TODAY - 01 September, 2010
تروحلك فدوة القواعد
هاشم العقابي
للميعة عباس عمارة علاقة خاصة بالشعر الشعبي الذي تجيده كتابة والقاء. وأكاد أجزم انها الشاعرة العراقية الوحيدة المعاصرة التي تكتب شعرها الشعبي بنفسها لأنني، ومن خلال معايشتي القريبة مع هذا اللون من الشعر، قرأت والتقيت بالكثير من الشاعرات الشعبيات وأعرف من كتب او عدل لهن قصائدهن من شعرائنا "الفحول" مما جعلنا لم نلمس، في أي من قصائدهن، لغة شعرية مؤنثة مثل تلك التي عند لميعة.
كتبت الاغنية والموال والابوذية بجدارة، وقد سبق لي ان أتيت في احد الاعمدة على بعض ما كتبته من ابوذيات وصفتها بالبساطة واللطافة والجرأة التي خففت من شدة وطأة النفس الذكوري الطاغي على تلك الابيات.
جرأة لميعة عباس عمارة التي قالت مرة:
چن حلم؟ لا ..
بالحلم ننسى الحلم ونگوم
لا منه حرگة گلب،
لا عتب .. لا بيه لوم
بثوبي بعد ريحتك .. زين وعليه هدوم
لا تتوقف عند الغزل، بل تتجاوزه الى أمور قد يصعب على غيرها، حتى من الرجال، التحرش بها.
من بين تحرشاتها الجميلة، قصيدة تناوشت بها قواعد اللغة العربية بروح انثوية مرحة وجريئة ايضا. توجز لميعة حكاية القصيدة بان "احدهم"، بعد ان القى كلمة أخطأ فيها كثيرا بقواعد اللغة، جاء خجلا معتذرا منها باعتبارها شاعرة ومختصة باللغة العربية. لكنها لم تقبل اعتذاره، فقط، بل اعتذرت اليه وكأنها هي المقصرة بحقه:
يا حلو،
يَموَصّه بالفاعل .. تكسره
وترفع المجزوم والمجرور .. ما تقبل غلط
أغلط بكيفك اتدلل،
عدلت اذني على (لحنك) فقط
تروحلك فدوه القواعد والنحو..
أو ما گالت الاعراب بسنين القحط
گبل ما عرفك عميت عيوني بالتصحيح:
شدّه، او همزه، لو متزحلكه شويه النقط
اگصب الطلاب ..
لو انطي صفر، لو ممتاز .. ماعندي وسط
او لو عرفتك من گبل
چا محد بدرسي- ولودَچّه- سقط !
دائما أعود لقراءة شعر لميعة، خاصة الشعبي منه والذي نشرت قسما منه في ديوان "بالعامية"، كلما شعرت بالفزع من ضجيج القصائد الشعبية في هذه الايام. وربما هذا هو ما دفعني لانتقاء هذه القصيدة خفيفة الظل. وكم كان الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري على حق حين كتب لها يوما، معبرا عن اعجابه الشديد بشعرها الشعبي.
يا ترى ما هي أخبار لميعة عباس عمارة وشعرها في هذه الأيام؟