يعتمد اليهود في عقيدتهم وشريعتهم وأفكارهم، حتى في قراءة تاريخ اليهودية، مصدرين أساسيين هما :
1 ـ العهد القديم .
2 ـ التلمود .
العهد القديم :
وقد كتب باللغة العبرية وقليل منه باللغة الكلدانية، وهما ـ كاللغة العربية ـ من اللغات السامية .
يتكون العهد القديم من 39 سفراً ضمن ثلاثة أقسام رئيسية هي :
1 ـ القسم التاريخي .
2 ـ الحكمة، الأناشيد والشعر .
3 ـ تنبؤات الأنبياء .
القسم التاريخي
وهذا القسم يضم 17 سفراً :
1 ـ سفر التكوين : خلق العالم، أخبار آدم، ونوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف .
2 ـ سفر الخروج : ولادة موسى وبعثته، خروج بني إسرائيل من مصر إلى سيناء، الأحكام الشرعية .
3 ـ سفر اللاويين : أحكام الأحبار، أي علماء اليهود من نسل هارون وسبط لاوي .
4 ـ سفر الأعداد : إحصاء نفوس بني إسرائيل في عهد موسى، الشريعة، وتاريخ بني إسرائيل .
5 ـ سفر التثنية : تكرار الأحكام في الأسفار السابقة وتاريخ بني إسرائيل إلى رحيل موسى عليه السلام .
ويطلق على مجموع هذه الأسفار الخمسة اسم التوراة، وأصل الكلمة عبري ومعناها القانون، إذ احتوت على أحكام وقوانين كثيرة . وهي بمفهومهم منزّلة على موسى عليه السلام من ربه .
6 ـ سفر يوشع : سيرة يوشع بن نون خليفة موسى .
7 ـ سفر القضاة : تاريخ قضاة بني إسرائيل قبل مجيء الملوك .
8 ـ سفر راعوث : سيرة امرأة تدعى راعوث هي إحدى جدات داوود .
9 ـ سفر صموئيل الأول : تاريخ النبي صموئيل، ونصب شاؤول طالوت ملكاً .
10 ـ سفر صموئيل الثاني : حكم داوود .
11 ـ سفر الملوك الأول : استمرار حكم داوود، وحكم سليمان وخلفائه .
12 ـ سفر الملوك الثاني : أخبار ملوك بني إسرائيل حتى حملة نبوخذنصّر وجلاء بابل
13 ـ سفر أخبار الأيام الأول : وفيه الحديث عن نسب بني إسرائيل وتاريخهم حتى وفاة داوود .
14 ـ سفر أخبار الأيام الثاني : وفيه أخبار سليمان وما بعده من الملوك حتى جلاء بابل .
15 ـ سفر عزرا : إعادة بناء أورشيلم بيت المقدس وعودة بني إسرائيل إليها مع عُزير .
16 ـ سفر نَحَميا : إعادة بناء أورشليم على لسان نحميا ساقي الملك أردشير، أول ملوك السلالة الهخامنشية .
17 ـ سفر استير : وفيه الحديث عن خطة وضعتها استير زوجة الملك خشايارشا اليهودية لإحباط مؤامرة دُبّرت لإبادة اليهود .
الحكمة والأناشيد والشعر
يشتمل هذا القسم على خمسة أسفار، هي :
1 ـ سفر أيوب : تعرّض إلى ابتلاء أيوب وصبره وسخطه .
2 ـ سفر المزامير : ويعني زبور داوود، وهو مجموعة تتألف من 150 مزموراً .
3 ـ سفر أمثال النبي سليمان : وهو مجموعة نصائح .
4 ـ سفر الجامعة : وهو من الشعر، فيه تشاؤم وتشكيك حول الدنيا .
5 ـ سفر نشيد الأناشيد : وهو مجموعة أشعار غزلية .
تنبؤات الأنبياء
ويشتمل هذا القسم على تحذيرات وتهديدات تحوم حول عاقبة بني إسرائيل، ولا بد للقارئ من أن يحيط علماً بتاريخ تلك العصور لكي يقف على مغزى تنبؤات الأنبياء، ويضم هذا القسم 17 سفراً، هي : إشعيا، إرميا، مراثي إرميا، حزقيال، دانيال، هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، يونس قصة مكثه في بطن الحوت ، ميخا، نحوم، حَبَقّوق، صفنيا، حجّاي، زكريا، ملاخي .
هل التوراة صحيحة؟
نؤمن نحن المسلمين، أن اللَّه تعالى أوحى إلى موسى كتاباً سماوياً لهداية
بني إسرائيل هو التوراة .
قال تعالى :﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ 1.
ولقد ذكر القرآن في أكثر من موضع أن بني إسرائيل حرفوا التوراة : قال تعالى : ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾2، وفي المواضع التالية 3: .
ومما يدل على عدم موثوقية التوراة :
1 ـ اختلاف لغة التوراة عن لغة موسى عليه السلام فمن الراجح أن اللغة العبرية نشأت بعد دخول اليهود فلسطين واختلاطهم بالكنعانيين أي بعد وفاة موسى . فموسى ولد في مصر ونشأ فيها وتكلم بلغة أهلها، وبما أن اليهود مكثوا فيها 430 عاماً كما في سفر الخروج 40 :12 فمن المنطقي القول إنهم تكلموا لغة أهل البلاد أيضاً . وربما احتفظوا بلغتهم التي كانوا يتكلمونها قبل رحيلهم إلى مصر إلى جانب اللغة المصرية، وتلك اللغة لم تكن العبرية، والمفروض أن التوراة نزلت باللغة التي كان يتكلمها موسى وقومه وهي المصرية القديمة أو لغة أخرى سوى العبرية، وبما أن التوراة الحالية مكتوبة بالعبرية فهي على أحسن تقدير ترجمة لتوراة موسى الأصلية والترجمة لا تعدل الأصل بحال .
2 ـ عدم ثبوت نسبة التوراة الحالية إلى موسى عليه السلام لأسباب عديدة منها الشواهد الداخلية على ذلك ويكفي على سبيل المثال أن نقرأ سفر التثنية 11 -5 : 34 الذي يتحدث عن موت موسى وأنه كيف مات وماذا فعل بنو إسرائيل من بعده . ويقول الكاتب : فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول
الرب ودفنه في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم ما يدل على أن الكاتب غيره على الأقل . وورد في سفر التكوين 31 : 36 : وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أروم قبلما ملَكَ ملِكُ بني إسرائيل . إن كاتب هذه العبارة لا بد أن يكون عاش في عصر الملوك والمعروف أن اليهود لم يعرفوا الملكية إلا في عهد شاوول طالوت أي بعد عصر موسى بقرنين .
ومعظم العلماء والمحققين يرون أن التوراة الحالية قد سجلتها أحبار اليهود خلال فترة السبي البابلي ما بين القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد أي بعد سبعة قرون من عصر موسى . وهذه . . . تمت اعتماداً على الذاكرة وعلى بعض الوثائق التي ظلت على قيد الحياة، وبما أن التوراة كتبت في جو مشحون بالشعور بالمرارة والكراهية والحقد . فقد جاءت حافلة بالنصوص التي تمجد بني إسرائيل وتحقر سائر الشعوب الأخرى وتدعو إلى إباحتها .
3 ـ عدم ثبوت تواتر التوراة الحالية : يخبرنا سفر التثنية 11 – 9 : 3 أن موسى كتب التوراة وسلمها للكهنة من بني لاوي وأمرهم أن يقرؤوها على جموع اليهود كل سبع سنين في عيد المظال . ولنا أن نرجح أن اليهود قد حافظوا على التوراة خلال عهد القضاة وطالوت وداود وسليمان لأنهم كانوا متمسكين نسبياً بديانتهم تحت قيادة الأنبياء والصالحين . وبعد وفاة سليمان في أواخر القرن العاشر قبل الميلاد انقسمت دولة اليهود إلى جنوبية وشمالية . ويخبرنا العهد القديم أن هاتين الدولتين شاع فيهما الفساد الديني والاجتماعي وانتشرت فيهما الوثنية وعبد معظم حكامها الأوثان واضطهدوا الموحدين، ومن السهل جداً أن تتعرض التوراة أو جزء منها للضياع والتحريف في غياب التقوى وفي غياب السلطة التي تحميها وتحافظ عليها . وهذا ما حدث بالفعل فسفر الملوك الثاني 13 – 8 : 22 يخبرنا أن سفر الشريعة أي سفر التثنية وهو أهم أسفار التوراة كان مفقوداً في القرن السابع قبل الميلاد وأن الكاهن حلقيا قد عثر عليه في الهيكل أثناء صيانته عام
622 ق .م في عهد الملك يوشيا بن آمون . وعلى أثر هذا الاكتشاف قام بحركة اصلاح دينية واسعة وطهر الهيكل والبلاد من مظاهر الوثنية . وليس بوسعنا أن نجزم أن سفر التثنية الذي عثر عليه الكاهن مطابق للأصل لأنه من المحتمل أن يكون أعاد كتابته وادعى أنه الأصل الضائع . وإذا أضفنا إلى ذلك ما تعرض له اليهود من هزيمة وقتل وسبي على يد الآشوريين عام 720 ق .م والبابليين 586 ق .م ودمار الهيكل الذي كان يحتوي على الكتب المقدسة ترجح لدينا ضياع التوراة أو أجزاء منها في غمرة الفوضى والمذابح والرحيل . ونحن اليوم لا نملك أي نسخة من التوراة تعود إلى عصر موسى أو داود وسليمان ولا عصر المنفى ولا نملك تلك النسخة التي قرأها عزرا في بداية القرن الرابع قبل الميلاد على اليهود . وأقدم نسخة حية للتوراة اليوم هي المكتشفة في كهوف قمران قرب البحر الميت ابتداء من العام 1947م والتي يرجع تاريخ تدوينها إلى القرن الثاني أو الثالث قبل الميلاد على أحسن تقدير أي أن بين تاريخ كتابتها وكتابة النسخة الأصلية في عهد موسى عليه السلام فجوة زمنية مقدرة بألف سنة . وهذه الفجوة كافية للتغيير والتحريف 4.
التلمود
[IMG]file:///C:\Users\v\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip _image001.jpg[/IMG]
التلمود كلمة عبرية أصلها لامود ومعناها التعاليم، وهو ـ حسب زعمهم ـ شريعة شفوية أعطيت لموسى عليه السلام على طور سيناء إلى جانب القانون المكتوب على ألواح الحجر التوراة ، علماً أن الاطلاع عليها والتعرف على مضمونها يدحضان هذا الزعم، لأن في طياته حوادث ووقائع ومواقف لم تكن زمن موسى عليه السلام وأبرزها الموقف السلبي من السيد المسيح عليه السلام واعتباره المسيح الدجال وهو غير المسيح المخلص المنتظر عندهم، ويشتمل التلمود القديم على الطعن في
المسيحية والمسيح عليه السلام ، ومما يذكره عن المسيح أنه كان يهودياً مرتداً كافراً، وتعاليمه كفر صريح، وأن أمه حملت به سفاحاً من جندي يدعى بندارا .
وقد حمل الملوك والبابوات المسيحيون حملات شديدة ضد التلمود باعتباره مصدر الشر الكامن لليهود . لذلك صدرت الأوامر بإتلاف نسخ التلمود في فرنسا في عهد لويس سنة 1266 م كما حدث في انكلترا سنة 1290 م حين أمر الملك بطرد اليهود عن البلاد . . . وفي سنة 1565 أصدر البابا بيوس الرابع أمراً : أنه يجب حرمان التلمود حتى من اسمه .
وقد تنبه أحبار اليهود الذين اجتمعوا عام 1631 م في بولونيا لخطورة الموقف فقاموا بحذف الكلمات التي تنال من المسيح والمسيحية، وتركوا مكانها فراغاً، واتفقوا على تلقينها مشافهة لتلاميذ مدارسهم الدينية .
محتوى التلمود
التلمود قسمان : المشناة وترجح المراجع أنها كانت بالعبرية، والجمارا التي هي تفسير لها كانت بالآرامية .
المشناة : تنقسم إلى ستة أقسام وتدعى هذه الأقسام سيداريم أي أنظمة . والأقسام هي :
1 ـ زراعيم : خاص بالبذور ويتضمن نظام الزراعة والأرض والحبوب والأمور المتعلقة بها .
2 ـ موعيد : خاص بالأعياد ويتضمن الأمور الدينية المتعلقة بالأعياد والسبت والأيام المقدسة والأمور المتعلقة بها من طقوس واحتفالات في كل موسم .
3 ـ ناشيم : خاص بالنساء ويبحث عن الأمور التي تتعلق بالنساء ويتضمن شؤون الزواج والطلاق والخيانة وغيرها .
4 ـ نزيقين : خاص بالأضرار والتعويض عنها ويتحدث عن قانون العقوبات
والقوانين المدنية والجنائية والمحظورات والقصاص وغيرها، وفي الباب الرابع منه جاء الحديث عن مجمع السبعين اليهودي المسمى السنهدرين، الذي هو عبارة عن المحكمة العليا عند اليهود وفيه نظام هذه المحكمة وسلطاتها وكيفية ممارسة صلاحيتها .
5 ـ قداشيم : خاص بالمقدسات ويحتوي على أحكام القوانين وما يقدم إلى الهيكل ومراسم التقديم وشروطها . [IMG]file:///C:\Users\v\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip _image002.jpg[/IMG]
6ـ طهاروت : خاص بالطهارات، ويبحث حول أحكام الطهارات والملابس والأوعية والأثاث ومعرفة الطاهر والنجس وكيفية التطهير بالإضافة إلى بيان الحلال والحرام من الأطعمة والأشربة . وهذه الأقسام الستة مقسمة إلى كتب وكراسات .
الجمارا : وهو سجل واسع لمناقشات الأحبار التي تناولت شرح المشناة أو تدور حولها، وهناك مجموعتان متوازيتان من الجمارا، وقد كتبت إحدى المجموعتين في فلسطين حوالي سنة 400م، والأخرى في بابل حوالي سنة 500م .
وقد كتب تلمود فلسطين على عجل وفي ظروف غير مناسبة بسبب اضطهاد الرومان، وأما تلمود بابل فقد استغرقت كتابته حوالي قرن من الزمن، ولهذا أوليَ تلمود بابل أهمية أعلى واعتمده اليهود أكثر من تلمود فلسطين .
الهوامش