من رسائل أمير المؤمنين (عليه السلام) في سياسة البلاد
رسائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) إلى ولاته وعماله وموظفيه خير وجه ناصع لسياسة الإسلام في كيفية إدارة البلاد والعباد.
فهي بوحدها جامعة للسياسة الإسلامية في كل أبعادها وفي مختلف شؤونها.
ولكي نعكس صورة عملية أخرى لسياسة الإسلام الحكيمة..
ولكي يعتبر القادة والساسة دروساً من القيادات والسياسات المادية التي لا تجر إلى البشر سوى الفتك والدمار والتحطيم..
ولكي يعرف الخلاص والنجاة فيم؟ وكيف؟ وعند من؟
لذلك كله: نضع هنا بعض رسائل أمير المؤمنين (عليه السلام) السياسية مما نقلها الشريف الرضي (رضي الله عنه) في (نهج البلاغة)، ونترك الشرح والتعليق إلى مقدرة القارئ وفطنته ومقدار استفادته منها في مختلف المستويات.
ولا يخفى إنا قد ضمنا بين ثنايا الكلمات الغامضة تفسيراتها بين معقوفتين هكذا [] للتسهيل على من ليس لهم الإلمام الكامل بمعاني اللغات.
لا.. لغلظة الوالي
من كتاب لـه (عليه السلام) إلى بعض عماله: «أما بعد، فإن دهاقين [الأكابر، الزعماء، أرباب الأملاك بالسواد] أهل بلدك شكوا منك غلظة وقسوة، واحتقاراً وجفوة، ونظرت فلم أرهم أهلاً لأن يدنوا [يقربوا] لشركهم، ولا أن يقصوا [يبعدوا] ويجفوا [يعاملوا بخشونة] لعهدهم، فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه [تخلطه] بطرف من الشدة، وداول [اسلك فيهم منهجاً متوسطاً] لهم بين القسوة والرأفة، وأمرج لهم بين التقريب والإدناء، والإبعاد والإقصاء إن شاء الله»(2).
لا.. للخيانة
ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى زياد بن أبيه، وهو خليفة عامله عبد الله بن عباس على البصرة، وعبد الله عامل أمير المؤمنين (عليه السلام) يومئذ عليها وعلى كور الأهواز(3) وفارس وكرمان وغيرها.
«واني أقسم بالله قسماً صادقاً، لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين
[ مالهم من غنيمة أو خراج] شيئاً صغيراً أو كبيراً، لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر، ضئيل الأمر، والسلام»(4).
لا.. للإسراف
ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى زياد أيضاً:
«فدع الإسراف مقتصداً، واذكر في اليوم غداً، وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك.
أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين، وأنت عنده من المتكبرين! وتطمع
ـ وأنت متمرغ في النعيم [متقلب في الترف] تمنعه الضعيف والأرملة ـ أن يوجب لك ثواب المتصدقين؟ وإنما المرء مجزي بما أسلف، وقادم على ما قدم،
والسلام»(5).
خلق الجباة
ومن وصية لـه (عليه السلام) كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات(6):
«انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروعن مسلماً، ولاتجتازن
[ المرور] عليه كارهاً، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم، فتسلم عليهم، ولا تخدج [لا تبخل] بالتحية لهم، ثم تقول:
عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله وخليفته، لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه، فإن قال قائل: لا، فلاتراجعه.
وإن أنعم [قال: نعم] لك منعم، فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده، أو تعسفه [تأخذه بشدة] أو ترهقه [تكلفه ما يصعب عليه] فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كان لـه ماشية أو إبل، فلا تدخلها إلا بإذنه فان أكثرها لـه، فإذا أتيتها، فلا تدخل عليها دخول متسلط عليه، ولا عنيف به».
وحقوق الحيوان
«ولا تنفرن بهيمة ولا تفزعنها، ولا تسوأن صاحبها فيها، وأصدع المال صدعين [قسمه قسمين] ثم خيره فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، ثم اصدع الباقي صدعين، ثم خيره فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله، فاقبض حق الله منه، فإن استقالك فأقله، ثم اخلطهما، ثم اصنع مثل الذي صنعت أولاً، حتى تأخذ حق الله في ماله.
ولا تأخذن عوراً، ولا هرمة، ولا مكسورة، ولا مهلوسة [العور ـ بفتح فسكون ـ المسنة من الإبل، الهرمة: أسن من العود، المهلوسة: الضعيفة] ولا ذات عوار [بفتح العين: العيب] ولا تأمنن عليها إلا من تثق بدينه، رافقاً بمال المسلمين، حتى يوصله إلى وليهم فيقسمه بينهم، ولا توكل بها إلا ناصحاً شفيقاً، وأميناً حفيظاً غير معنف، ولا مجحف ولا مغلب ولا متعب».
الرحمة بالنعم
«ثم احدر [سق سريعاً] ما اجتمع عندك، نصيّره حيث أمر الله به، فإذا أخذها أمينك فأوعز إليه ألا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يمصر
[ حلب ما في الضرع جميعه] لبنها فيضر ذلك بولدها، ولا يجهدنها ركوباً، وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها.
وليرفه على اللاغب [أي ليرح ما ألغب أي ما أعياه التعب] وليستأن بالنقب والظالع [أي ليرفق بما نقب خفه وغمز في مشيته] وليوردها ما تمر به من الغدر، ولا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جواد الطرق [وهي التي لا مرعى فيها] وليروحها في الساعات، وليمهلها عند النطاف [جمع نطفة: المياه القليلة، أي يجعل لها مهلة لتشرب وتأكل] والأعشاب، حتى تأتينا بإذن الله بدنا منقيات
[ سمينات] غير متعبات ولا مجهودات [بلغ منها الجهد والعناء مبلغاً عظيماً] لنقسمها على كتاب الله وسنة نبيه(صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن ذلك أعظم لأجرك، وأقرب لرشدك، إن شاء الله»(7).
تواضع الوالي
ومن عهد لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر، حين قلده مصر:
«فاخفض لهم جناحك، وألن لهم جانبك، وأبسط لهم وجهك، وآس
[ ساوي] بينهم في اللحظة والنظرة، حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم
[ ظلمك لأجلهم] ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم، فإن الله تعالى يسألكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة، والظاهرة والمستورة، فإن يعذب فأنتم أظلم، وإن يعف فهو أكرم»(8).
سيرة المتقين
«واعلموا عباد الله: أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ، والمتجر الرابح.
أصابوا لذة زهدة الدنيا في دنياهم، وتيقنوا أنهم جيران الله غداً في آخرتهم، لا ترد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من لذة»(9).
احذروا الموت
«فاحذروا عباد الله الموت وقربه، وأعدوا لـه عدته، فإنه يأتي بأمر عظيم وخطب جليل، بخير لا يكون معه شر أبداً، أو شر لا يكون معه خير أبداً، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها؟ ومن أقرب إلى النار من عاملها؟.
وأنتم طرداء الموت، إن أقمتم لـه أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم من ظلكم.
الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوي من خلفكم.
فاحذروا ناراً قعرها بعيد، وحرها شديد، وعذابها جديد، دار ليس فيها رحمة، ولا تسمع فيها دعوة، ولا تفرج فيها كربة.
وإن استطعتم أن يشتد خوفكم من الله، وأن يحسن ظنكم به، فاجمعوا بينهما، فإن العبد إنما يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه، وإن أحسن الناس ظناً بالله، أشدهم خوفاً لله.
واعلم ـ يا محمد بن أبي بكر ـ أني وقد وليتك أعظم أجنادي في نفسي أهل مصر، فأنت محقوق أن تخالف على نفسك [تخالف شهوة نفسك] وأن تنافح عن دينك [تدافع عنه] ولو لم يكن لك إلا ساعة من الدهر، ولا تسخط الله برضا أحد من خلقه، فإن في الله خلقاً من غيره، وليس من الله خلف في غيره»(10).
التأكيد على الصلاة
«صل الصلاة لوقتها المؤقت لها، ولا تعجل وقتها لفراغ، ولاتؤخرها عن وقتها لاشتغال، واعلم أن كل شيء من عملك تبع لصلاتك»(11).
لا سواء
«فإنه لا سواء، إمام الهدى وإمام الردى، وولي النبي، وعدو النبي.
ولقد قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
إني لا أخاف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه [يقهره] الله بشركه، ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان [من أسر النفاق في قلبه] عالم اللسان [من لا يعرف أحكام الشريعة ويسهل عليه بيانها] يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون»(12).
ارفع إلي حسابك
من كتاب لـه (عليه السلام) إلى بعض عماله(13):
«أما بعد، فقد بلغني عنك أمر، إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك، وعصيت إمامك، وأخزيت أمانتك [ألصقت بأمانتك خزية ـ بالفتح ـ أي رزية أفسدتها وأهانتها] . بلغني أنك جردت الأرض [قشرتها، والمعنى أنه أنسبه إلى الخيانة في المال، وإلى إخراب الضياع] فأخذت ما تحت قدميك، وأكلت ما تحت يديك، فارفع إليّ حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس، والسلام».
وصايا إنسانية
ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى بعض عماله(14):
«أما بعد، فإنك ممن أستظهر به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الأثيم
[ أكسر به كبر الأثيم الذي يفعل الخطايا والآثام] وأسد به لهاة الثغر المخوف
[ اللهاة: قطعة لحم مدلاة في آخر سقف الفم على باب الحلق، قرنها بالثغر تشبيهاً لـه بفم الإنسان، والثغر المخوف: المكان الذي يخشى طروق الأعداء لـه على الحدود] فاستعن بالله على ما أهمك، وأخلط الشدة بضغث [شيء] من اللين، وارفق ما كان الرفق أرفق، واعتزم بالشدة حين لا تغني عنك إلا الشدة، واخفض للرعية جناحك، وابسط لهم وجهك، وألن لهم جانبك، وآس بينهم
[ شارك بينهم واجعلهم سواء] في اللحظة والنظرة، والإشارة والتحية، حتى لايطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضعفاء من عدلك، والسلام».
إلى الأشتر النخعي (رضي الله عنه)
من كتاب لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) كتبه إلى الأشتر النخعي، لما ولاه على مصر وأعمالها حين اضطرب أمر أميرها محمد بن أبي بكر، وهو أطول عهد كتبه، وأجمعه للمحاسن(15):
« بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه، حين ولاه مصر: جباية خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح أهلها، وعمارة بلادها».
تقوى الله
«أمره بتقوى الله، وإيثار طاعته، واتباع ما أمر به في كتابه، من فرائضه وسننه، التي لا يسعد أحد إلا باتباعها، ولا يشقى إلا مع جحودها وإضاعتها، وأن ينصر الله سبحانه بقلبه، ويده ولسانه، فإنه جل اسمه، قد تكفل بنصر من نصره، وإعزاز من أعزه.
وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات، ويزعها عند الجمحات [يزعها: يكفها، والجمحات: منازعات النفس إلى شهواتها ومآربها] فإن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم الله».
يقولون فيك ما كنت تقول
«ثم اعلم يا مالك، إني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وإن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم، وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله على ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، فاملك هواك، وشح [أبخل] بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس الإنصاف منها، فيما أحبت أو كرهت».
أصناف الناس
«وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولاتكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق، يفرط [يسبق] منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك، مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم».
لا.. لحرب الله
«ولا تنصبن نفسك لحرب الله، فإنه لا يد لك بنقمته [أي ليس لك قوة تدفع نقمته، يعني لا طاقة لك بها] ولا غنى بك عن عفوه ورحمته، ولا تندمن على عفو، ولا تبجحن [لا تفرحن كبراً] بعقوبة، ولا تسرعن إلى بادرة وجدت منها مندوحة [البادرة: ما يبدر عن الغضب من قول أو فعل، والمندوحة: المخلص] ولا تقولن: إني مؤمر [مسلط] آمر فأطاع، فإن ذلك إدغال [إدخال الفساد] في القلب، ومنهكة [مضعفة] للدين، وتقرب من الغير [بكسر ففتح: حادثات الدهر بتبدل الدول] وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة
[ الأبهة: العظمة والكبرياء، والمخيلة ـ بفتح فكسر ـ الخيلاء والعجب] فانظر إلى عظم ملك الله فوقك، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك.
فإن ذلك يطامن [يخفض] إليك من طماحك، ويكف عنك من غربك
[ طماح ككتاب: النشوز والجماح، والغَرب بفتح فسكون: الحدة] ويفيء إليك بما عزب [غاب] عنك من عقلك».
لا.. للتكبر
«إياك ومساماة [المباراة في السمو، أي العلو] الله في عظمته، والتشبه به في جبروته، فإن الله يذل كل جبار، ويهين كل مختال. أنصف الله وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى [لك إليه ميل خاص] من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم! ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض [أبطل] حجته، وكان لله حرباً، حتى ينزع، أو يتوب.
وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته، من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد».
أوسط الأمور في الحق
«وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضى الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة [يذهب برضاهم] ، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء، وأقل معونة لـه في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف [الإلحاح والشدة في السؤال] وأقل شكراً عند الإعطاء، وأبطأ عذراً عند المنع، وأضعف صبراً عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة.
وإنما عماد الدين، وجماع المسلمين [جماعتهم] والعدة للأعداء العامة من الأمة، فليكن صغوك [بالكسر والفتح: التوجه] لهم، وميلك معهم».
لا تقرب النمامين
«وليكن أبعد رعيتك منك، وأشنأهم [أبغضهم] عندك، اطلبهم لمعائب الناس، فإن في الناس عيوباً، الوالي أحق من سترها، فلا تكشفن عما غاب عنك منها، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك، والله يحكم على ما غاب عنك.
فاستر العورة ما استطعت، يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك.
أطلق عن الناس عقدة كل حقد [أحلل عقدة الأحقاد من قلوب الناس بحسن السيرة معهم] وأقطع عنك سبب كل وتر [بالكسر: العداوة] وتغاب
[ تغافل] عن كل ما لا يضح لك [ما لا يظهر لك] ولا تعجلن إلى تصديق ساع، فإن الساعي [النمام بمعائب الناس] غاش، وإن تشبه بالناصحين».
سياسة المشورة
«ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً، يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر [يخوفك منه لو بذلت] ، ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزين لك الشره [الشره بالتحريك: أشد الحرص] بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى، يجمعها سوء الظن بالله».
شر الوزراء
«إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً، ومن شركهم في الآثام، فلايكونن لك بطانة [بالكسر] فإنهم أعوان الأثمة [جمع آثم: وهو فاعل الإثم، أي الذنب] وأخوان الظلمة، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن لـه مثل آرائهم ونفاذهم، وليس عليه مثل آصارهم [ذنوبهم] وأوزارهم [جمع وزر: أي الإثم] وآثامهم، ممن لم يعاون ظالماً على ظلمه، ولا آثماً على إثمه.
أولئك أخف عليك مؤونة، وأحسن لك معونة، وأحنى عليك عطفاً، وأقل لغيرك إلفاً [صداقة].
فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك وحفلاتك، ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك، وأقلهم مساعدة فيما يكون منك، مما كره الله لأوليائه، واقعاً ذلك من هوالك حيث وقع».
الصق بأهل الروع
«والصق بأهل الورع والصدق، ثم رضهم [عودهم] على ألا يطروك [يمدحوك] ولا يبجحوك [يفرحوك بنسبة عمل عظيم إليك] بباطل لم تفعله، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو [العجب] وتدني من العزة.
ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة، وألزم كلا منهم ما ألزم نفسه».
الإحسان للرعية
«واعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المؤونات عليهم، وترك استكراهه إياهم على ما ليس لـه قبلهم [بكسر ففتح: أي عندهم].
فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن برعيتك، فإن حسن الظن يقطع عنك نصباً [تعباً] طويلاً.
وإن أحق من حسن ظنك به، لمن حسن بلاؤك عنده، وإن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك [صنعك] عنده.
ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، واجتمعت بها الألفة، وصلحت عليها الرعية، ولا تحدثن سنة تضر بشيء من ماضي تلك السنن، فيكون الأجر لمن سنها، والوزر عليك بما نقضت منها».
تأكيد على مدارسة العلماء
«وأكثر مدارسة العلماء، ومناقشة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك.
واعلم أن الرعية طبقات، لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض:
فمنها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة.
وكل قد سمى الله لـه سهمه [نصيبه] ووضع على حده فريضة في كتابه أو سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) عهداً منه عندنا محفوظاً».
الجيش والجنود
«فالجنود بإذن الله، حصون الرعية، وزين الولاة، وعز الدين، وسبل الأمن، وليس تقوم الرعية إلا بهم، ثم لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج، الذي يقوون به على جهاد عدوهم، ويعتمدون عليه فيما يصلحهم، ويكون من وراء حاجتهم [يقضونها به] ».
القضاة والعدل
«ثم لا قوام لهذين الصنفين، إلا بالصنف الثالث من القضاة والعمال والكتاب، لما يحكمون من المعاقد [العقود] ويجمعون من المنافع، ويؤتمنون عليه من خواص الأمور وعوامها».
أهل الصناعات والتجار
«ولا قوام لهم جميعاً إلا بالتجار وذوي الصناعات، فيما يجتمعون عليه من مرافقهم [أي المنافع التي يجتمعون لأجلها] ويقيمونه من أسواقهم، ويكفونهم من الترفق [التكسب] بأيديهم ما لا يبلغه رفق غيرهم».
وأهل الحاجة
«ثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحق رفدهم
[ صلتهم] ومعونتهم، وفي الله لكل سعة، ولكل على الوالي حق بقدر ما يصلحه. وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك، إلا بالاهتمام والاستعانة بالله، وتوطين نفسه على لزوم الحق، والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل.
فول من جنودك أنصحهم من نفسك لله ولرسوله ولإمامك، وأنقاهم جيباً
[ الصدر والقلب]، وأفضلهم حلماً، ممن يبطئ عن الغضب، ويستريح إلى العذر، ويرأف بالضعفاء، وينبو [يبتعد] على الأقوياء، وممن لا يثيره العنف، ولا يقعد به الضعف».
كرائم العائلات
«ثم الصق بذوي المروءات والأحساب، وأهل البيوتات الصالحة، والسوابق الحسنة، ثم أهل النجدة والشجاعة، والسخاء والسماحة، فإنهم جماع [أي مجموع] من الكرم، وشعب من العرف [المعروف].
ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما، ولا يتفاقمن
[ يتعاظمن] في نفسك شيء قويتهم به، ولا تحقرن لطفاً تعاهدتهم به وإن قل، فإنه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك، وحسن الظن بك.
ولا تدع تفقد لطيف أمورهم، اتكالاً على جسيمها، فإن لليسير من لطفك موضعاً ينتفعون به، وللجسيم موقعاً لا يستغنون عنه».
استقامة العدل
«وليكن آثر [أفضل وأعلى منزلة] رؤوس جندك عندك من واساهم
[ ساعدهم] في معونته، وأفضل عليهم من جدته [غناه] بما يسعهم ويسع من ورائهم من خلوف أهليهم [من يبقى في الحي من النساء والعجزة بعد سفر الرجال] حتى يكون همهم هماً واحداً في جهاد العدو، فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك، وإن أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، وظهور مودة الرعية.
وإنه لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم، ولا تصح نصيحتهم إلا بحيطتهم [صونهم] على ولاة الأمور وقلة استثقال دولهم، وترك استبطاء انقطاع مدتهم.
فافسح في آمالهم، وواصل في حسن الثناء عليهم، وتعديد ما أبلى ذووا البلاء منهم [أهل الأعمال العظيمة] فإن كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهز الشجاع وتحرض الناكل [المتأخر القاعد] إن شاء الله».
ضع الناس مواضعهم
«ثم اعرف لكل امرئ منهم ما أبلى، ولا تضمن بلاء امرئ [صنيعة الذي أبلاه] إلى غيره، ولا تقصرن به دون غاية بلائه، ولا يدعونك شرف امرئ إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيراً، ولا ضعة امرئ إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيماً. وأردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب [أي ما يثقلك ويكاد يميلك من الأمور الجسام]، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله تعالى لقوم أحب إرشادهم: ((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول))(16).
فالرد إلى الله: الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول: الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة».
مواصفات الحكام
«ثم اختر للحكم بين الناس، أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه [تجعله ماحقاً لجوجاً] الخصوم، ولا يتمادى
[ يستمر ويسترسل] في الزلة ولا يحصر من الفيء [الرجوع] إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرماً [ضجراً ومللا] بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم [أقطعهم للخصومة وأمضاهم فيها] عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء [أي لا يستخفه زيادة الثناء عليه]، ولايستميله إغراء، وأولئك قليل.
ثم أكثر تعاهد [مراجعة] قضائه، وأفسح لـه في البذل ما يزيل علته، وتقل معه حاجته إلى الناس.
وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال لـه عندك.
فانظر في ذلك نظراً بليغاً، فإن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار يعمل فيه بالهوى وتطلب به الدنيا».
اختبر الموظفين
«ثم انظر في أمور عمالك، فاستعملهم اختباراً [أي ولّهم الأعمال بالامتحان] ولا تولهم محاباة وأثرة [محاباة: أي اختصاصاً وميلاً منك لمعاونتهم، وأثرة: أي استبداداً بلا مشورة] فإنهما جماع من شعب [أي يجمعان شعب وفروع الجور والخيانة] الجور والخيانة، وتوخ [أي أطلب وتحر] منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة، فإنهم أكرم أخلاقاً وأصح أعراضاً، وأقل في المطامع إشراقاً، وأبلغ في عواقب الأمور نظراً.
ثم أسبغ [أكثر] عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك، أو ثلموا أمانتك [أي نقضوا في أدائها أو خانوا] ».
تفقد سيرة الموظفين
«ثم تفقد أعمالهم، وابعث العيون [الرقباء] من أهل الصدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم [أي سوق لهم وحث] على استعمال الأمانة والرفق بالرعية.
وتحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك، اكتفيت بذلك شاهداً، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثم نصبته بمقام المذلة، ووسمته بالخيانة، وقلدته عار التهمة».
الاقتصاد
«وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحاً لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله».
وعمارة الأرض
«وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة، أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً.
فإن شكوا ثقلاً، أو علة [فساد الزرع] أو انقطاع شرب، أو بالة [مطر] أو إحالة أرض اغتمرها [عمها] غرق، أو أجحف بها عطش [أتلفها]، خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم، ولا يثقلن عليك شيء خففت به المؤونة عنهم.
فإنه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك، وتزيين ولايتك، مع استجلابك حسن ثنائهم، وتبجحك باستفاضة العدل فيهم [التبجح: السرور بما يرى من حسن عمله في العدل، واستفاضة العدل: انتشاره] معتمداً فضل قوتهم [أي متخذاً زيادة قوتهم عماداً لك تستند إليه عند الحاجة] بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم [الترفيه] والثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم، ورفقك بهم.
فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم، من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته.
وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر».
والكُتّاب
«ثم انظر في حال كُتّابك، فولّ على أمورك خيرهم، وأخصص رسائلك التي تدخل فيها مكائدك وأسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ممن لا تبطره [لا تطغيه] الكرامة فيجترئ بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ [جماعة من الناس تملأ البصر] ولا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمالك عليك، وإصدار جواباتها على الصواب عنك، فيما يأخذ لك ويعطي منك.
ولا يضعف عقداً اعتقده لك [أي: معاملة عقدها لمصلحتك] ولا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك، ولا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور، فإن الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل.
ثم لا يكن اختيارك إياهم على فراستك واستنامتك [بالسكون والثقة] وحسن الظن منك، فإن الرجال يتعرضون لفراسات الولاة بتصنعهم [أي بتكلفهم إجادة الصنعة] وحسن خدمتهم، وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شيء. ولكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك، فاعمد لأحسنهم كان في العامة أثراً، وأعرفهم بالأمانة وجهاً، فإن ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن وليت أمره».
تنظيم الأمور
«واجعل لرأس كل أمر من أمورك رأساً منهم، لا يقهره كبيرها، ولا يتشتت عليه كثيرها، ومهما كان في كتّابك من عيب فتغابيت [تغافلت] عنه ألزمته».
تشجيع الصناعة
«ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات، وأوص بهم خيراً: المقيم منهم والمضطرب بماله [المتردد به بين البلدان] والمترفق [المكتسب] ببدنه، فإنهم مواد المنافع، وأسباب المرافق [ما ينتفع به من الأدوات والآنية] وجلابها من المباعد والمطارح [الأماكن البعيدة] في برك وبحرك، وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها، ولايجترئون عليها، فإنهم سلم لا تخاف بائقته [داهيته] وصلح لا تخشى غائلته. وتفقد أمورهم بحضرتك، وفي حواشي بلادك».
منع الاحتكار
«واعلم ـ مع ذلك ـ أن في كثير منهم ضيقاً فاحشاً، وشحاً قبيحاً، واحتكاراً للمنافع، وتحكماً في البياعات، وذلك باب مضرة للعامة، وعيب على الولاة.
فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منع منه.
وليكن البيع بيعاً سمحاً: بموازين عدل، وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة [عمل الاحتكار] بعد نهيك إياه فنكل به، وعاقبه في غير إسراف [يعني في العقوبة] ».
العناية بالمستضعفين
«ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين، وأهل البؤسى [شدة الفقر] والزمنى [الشلل] فإن في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً [القانع: السائل، والمعتر:المتعرض للعطاء بلا سؤال] واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم.
واجعل لهم قسماً من بيت مالك، وقسماً من غلات صوافي [أرض الغنيمة] الإسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى، وكل قد استرعيت حقه، فلا يشغلنك عنهم بطر، فإنك لا تعذر بتضييعك التافه [الحقير] لأحكامك الكثير المهم.
فلا تشخص [لا تصرف] همك عنهم، ولا تصعر [تمل تكبراً] خدك لهم، وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم، ممن تقتحمه العيون [تنظر إليه احتقاراً وازدراءً] وتحقره الرجال، ففرغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع فليرفع إليك أمورهم.
ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى الله يوم تلقاه [أي بما يقدم لك عذراً عنده] فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، وكل فأعذر إلى الله في تأدية حقه إليه».
الأيتام والأطفال
«وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن [أي: المتقدمين في السن] ممن لا حيله له، ولا ينصب للمسألة نفسه، وذلك على الولاة ثقيل، والحق كله ثقيل، وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة، فصبروا أنفسهم، ووثقوا بصدق موعود الله لهم».
أصحاب الحوائج
«واجعل لذوي الحاجات منك قسماً تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلساً عاماً، فتتواضع فيه لله الذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك [جمع حارس وشرطي] حتى يكلمك متكلمهم غير متتعتع
[ متردد من عجز] .
فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في غير موطن:
لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع.
ثم احتمل الخرق [العنف] منهم والعي [العجز عن النطق] ونح عنهم الضيق والأنف [التكبر]، يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته [أطرافها]، ويوجب لك ثواب طاعته، وأعط ما أعطيت هنيئاً، وامنع في إجمال وإعذار
[ بجمال واعتذار].
ثم أمور من أمورك لابد لك من مباشرتها: منها إجابة عمالك بما يعيا
[ يعجز] عنه كتابك، ومنها إصدار حاجات الناس يوم ورودها عليك بما تحرج به صدور أعوانك.
وامض لكل يوم عمله فإن لكل يوم ما فيه».
الخلوة بالله تعالى
«واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل تلك المواقيت، وأجزل تلك الأقسام، وإن كانت كلها لله إذا صلحت فيها النية وسلمت منها الرعية.
وليكن في خاصة ما تخلص به لله دينك: إقامة فرائضه، التي هي لـه خاصة، فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك، ووف ما تقربت به إلى الله من ذلك كاملاً غير مثلوم ولا منقوض، بالغاً من بدنك ما بلغ».
صلاة الجماعة
«وإذا قمت في صلاتك للناس، فلا تكونن منفراً، ولا مضيعاً، فإن في الناس من به العلة ولـه الحاجة، وقد سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين وجهني إلى اليمن: كيف أصلي بهم؟ فقال:صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيماً».
كن في الناس
«وأما بعد، فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل.
وإنما الوالي بشر، لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب، وإنما أنت أحد رجلين:
إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق، ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه، أو فعل كريم تسديه، أو مبتلى بالمنع، فما أسرع كف الناس من عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مؤونة فيه عليك، من شكاة مظلمة، أو طلب إنصاف في معاملة».
لا.. للبطانة
«ثم إن للوالي خاصة وبطانة، فيهم استئثار وتطاول، وقلة إنصاف في معاملة، فاحسم [اقطع] مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال.
ولا تقطعن لأحد من حاشيتك وحامتك قطيعة [المنحة من الأرض] ولايطمعن منك في اعتقاد عقدة [امتلاك ضيعة] تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، وعيبه عليك في الدنيا والآخرة».
كن مع الحق دائماً
«وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابراً محتسباً، واقعاً لذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبة [عاقبة] ذلك محمودة.
وإن ظنت الرعية بك حيفاً [ظلماً] فأصحر [أظهر] لهم بعذرك، واعدل
[ انح] عنك ظنونهم بإصحارك، فإن في ذلك رياضة منك لنفسك [تعويداً لنفسك على العدل]، ورفقاً برعيتك، وإعذاراً تبلغ به حاجتك من تقويمهم
على الحق.
ولا تدفعن صلحاً دعاك إليه عدوك ولله فيه رضا، فإن في الصلح دعة [راحة] لجنودك، وراحة من همومك، وأمناً لبلادك، ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل [أي تقرب منك بالصلح ليحاربك غفلة] فخذ بالحزم، واتهم في ذلك حسن الظن».
الوفاء.. والأمانة
«وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة، أو ألبسته منك ذمة [عهداً]، فحط عهدك بالوفاء [حط عهدك: أي احفظه وصنه] وأرع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة [وقاية: أي حافظ على ما أعطيت من العهد بروحك] دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله شيء الناس أشد عليه اجتماعاً، مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم، من تعظيم الوفاء بالعهود.
وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا [أي وجدوها وبيلة مهلكة] من عواقب الغدر، فلا تغدرن بذمتك ولا تخيسن [خيانة] بعهدك، ولا تختلن عدوك [تخدعنه] فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي.
وقد جعل الله عهده وذمته أمناً أفضاه [أفشاه] بين العباد برحمته، وحريماً يسكنون إلى منعته [قوته]، ويستفيضون إلى جواره [أي: يفزعون إليه بسرعة]، فلا إدغال ولا مدالسة [الإدغال: الإفساد، والمدالسة: الخيانة] ولا خداع فيه، ولا تعقد عقداً تجوز فيه العلل، ولاتعولن على لحن قول [كالتورية والتعريض] بعد التأكيد والتوثقة».
والصبر في الملمات
«ولا يدعونك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله، إلى طلب انفساخه بغير الحق، فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته، خير من غدر تخاف تبعته، وأن تحيط بك من الله فيه طلبة، لا تستقبل فيها دنياك ولا آخرتك».
إياك وسفك الدماء
«إياك والدماء وسفكها بغير حلها، فإنه ليس شيء أدنى لنقمة، ولا أعظم لتبعة، ولا أحرى بزوال نعمة، وانقطاع مدة، من سفك الدماء بغير حقها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيام.
فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد، لأن فيه قود البدن
[ قصاصه].
وإن ابتليت بخطأ أو أفرط عليك سوطك [أي عجل بما لم تكن تريده أردت تأديباً فأعقب قتلاً ـ مثلاً ـ] أو سيفك، أو يدك بالعقوبة، فإن في الوكزة [الضربة بجمع الكف] فما فوقها مقتلة، فلا تطمحن [ترتفعن] بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم».
لا.. للعجب بالنفس
«وإياك والإعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الإطراء [المبالغة في الثناء]، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه، ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين».
لا.. للمنة على الرعية
«وإياك والمن على رعيتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك، فإن المن يبطل الإحسان، والتزيد يذهب بنور الحق، والخلف يوجب المقت عند الله والناس، قال الله تعالى:((كبر مقتاً عند الله، أن تقولوا ما لا تفعلون))(17).
وإياك والعجلة بالأمور قبل أوانها، أو التسقط [التهاون] فيها عند إمكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت، فضع كل أمر موضعه وأوقع كل أمر موقعه».
لا.. للاستئثار
«وإياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة [أي احذر عن تخصيص نفسك بزيادة فيما فيه الناس متساوون]، والتغابي [التغافل] عما تعني به مما قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منك لغيرك.
وعما قليل تنكشف عنك أغطية الأمور، وينتصف منك للمظلوم.
أملك حمية أنفك [أي أملك نفسك عند الغضب]، وسورة حدك [أي حدة بأسك]، وسطوة يدك، وغرب لسانك [حده]، واحترس من كل ذلك بكف البادرة [ما يبدر من اللسان عن الغضب] وتأخير السطوة، حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار، ولن تحكم ذلك من نفسك، حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك.
والواجب عليك أن تتذكر ما مضى لمن تقدمك من حكومة عادلة، أو سنة فاضلة، أو أثر عن نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) أو فريضة في كتاب الله، فتقتدي بما شاهدت مما علمنا به فيها، وتجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت إليك في عهدي هذا،واستوثقت به من الحجة لنفسي عليك، لكيلا تكون لك علة عند تسرع نفسك إلى هواها».
دعاء الخاتمة
«وأنا اسأل الله بسعته رحمته، وعظيم قدرته، على إعطاء كل رغبة، أن يوفقني وإياك لما فيه رضاه، من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه، مع حسن الثناء في العباد، وجميل الأثر في البلاد، وتمام النعمة، وتضعيف الكرامة
[ زياد الكرامة أضعافاً] وأن يختم لي ولك بالسعادة والشهادة.
((إنا لله وإنا إليه راجعون))(18).
والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الطيبين الطاهرين، وسلم تسليماً كثيراً، والسلام»(19).
وصية لابن عمه
ومن وصية لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة(20):
«سع الناس بوجهك ومجلسك وحكمك، وإياك والغضب، فإنه طيرة من الشيطان(21).
واعلم أن ما قربك من الله يباعدك من النار، وما باعدك من الله يقربك من النار».
استخلاص
هكذا كان الإمام العادل (رئيس المسلمين الأعلى) وهكذا يجب أن يكون.
وهكذا يجب أن يكون الولاة والعمال.
وهكذا يجب أن يكون الرؤساء والأمراء.
حتى تصلح أمور الأمة، ويهنأ الجميع في عيش حر مرفه، ويتمتعوا بالسكينة والاطمئنان.
والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قد أوصى عبد الله بن العباس حينما استخلفه على البصرة بما مر.
وحينما كانت البلاد الإسلامية هكذا، وسلطتها كذلك لم تكن ـ الدولة الإسلامية ـ تحتاج إلى كثرة الدوائر، لأن (الوالي) الواحد مع عدد قليل جداً من الحرس والشرطة و(قاض) واحد: كانوا يحكمون البلاد من دون ضغط عليهم، وكان الناس يقضون حوائجهم بواسطة هؤلاء دون أي تعطيل أو تسويف.
فكان المتخاصمان يأتيان القاضي، ويحكم لهما فيذهبان من يومهما.
وكم كانت المرافعات والمخاصمات العظيمة تحل في ظرف سويعات قليلة، والكل كانوا راضين بالحكم، لأن الكل على علم أن قاضي الإسلام يعدل بين المتخاصمين، ولا يجوز لـه أن يجور لصداقة أو غيرها.
فالدولة الإسلامية في عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على عظمتها وتوسعها وكثرة نفوسها، كان يحكمها إمام وولاة وعمال وقضاة معدودون دون أن يؤجل الترافع، أو يسوف الحكم، أو يظلم أحد في حقه..
وكم كان الوالي أو القاضي يقضي الأوقات دون أن يترافع إليه اثنان.
ذلك: لأن السياسة الإسلامية هي سياسة الله، سياسة السماء،سياسة الخلود الرشيدة، سياسة لم ير ـ ولن ير إلى الأبد ـ العالم لها مثيلاً في غير الإسلام.
أما هذه الأنظمة للدول الغربية والشرقية ـ التي يسير عليها العالم كله وساسته ـ فهي تباين الإسلام كلياً، في أصوله وفروعه، ولا يعترف الإسلام بشيء منها.
وكم ندد الإسلام بالصغيرة والكبيرة منها، حتى إن والياً في الكوفة، جعل لداره حاجباً، فأرسل الخليفة رجلاً أحرق غرفة الحاجب، وأمر الوالي بأن لا يكون لـه أكثر من غرفة واحدة.
لا.. للحاجب
وهكذا كتب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عامله على مكة (قثم بن العباس) يمنعه عن اتخاذ الحاجب حيث يقول:
«ولا يكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك، ولا حاجب إلا وجهك، ولاتحجبن ذا حاجة عن لقائك بها... »(22) إلخ.
ونرى التاريخ يحدثنا عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان الرئيس الأعظم للمسلمين والسياسي الأكبر المشروع المبعوث إليهم، وكانت تدور عليه رحى المسلمين في جميع أمورهم الدينية والدنيوية.. كان أقل شخص يتمكن من مقابلته (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما شاء.
فكيف بمن هو دون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الإمام أو الوالي أو العامل أو القاضي؟
ولم يكن (صلى الله عليه وآله وسلم) يتفوق عليهم، أو ليحتجب عنهم، وكان فيهم كأحدهم، يحدثهم إذا استمعوا، ويستمع إليهم، إذا تحدثوا(23).
كلها سياسة
أفليست هذه الأشياء من السياسة؟
أو ليس التنظيم الاقتصادي، والدستور الصحي، والقانون الثقافي، ومنح الحريات، ومكافحة الجرائم، وتكثير الزراعات والعمارات، وتوثيق العلاقات مع الدول، وتنظيمات السلم والحرب، وتعيين رؤساء الدولة، من السياسة؟.
نعم، إنها من صميم السياسة.
ولا سياسة رشيدة إلا بتنظيم هذه الأشياء تنظيماً حكيماً يوافق العقل والعاطفة ـ في حين واحد ـ كما فعل الإسلام.
فكرة الاستعمار
والقول بأن الإسلام لا علاقة لـه بالسياسة، وإنما هو نظام روحي أخلاقي فحسب، يكذبه القرآن الحكيم، والسنة المطهرة، وسيرة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم الصلاة والسلام) وسيرة العلماء المراجع من بعدهم.
حتى أن الإمام الهادي (عليه السلام) حينما يريد أن يعلم الناس زيارة يزورون بها أئمتهم (عليهم السلام) يقول فيها: «… وساسة(24)العباد وأركان البلاد..»(25).
وهذه الفكرة ـ فكرة أن الإسلام لا علاقة لـه بالسياسة ـ وليدة الاستعمار منذ أقل من قرن تقريباً، فحين تمكن الاستعمار من تمكين مخالبه في البلاد الإسلامية أخذ ينشر هذه الفكرة بين المسلمين، ليزقهم بأن الدين الإسلامي شيء، والسياسة شيء آخر(26)، ليتاح لـه الدخول في البلاد الإسلامية والعمل كيف يشاء، حتى إذا أراد رجل دين، أو مجتهد، من أن يقف دون أعمال المستعمرين، تتوجه إليه انتقادات ـ من نفس المسلمين المغفلين البسطاء ـ لم تتدخل في
السياسة؟
إن الأمور السياسية ليس من واجبك؟
استمر على صلاتك وأذكارك، ما لك ولهذه الأشياء؟
وغيرها من الكلمات التي علّمهم بها الاستعمار، ليخمدوا بها كل صوت يرفع بالإسلام، ويدفعوا بها كل مدافع عن معالم الدين الحنيف.
ولهذا ترى الشباب (المثقف) بالثقافة الاستعمارية، ينظر إلى الإسلام كنظره إلى طقوس فارغة، وقشور لا لب فيها.
وإلا فالإسلام الذي لا سياسة معه، ليس إسلاماً.
كما أن السياسة التي ليست وفق الإسلام لا تكون سياسة (بالمعنى الصحيح).
ومن جراء هذه الفكرة الاستعمارية، أصبح بعض الشباب يستقبلون كل نعرة علت من الشرق أو الغرب، وينحازون إلى كل مبدأ أو فكرة تنساب
منهما.
فتراه يخرج إلى الشيوعية، ظناً منه أن الشيوعية هي التي ساوت بين الطبقات.. ولا يعلم أن الإسلام حفظ حقوق العامل والفلاح والفقير، بشكل
لم يحلم به لا تاريخ روسيا، ولا تاريخ العالم كله، منذ فجر التاريخ حتى اليوم.
وتنظر إلى الآخر يتلهف إلى ما يسمى بـ (نظام بريطانيا)، أو (مدنية فرنسا)، أو (حضارة أمريكا)، أو.. ولا يدري أن ما في بريطانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها من أنظمة إنسانية ومدنيات كريمة ليست إلا مقتبسة من الإسلام، وما فيها من خزعبلات ودجل فقد حذر الإسلام عنها.
ولو كان الشباب المسلم يعلم عن الإسلام، وعن اقتصادياته، وحرياته، ومدنياته، وثقافاته، و..و.. شيئاً قليلاً، لما كرس جهوده لتطبيق مبادئ فاسدة وإقامة أفكار بالية، وتدعيم أنظمة جائرة، ليست من الإسلام ولا الإسلام منها في شيء، وهو منها براء.
(1) نهج البلاغة، الرسائل: 40 ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى بعض عماله.
(2) نهج البلاغة، الرسائل: 19.
(3) الكور: جمع كورة، وهي الناحية المضافة إلى أعمال بلد من البلدان، والأهواز: تسع كور بين البصرة وفارس.
(4) نهج البلاغة، الرسائل: 20.
(5) نهج البلاغة، الرسائل: 21.
(6) نهج البلاغة، الرسائل: 25.
(7) نهج البلاغة، الرسائل: 25.
(8) نهج البلاغة، الرسائل: 27.
(9) نهج البلاغة، الرسائل: 27.
(10) نهج البلاغة، الرسائل: 27.
(11) نهج البلاغة، الرسائل: 27.
(12) نهج البلاغة، الرسائل: 27.
(13) نهج البلاغة، الرسائل: 40.
(14) نهج البلاغة، الرسائل: 46.
(15) نهج البلاغة، الرسائل: 53.
(16) سورة النساء: 59.
(17) سورة الصف: 3.
(18) سورة البقرة: 156.
(19) نهج البلاغة، الرسائل: 53.
(20) نهج البلاغة، الرسائل: 76.
(21) الطيرة: الفأل بالشر، والغضب إنما يتفأل به الشيطان لنيل مآربه من الغضبان.
(22) نهج البلاغة، الرسائل: 67، ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة.
(23) راجع مكارم الأخلاق: ص16 في تواضعه وحيائه (صلى الله عليه وآله وسلم).
(24) ساسة: جمع سائس يعني المدبر.
(25) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص610 زيارة جامعة لجميع الأئمة ( ح3213.
(26) نقل عن الجاسوسة الإنجليزية (المس بيل) في كتابها عن تاريخ العراق: «إن المرجع الديني الكبير السيد محمد كاظم اليزدي (قدس الله سره) حينما أبرق إلى الجهات الإدارية يطالبهم بالحد من نشاطهم ضد الإسلام، ردوا عليه جواباً يقولون فيه: (إنك عالم ديني، ولا مس لك بالسياسة)».
المصدر / السياسة من واقع الاسلام للمرجع السيد صادق الشيرازي