دائماً يصطاده العوز المادي قُبيل أستلام راتبـه! كانت من أشد أمنياته أن يدرك الشهر و صفحة الديون في دفتر ملاحظاتـه خاليـة، ولكن هيهـات.. بوجود أم نور وألتزاماتها الطبقيـة، و بورصة الأتكيت التي لا ربح فيها! كل ذلك يقف ضد التوقف عن الكتابة في ذلك الدفتر وتلك الصفحة .
الحال كان مستمراً على هذا المنوال، الى حين حدثت الكارثة !!
مرضت نور مرضاً شديداً، وأستوجب الأمر مراجعة خاصة خارج البلد، ولكن !!
وبعد مراجعة أبو نور لحساباته المادية وجد نفسه لا يملك ما يكفي من المال ، بل هو لا يملك منه ما يساعده على مراجعة دائرة الجوازات لأستحصال جواز!
جلس جلسة طويلة في المشفى وهو ينظر الى أبنته نور وهي تبدأ مشوار الموت أمامـه! وجاء الطبيب المختص ليزيد لأبي نور ما هو فيه! فأخبره أن ضياع الوقت ليس في صالحه! فكلما تأخر في أرسالها للخارج كلما تأخرت حالتها.
بكى ... وأسترجع ذلك المشوار الطويل من الكد والتعب، أين ثمرة مجهودي! أين مذدخراتي!
وبلحظة ندم .. أخذ يتخيل لو أن أم نور أذدخرت ١٠٪ من الراتب كل شهر، وجمع المبلغ، هنا كانت المفاجأة!!
المبلغ الذي أحصاه يعادل تسعة أضعاف المبلغ اللازم توفره لعلاج نور !!
فشلت كل المحاولات بإيجاد مُقرض له. فكر في بيع كليتـه ولكن الوقت لن يغيثـه! لم يترك أحداً ممن كان يحضر حفلات ومناسبات زوجتـه إلا وطرق بابـه، لم يُفتح له أي باب!
الوقت في هكذا ظرف هو لص بارع! فلم يشعر بمرور المدة المسموحة للعلاج! وحضر المشفى ليرى نور، أخبره الطبيب أنها في العناية المركزة!
بكى .. وبكى .. حتى ناله اليأس وأعتصر الالم روحه. جاء الطبيب الذي يتابع حالة نور .. وقال : سيدي، أين كنت ! حاول أبو نور شرح محاولاته الكثيرة والتي كانت سبب تأخره، ولكن الطبيب قاطعه بذلك الخبر : لن تحتاج لشرح شيء سيدي، وفر ذلك .. لقد ماتت نور .