من مجالات الدراسات الاستشراقية
اللغة العربية وآدابها

ومن ضمن اهتمامات المستشرقين أيضًا دراسة اللغة العربية وآدابها، وبخاصة فقه اللغة الذي كان المدخل لكثير من المستشرقين للكتابة في مجالات كثيرة.

ومن الأمثلة على ذلك المستشرق "هاملتون جب"، وكذلك المستشرق "ماسينيون"، والمستشرق "سلفستر دي ساسي"، الذي أسَّس "مدرسة اللغات الشرقية الحية" في باريس، وكانت "قِبلة" المستشرقين في ذلك الزمن، ومن خلال اهتمام المستشرقين باللغة العربية وآدابها نادى بعضهم بالاهتمام باللهجات المحلية، وما يسمى بالفلكلور حتى إنهم أقنعوا كثيرًا من الطلاب العرب والمسلمين بإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه حول اللهجات المحلية والفلكلور، ودعا بعض المستشرقين أيضًا إلى العامية، ووضع قواعد خاصة بها؛ بحجة صعوبة اللغة الفصحى، أو أنها قديمة، أو كلاسيكية غير صالحة في الوقت الحاضر، بل إن بعض المستشرقين نادوا بكتابة اللغة العربية بالأحرف اللاتينية.

إن الاهتمام بالأدب العربي الحديث قد ازداد على مرِّ السنين؛ فهناك أكثر من دورية تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا، تتخصص في الأدب العربي أو الدراسات العربية؛ فهناك مثلاً: (المجلة الدورية للدراسات العربية Arab Studies Quarterly، ومجلة المختار في دراسات الشرق الأوسط Digest of Middle East Studies التي بدأتْ في الصدور منذ ست سنوات، ومجلة آداب الشرق الأوسط (أدبيات) (Middle East Literature(Literary Articles)، التي تتعاون في إصدارها جامعة "أكسفورد" البريطانية، وجامعة "داكوتا" الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدأت في الصدور منذ عام 1996م.

ومن القضايا التي اهتم بها الاستشراق استخدامُ اللغة الفصحى في الإبداع الأدبي، سواء كانت قصة، أم رواية، أم مسرحية، وقد جعلوا هذه القضية من القضايا التي أولوها اهتمامًا كبيرًا، وقد ناقش "أحمد سمايلوفيتش" هذه القضية في كتابه: (فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي الحديث)، وأكَّد أنها من أخطرِ الهجمات التي تعرَّضت لها اللغة العربية، ونقل عن "عثمان أمين" قوله: "إن حملات التغريب شنَّها النفوذ الغربي وأعوانه في آسيا وإفريقيا، مصوبًا هجماته إلى التراث العربي الإسلامي بوجه عام، وإلى اللغة العربية بوجه خاص"[1].


[1]أحمد سمايلوفيتش، فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر؛ (القاهرة: المؤلف، بدون تاريخ) ص668.