هذه أسطر لسيد قطب .. أحد مؤسسي الأخوان المسلمين في مصر في الخمسينيات من القرن الماضي
لنرى ما قال سيد قطب ... أنها فعلا حرب مواقف قبل أن تكون حرب أشخاص
.................................
" كلام مهم لسيد قطب " :
"(إن معاوية وزميلهُ عمرا (إبن العاص) لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منهُ بدخائل النفوس ، وأخبر منهُ بالتصرف النافع في الظرف المناسب. ولكن لأنهما طليقــــان في إستخدام كل سلاح، وهو مُقيد بأخلاقه في إختيار وسائل الصراع. وحين يركن معاوية وزميلهُ إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدنى إلى هذا الدرك الأسفل. فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنهُ لفشل أشرف من كل نجاح.على أن غلبة معاوية على علي، كانت لأسباب أكبر من الرجلين: كانت غلبة جيل على جيل، وعصر على عصر، وإتجاه على إتجاه. كان مـدّ الروح الاسلامي العالي قد أخذ ينحسر. وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منهُ الإسلام ، بينما بقي علي في القمة لا يتبع هذا الإنحسار ، ولا يرضى بأن يجرفهُ التيار. من هنا كانت هزيمتهُ ، وهي هزيمة أشرف من كل إنتصار. " ....... فما كانت خديعة المصاحف ولا سواها خديعة خير. لأنها هزمت علياً ونصرت معاوية. فلقد كان إنتصار معاوية هو أكبر كارثة دهمت روح الإسلام التي لم تتمكن بعد من النفوس. ولو قد قُدِّر لعلي أن ينتصر لكان إنتصاره فوزاً لروح الإسلام الحقيقية: الروح الخلقية العادلة المترفعة التي لا تستخدم الأسلحة القذرة في النضال. ولكن إنهزام هذه الروح ولما يمض عليها نصف قرن كامل ، وقد قُضى عليها فلم تقم لها قائمة بعد ، وبقيت الشكليات الظاهرية على أننا لسنا في حاجة يوما من الأيام أن ندعو الناس إلى خطة معاوية. فهي جزء من طبائع الناس عامة. إنما نحن في حاجة لأن ندعوهم إلى خطـــة علي، فهي التي تحتاج إلى إرتفاع نفسي يجهد الكثيرين أن ينالوه." "وإذا احتاج جيل لأن يدعي إلى خطة معاوية ، فلن يكون هو الجيل الحاضر على وجــه العموم. فروح "مكيافيلي" التي سيطرت على معاوية قبل مكيافيلي بقرون ، هي التي تسيطر على أهل هذا الجيـــل، وهم أخبر بها من أن يدعوهم أحـــد إليها! لأنها روح "النفعيــة" التي تظلل الأفراد والجماعات والأمم والحكومات!" (سنية كانت ام شــيعية) " وبعد فلست " شيعياً " لأقرر هذا الذي أقول. إنما أنا أنظر إلى المسألة من جانبها الروحي الخلقي، ولن يحتاج الإنسان أن يكون شــيعياً لينتصر للخلق الفاضل المترفع عن (الوصولية) الهابطة المتدنية، ولينتصر لعلي على معاوية وعمرو. إنما ذلك إنتصار للترفع والنظافة والإستقامة.ويخطئ من يعتقد إن النجاح العملي هو أقصى ما يطلبهُ الفرد وما تطلبهُ الإنسانية. فذلك نجاح قصير العمر ينكشف بعد قليل