TODAY - 01 September, 2010
العراق يحظر التجول ويعطل الدراسة لإنجاز التعداد السكاني
الحكيم لـ بايدن: مشروعكم لتقاسم السلطة غير قابل للتطبيق
أسامة مهدي من لندن
أبلغ زعيم الائتلاف الوطني العراقي عمار الحكيم نائب الرئيس الاميركي جو بايدن اليوم أن المشروع الأميركي لتقاسم السلطة بين ائتلافي المالكي وعلاوي غير قابل للتطبيق وأشار إلى أنه بدلا من ذلك هناك فرص أخرى تشكل أرضية أوسع للإسراع بتشكيل الحكومة.. في وقت أعلنت الحكومة العراقية حظرا للتجوال يشمل الافراد والمركبات وتعطيل الدراسة لمدة ثلاثة ايام لدى إجراء التعداد السكاني للمواطنين في الرابع والعشرين من الشهر المقبل.
خلال اجتماعه مع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن في بغداد اليوم اكد زعيم الائتلاف الوطني العراقي عمار الحكيم ضرورة ان تحافظ قضية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة على طابعها الوطني البحت مثمنا الجهود التي يبذلها نائب الرئيس الأميركي في التعرف إلى وجهات نظر الأطراف السياسية العراقية من هذه المسألة.
وشدد على أن أفكارا وتصوّرات طرحت في الفترة السابقة أثبتت الأشهر الماضية أنها غير قابلة للتطبيق ولا تحظى بالمقبولية في اشارة الى مشروع بايدن لتقاسم السلطة بين زعيمي كتلتي العراقية أياد علاوي وائتلاف دولة القانون نوري المالكي. واشار قائلا "لكن اليوم تتواجد فرص أخرى من الممكن أن تكون لها أرضية أوسع للإسراع بتشكيل الحكومة". ثم ناقش الحكيم وبايدن العلاقات العراقية الاميركية واتفقا على السعي إلى تعزيزها في الجوانب التكنولوجية والعلمية والأكاديمية.
ومن جهته قال بايدن ان الهدف من زيارته للعراق هو التأكيد على التزام الولايات المتحدة الأميركية تجاه هذا البلد وبجدول انسحاب قواتها المثبت في الاتفاقية الأمنية بين البلدين والذي ينتهي اخر العام المقبل 2011 ولكي يطلع على نتائج المشاورات بين الأطراف العراقية بشأن تشكيل الحكومة. ونقل بايدن تقدير الرئيس الأميركي باراك اوباما لشخص عمار الحكيم مثمناً دوره في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين للإسراع بتشكيل الحكومة العراقية كما قال مصدر في المجلس الاعلى الاسلامي الذي يتزعمه الحكيم.
وعلى الصعيد نفسه اكد مستشار القائمة العراقية هاني عاشور ان قائمته ابلغت بايدن خلال اجتماع قيادتها معه بان الاستحقاق الانتخابي والتغيير يجب ان يكون هو المحور الذي يقوم عليه تشكيل الحكومة المقبلة وان أي مشروع لاستمرار وضع الحكم كما هو عليه يعد تحبيطا للشعب وسترفضه العراقية وناخبو بقية القوائم الاخرى الذين يأملون في التغيير ورؤية حكومة جديدة ببرامج مقنعة تسهم في تجاوز معاناة وأخطاء السنوات الماضية.
واضاف عاشور في تصريح صحافي تسلمت "ايلاف" نسخة منه ان العراقية ملتزمة ومؤمنة بان الانتخابات الاخيرة كانت من اجل التغيير وان بقاء البرامج الحكومية بشخوصها وآلياتها وطريقة تفكيرها ونظمها الحزبية سوف لا يدفع إلى تطوير البلاد والتغيير نحو الافضل وان عدم التغيير سيكون تحطيما لثقة الناخب ومستقبل البلاد وقد تم ابلاغ هذه الافكار الى نائب الرئيس الاميركي.
واوضح ان القائمة العراقية التي فازت باكثر المقاعد عددا هي المخولة شعبيا بإجراء التغيير وانقاذ العراق وانها مجمعة على ان اياد علاوي رئيس القائمة العراقية هو الاقدر والاكفأ على رئاسة الحكومة المقبلة وهي متمسكة بحقها الدستوري والانتخابي من اجل تحقيق التغيير بما يخدم البلاد والشراكة الوطنية مع بقية الكتل السياسية.
وفي تصريحات له اليوم قال بايدن الذي يزور العراق بمناسبة انتهاء العمليات القتالية الأميركية هناك إنه يعتقد أن العراقيين اقتربوا من تشكيل حكومة. واضاف في تصريح نقلته شبكة "سي.بي.إس" التلفزيونية الأميركية "حقيقة الأمر أني تحدثت مع كل من القادة الكبار... اجتمعت بالجميع من التكتلات التي فازت بمقاعد في الانتخابات البرلمانية وأنا مقتنع تماما بأنهم اقتربوا من القدرة على تشكيل حكومة والتي ستكون حكومة تمثل نتيجة الانتخابات التي كانت مقسمة بشكل كبير.
واكدت مصادر عراقية تحدثت معها "ايلاف" ان بايدن لم يطرح في زيارته الحالية الى بغداد وهي السادسة منذ مطلع العام الماضي مشروعه السابق لتقاسم السلطة بين علاوي والمالكي لكنه اشار الى امكانية تسريع وتوسيع المباحثات بين الكتل السياسية لاتفاقات تضمن التعجيل بتشكيل الحكومة الجديدة بعد حوالى ستة اشهر على اجراء الانتخابات في البلاد في اذار/ مارس الماضي. وتعثرت المفاوضات بين العراقية ودولة القانون بعد اجتماعين لزعيميهما بعد ان احتج علاوي على تصريحات للمالكي وصف فيها القائمة العراقية بالسنية وعلق المباحثات بين الطرفين.
وتأتي هذه التطورات في وقت تعقد فيه قيادتا التحالف الوطني الذي يضم الائتلافين الشيعيين دولة القانون بزعامة المالكي والوطني بزعامة الحكيم في وقت لاحق اليوم اجتماعا من اجل وضع اليات جديدة لاختيار التحالف مرشحه لرئاسة الحكومة الجديدة.
العراق يحظر التجوال ويعطل الدراسة لإنجاز التعداد السكاني
هذا واعلنت الحكومة العراقية حظرا للتجوال يشمل الأفراد والمركبات وتعطيل الدراسة لمدة ثلاثة ايام لدى إجراء التعداد السكاني للمواطنين العراقيين في الرابع والعشرين من الشهر المقبل. وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في تصريح مكتوب تلقت "ايلاف" نسخة منه ان مجلس الوزراء صادق على توصية وزارة التخطيط بمنع التجوال للأفراد والمركبات ما عدا المكلفين بأعمال التعداد العام للسكان والمساكن ليوم الأحد 24/10/2010 وتعطيل الدراسة في عموم المدارس والمعاهد والكليات والجامعات في العراق للمدة بين 21 و23 من الشهر نفسه لتأمين استقرار سكاني مناسب ولإتاحة الفرصة للكوادر التربوية المشاركة في عملية التعداد لأداء واجباتها بالشكل المطلوب.
ويأتي هذا القرار وسط استعدادات أمنية وميدانية لاجراء التعداد تترافق مع خلافات حول التعداد السكاني في العراق وخاصة في مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط المتنازع عليها بين تأكيد الاكراد على ضرورة اجرائه في موعده المحدد ودعوات العرب والركمان لتأجيله بذريعة عدم توفر الاجواء الامنية وتعرض المناطق المتنازع عليها الى عمليات تكريد بهدف ضمها الى إقليم كردستان.
وسيجري التعداد السكاني الجديد في العراق للمرة الاولى منذ 23 عاما حيث كان آخر تعداد شامل قد اجري عام 1987 بينما اجري تعداد عام 1997 في 15 محافظة فقط حيث كانت محافظات اقليم كردستان الثلاث خارج سيطرة الحكومة الأمنية ولذلك فإنه يجري وسط ظروف ومتغيرات سكانية وأمنية مختلفة يشهدها العراق بعد سقوط نظامه السابق عام 2003.
وقد جرت عدة محاولات بعدها لاحصاء السكان العراقيين لكنها كانت تتأجل في كل مرة بسبب الخلافات القومية حوله وخاصة في مدينة كركوك ا(255 كم شمال بغداد) الغنية التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 وسط اعتراض سكانها من العرب والتركمان.
وطبقا للدورة الاحصائية العراقية كان من المفترض إجراء التعداد عام 2007 الا انه أرجئ بسبب الظروف الأمنية إلى عام 2009 ثم إلى عام 2010 وتم هذا التأجيل الثاني بسبب مخاوف من تسييسه حيث عارضت قوميات عراقية إجراءه في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك التي يسكنها العرب والأكراد والتركمان (حوالي مليون نسمة) وتضم حقولا نفطية كبرى اضافة الى مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد في مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) والتي تضم سكانا بديانات ومذاهب متنوعة كالمسلمين والمسيحيين والايزيديين والشبك تحسبا من أن هذا التعداد قد يكشف عن تركيبة سكانية من شأنها أن تقضي على طموحات سياسية لقوى تمثل تلك القوميات.
ويرفض ممثلو عرب وتركمان كركوك اجراء الاحصاء السكاني بسبب ما يقولون انه " نزوح عدد كبير من العوائل من خارج محافظة كركوك اليها".. مشيرين الى ان الاحصاء "سيعطي شرعية لكل المتجاوزين على أملاك العامة والخاصة وبالتالي سيتغير مصير كركوك لان هناك مئات الآلاف من العوائل النازحة”. كما يتخوفون من أن يؤدي الاحصاء إلى تسجيل الأكراد تفوقا على حساب بقية المكونات في محافظة كركوك بما يتيح لهم ضمها إلى إقليمهم في استفتاء بين سكان المحافظة يتم التخطيط لإجرائه في ضوء نتائج التعداد.
لكن الاكراد يصرون على اجراء الاحصاء حيث يشدد ازاد الجباري عضو مجلس محافظة كركوك على ضرورة اجرائه في كركوك "للقضاء على بعض المشاكل المعتمدة على الاحصاء منها الميزانية والمشاريع وتوسيع المدينة والاحتياجات الضرورية من الماء والكهرباء".
كما تتخوف طائفة الصابئة المندائيين من أن "يسجل الإحصاء السكاني المقبل نهاية لمكون الصابئة المندائيين الذين يعتبرون من أقدم سكان العراق". وكان عددهم في العراق يبلغ أكثر من 300 ألف نسمة لكن المتبقي منهم داخل البلاد حاليا لا يزيدون عن 30 ألفا فقط. كما ترى طائفة الشبك وهي طائفة تعيش في سهل نينوى وتنحدر من أصول فارسية نزحت إلى العراق قبل أكثر من ألفي عام انها تتعرض للإنهاء حيث أجبر الآلاف من أبنائها على التسجيل في سجلات النفوس بأنهم أكراد تحت وسائل مختلفة من الضغط على حد قول افراد منها.
وفي وقت تؤكد وزارة الداخلية العراقية استعدادها لتامين عملية التعداد من خلال تخصيص 14 الف عسكري لحماية منفذي التعداد والمشرفين عليه يقول مهدي العلاق رئيس الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ان التعداد سيحدد عدد العراقيين الذين يعيشون في الخارج وعدد الذين اضطروا الى النزوح داخل العراق خلال سبع سنوات من الحرب. كما سيكشف التعداد عن عدد السكان الذين يعيشون في اقليم كردستان العراق الامر الذي سيحدد حصته في ايرادات الحكومة المركزية التي تبلغ حاليا 17 في المئة. واذا وجد التعداد ان الاكراد يمثلون النسبة الاكبر من العدد الاجمالي للسكان فان الدستور ينص على حصول الاقليم على مزيد من الاموال وعلى مدفوعات بأثر رجعي.
وقال العلاق ان الاحصاء لن يحاول تحديد الى من تنتمي المناطق المتنازع عليها موضحا "ان هذا ليس من شاننا ان نقرر مصير منطقة... نحن نعد السكان في المنطقة التي يعيشون فيها اما تقرير مصير الناس او تقرير مصير المناطق فهذا من شأن السياسيين". واضاف انه قد تم البدء بعمليات الترقيم والحصر التي تعتبر العمود الفقري للعمل منذ حوالي 3 شهور حيث توفرت اعداد اولية عن عدد المساكن والمباني وعدد الاسر وعدد الافراد.
وينتظر ان يظهر التعداد التركيبة الدينية للعراق ذي الاغلبية المسلمة لكنه سيتعمد الا يسأل السكان عن مذهبهم حيث قال العلاق "بالنسبة للديانة.. الشخص عندما يسال يقول مسلم.. مسيحي.. يزيدي.. صابئي لكن لا يقول سني او شيعي.. فلا تتضمن استمارة التعداد سؤال عن المذهب لان الامر حساس جدا بسبب الوضع الراهن.
ويجري حاليا تدريب حوالي ربع مليون معلم على القيام بعملية الاحصاء على ان يتم جمعهم منتصف تشرين الاول لاجراء التعداد فيما سينضم الى المعلمين ما بين عشرة الاف وخمسة عشر الف موظف حكومي. واوضح العلاق ان تعليمات ستوجه الى جميع العراقيين بالبقاء في منازلهم ليوم واحد او ربما ليومين اتباعا لتقاليد الاحصاء في العراق حيث سيذهب القائمون على الاحصاء الى حوالي خمسة ملايين اسرة لعد افرادها وفحص هوياتهم ومعرفة مستواهم التعليمي وعملهم وتسجيل معدلات الميلاد والوفيات. واشار الى ان العدد الاجمالي لسكان العراق يجب ان يعرف بعد نحو 15 يوما من الاحصاء لكن امورا سكانية اكثر تحديدا ستستغرق حوالي عشرة اشهر.
وكان أول تعداد لسكان العراق الذي يتجاوز سكانه اليوم 30 مليونا قد جرى عام 1934 حيث بلغ العدد آنذاك ثلاثة ملايين ليبلغ سبعة في إحصاء 1957 الذي اعتبر فيما بعد أساسا في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق. وبينما أجل الإحصاء المقرر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران فإن آخر تعداد أجري عام 1997 أظهر أن عدد سكان العراق تجاوز 25 مليونا. ومنذ عام 1997 لم يجر أي تعداد سكاني شامل في العراق وبصورة أخص لا توجد أي إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية. ويبلغ عدد سكان العراق 27.962.968 نسمة حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية لعام 2005 يؤلف المسلمون (نحو 95%) من السكان كما يتألف من مسيحيين ويزيديين وصابئة وديانات صغيرة أخرى.
ويتألف العراق من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية (دستور عام 1970) ويشكل العرب 75-80%، الأكراد 15-20%، والتركمان والمسيحيين والآخرين 5%. ويتمركز الأكراد في شمال البلاد وخاصة في السليمانية ودهوك وأربيل.
وحسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية لعام 2005 فإن نسبة سكان هذه المحافظات الثلاث إلى باقي أنحاء العراق يبلغ نحو 13.2% من عدد السكان الكلي وذلك من دون احتساب الأكراد المتوزعين في مدن أخرى مثل ديالى والموصل وكركوك وبغداد لعدم وجود إحصائية رسمية تشير إلى أعداد السكان وفقا لتقسيم عرقي. وكان عدد العراقيين 16 مليون نسمة عام 1987 ويتوقع ان يبلغ عددهم هذ المرة ما بين 30 و32 مليون نسمة بحسب توقعات الجهاز المركزي العراقي للإحصاء.
elaph