام، وأتاح الحلول التوفيقية التي تراعي السياقات، وفق موازين المصالح والمفاسد المعتبرة.
رؤية
وبدوره، قال الدكتور أحمد محمد الجروان إن إطلاق مبادرة عام التسامح يعكس رؤية القيادة الحكيمة في دولة الإمارات لمعطيات الصراعات المنتشرة في الكثير من أرجاء العالم، وهي التي نشبت بسبب تفشي مظاهر الكراهية والعنف والطائفية وتراجع قيم التسامح، كما تعكس هذه المبادرة رؤية القيادة في أن السبيل الأمثل لإخماد هذه الصراعات هو نشر قيم التسامح إقليمياً وعالمياً، مشيراً إلى أن هذه المبادرة سوف تسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتعايش والتلاقي الحضاري.
وأضاف الجروان أن مبادرة عام التسامح تعكس رؤية دولة الإمارات لتحقيق السلام العالمي، لافتاً إلى أن تحقيق السلام في المستقبل مرهون بالقدرة على نشر قيم التسامح وثقافته، وهو ما يجب أن تستهدفه المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية كافة، وهو ما نسعى لتحقيقه في المجلس العالمي للتسامح والسلام، بالتعاون مع مختلف الفاعلين الدوليين.
رسالة
من جانبه، تطرق علي السيد الهاشمي إلى التسامح من المنظور الديني، مؤكداً أن التسامح والحب والتعاون هو رسالة الإسلام التي يدعو بها وإليها الناس جميعاً. وقال: «جاء الإسلام ليدعو الناس إلى التسامح والتعايش ونبذ العنف والغلو حتى في العبادة»، مشيراً إلى أن التسامح الذي يدعو إليه الإسلام والأديان السابقة ليس رمزاً ولا معنى مجرداً، وإنما هو صفة إيجابية بناءة، خاصة فيما يتعلق بالمعتقد.
نبذ العنف
من جانبها، قالت المديرة العامة لوزارة التسامح، خلال مشاركتها في جلسة بعنوان «تخليداً لإرث زايد.. الإمارات تعزز قيم التسامح والتعايش»، إن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رسّخ ثقافة التسامح والتعايش في نفوس أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها الطيبة، من خلال تقبل الآخر ونبذ العنف والتطرف، مشيرةً إلى أن عام التسامح يؤكد دور الإمارات في تأصيل ثقافة التعايش والتسامح على مختلف الصعد المحلية والإقليمية والعالمية.
بدوره، قال القس بيشوي فخري، خلال مشاركته في جلسة بعنوان «التسامح من المنظورين الديني والإنساني»، إن التسامح على أرض دولة الإمارات يعد ثمرة من شجرة المحبة التي غرسها ورعاها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي احتوى كل الأديان والمذاهب والثقافات برؤيته المتسعة والحكيمة.
وهي الرؤية التي حافظت عليها وتمسكت بها وحفزت عليها قيادة الإمارات، مشيراً إلى أن تلك الرؤية جعلت من دولة الإمارات موطناً للروح السمحة الطيبة.