TODAY - 01 September, 2010
إعتبر أن الانسحاب مهم لكن الجيش غير مهيأ والشرطة مخترقة بالميليشيات
علاوي يؤكد: العراق ينزلق الى مستوى الدولة الفاشلة
إيلاف من لندن
في حديث شامل حول تطلعاته للمنطقة عامة والعراق تحديدا اعرب رئيس القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات الاخيرة أياد علاوي عن تشاؤمه من الوضع السائد في العراق وعن تخوفه مما يخبئه المستقبل. اما حول التطورات في المنطقة فقد رأى ان المفاوضات المباشرة المقررة ان تنطلق الاسبوع الجاري لن تنجح لأن "البيئة ليست مناسبة".
حذر رئيس القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات الاخيرة أياد علاوي من أن العراق ينحدر الى مستوى الدولة الفاشلة وقال إن نوري المالكي ليس قائدا قويا مؤكدا أن الانسحاب الاميركي من العراق مهم سياسيا لكن الجيش العراقي غير قادر على النهوض بمسؤولياته والشرطة مخترقة من الميليشيات واشار الى ان اكبر خطأ ارتكبته الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسيات خذلانها لقوات الصحوة ودفعها الى اليأس والفقر. كما أقر بخيبة أمل المواطن العراقي من السياسيين بعد فشلهم في تشكيل الحكومة وأوضح ان إيران هي الاكثر نفوذا في العراق واصفا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بالرجل الصادق والصريح.
العراق مريض
وتحدث رئيس الوزراء العراقي الاسبق عن الوضع في العراق بوصفه طبيب اعصاب محذرا من ان العراق مريض في حالة حرجة وان كل شيء يعتمد على تعامل الأطباء معه .. وقال في مقابلة مع مجلة "شبيغل اونلاين" الالمانية إن العراق يمكن ان يعيش إذا كان علاج الاطباء ناجعا وإذا لم يكن "فالعياذ بالله".
وعن الدواء الذي يصفه للمريض قال علاوي ان الدواء يتمثل في "عراق ذي حكومة متوازنة وشاملة تتجاوز الطائفية وتبدأ بتحقيق المصالحة السياسية وبناء مؤسسات الدولة وقوى الأمن وانتهاج سياسة خارجية مستقلة". وعلى المستوى الشخصي المتشائم اعرب عن خشيته من "ان العراق مستمر في انزلاقه وانه أخذ يصبح دولة فاشلة واوضح انه إذا حدث ذلك ستكون هناك مفاجآت غير سارة ويعود العنف بكل اشكاله". واشار الى "ان انتكاسة المريض ستكون هذه المرة اخطر منها في عامي 2006 و2007 لأنه لم تعد لدينا قوات متعددة الجنسيات تستطيع ان تطوق الحرب الأهلية".
وحول ما إذا كان انسحاب القوات القتالية الاميركية يُعد بمثابة حرمان المريض مما كان يبقيه على قيد الحياة اعتبر علاوي ان الانسحاب "مهم سياسيا ولكن المشكلة اننا لم نحضِّر أجهزة تعين المريض. فنحن لم نضع الاطار السياسي ولم ننجز بناء جيش قادر حقا على النهوض بالمسؤولية". وتطرق الى تصريحات رئيس اركان الجيش العراقي الفريق بابكر زيباري بأن الجيش العراقي لن يكون كامل الجهوزية قبل عام 2020 داعيا الاميركيين الى البقاء فقال انه يتفق مع الفريق زيباري وان الجيش العراقي "قد يحتاج الى عشر سنوات أخرى". ولكنه اضاف ان القوات الاميركية يجب ان تغادر في نهاية المطاف "فهي تمركزت في العراق سبع سنوات ونحن لم نحقق شيئا بأنفسنا". وتساءل علاوي "مَنْ يستطيع ان يضمن ان الأمر سيكون مختلفا بعد سبع سنوات من الآن؟" .
دعوة واشنطن لاعادة النظر في استراتيجيتها في المنطقة
وحول ما إذا كانت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما قد نفضت يدها من العراق وتوجهت الى افغانستان قال علاوي ان ما يجري في افغانستان "فشل ذريع والمشكلة ليست خروج اميركا من العراق ومواصلة معركتها في افغانستان بل على اميركا ان تعيد التفكير في استراتيجيتها لعموم المنطقة من آسيا الوسطى الى الشرق الأوسط وعلى حلف شمالي الأطلسي ـ الناتو ـ ان يعيد التفكير في استراتيجيته وكذلك اوروبا". واضاف "ان السياسة الغربية سياسة خاطئة.... فان الصومال دولة فاشلة تماما واليمن يواجه تحديات خطرة ، وفلسطين خطوة الى الأمام وثلاث خطوات الى الوراء ، وفي وقت ما سيندرج لبنان على الأجندة .. ويعيننا الله حين تصدر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان احكامها في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري".
وشدد علاوي على انه لا يرسم صورة قاتمة للوضع وهو ليس متشائما وقال "انا واقعي لا أكثر فاميركا هي آخر القوى العظمى ونحتاج الى اقامة علاقات طيبة مع واشنطن ولكن علينا ان نرى ايضا اخطاء الاستراتيجية الاميركية... فنحن بلا جيش مهيأ لتولي مسؤولياته وشرطتنا مخترقة بالميليشيات". ولفت الى ان وزير الداخلية نفسه يطلق تصريحات مماثلة لتصريحات رئيس الأركان.
وتناول زعيم القائمة العراقية اتهامات نائب رئيس الوزراء في زمن النظام السابق طارق عزيز التي قال فيها من سجنه إن الولايات المتحدة تترك العراق للذئاب فأوضح ان ما يقصده عزيز "الضواري التي أُطلقت في عموم الشرق الأوسط ، العناصر الخارجة على القانون والارهابيين الذين يريدون سفك كل ما يستطيعون من الدماء في اكبر عدد ممكن من الاماكن" واعتبر ان النزاعات المستعرة في افغانستان والقرن الافريقي والمغرب العربي متشابهة ومترابطة من هذه الناحية. واعرب علاوي عن تشاؤمه بالمفاوضات المباشرة التي ستنطلق في 2 ايلول/سبتمبر بين الفلسطينيين واسرائيل في واشنطن. وقال انه لا يعتقد انها ستنجح لأن "البيئة ليست مناسبة".
إنذار مبكر
ونوه زعيم القائمة العراقية بالضربات التي وجهت الى تنظيم القاعدة في العراق ولكنه نبه الى "ان بوادر الانذار المبكر التي تراكمت خلال الأشهر الماضية وتصاعد اعمال العنف والموجة الجديدة من الاغتيالات والهجمات الانتحارية يجب ألا تُقرأ على انها تطور عرضي وعابر. واشار الى انه في يوم واحد وقع 13 هجوما قُتل فيها عشرات الأشخاص". وقال في هذا السياق "ان اكبر خطأ ارتكبته الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسيات كان خذلانها قوات الصحوة. فهي لم تُدمَج بالقوات العراقية وحُرمت من حقوقها ودُفعت الى اليأس والفقر وستكون لذلك تداعيات فجماعات العنف أخذت تنتشر بالفعل مستظلة بتنظيم القاعدة".
وحول تأكيدات رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بانه أقام عراقا قويا يدير دفته قائد قوي رد علاوي قائلا ان المالكي "ليس قويا" وتساءل "كيف تُعرَّف القوة؟ بالسيطرة على كيلومتر مربع واحد في وسط بغداد؟" في اشارة الى المنطقة الخضراء .. ثم إستعرض الوضع قائلا "ان التظاهرات تتفجر من البصرة في الجنوب الى الموصل في الشمال والخدمات من كهرباء وماء وجمع القمامة ، تكاد تكون معطلة. وحتى المنطقة الخضراء تتعرض الى القصف ولدينا جيش بلا طائرات ودبابات فأي قوة هذه؟"
خيبة أمل المواطنين من تأخر الحكومة
وأقر علاوي بخيبة أمل المواطن العراقي بجميع السياسيين ومنهم هو نفسه بعد ان خاطر بحياته للتوجه الى صناديق الاقتراع ليكتشف بعد ستة اشهر انهم فشلوا في تشكيل حكومة. ولكن علاوي قال ان "هذه هي الديمقراطية .. "وبسبب الحقيقة الماثلة في ان التحالفات الانتخابية تُقام في العراق حتى بعد الانتخابات وان قائمة المالكي نجحت في اعادة فرز الأصوات وعدها فاننا خسرنا اشهرا من الوقت الثمين".
واكد علاوي ان الاميركيين ليسوا هم الذين يضغطون من اجل صيغة لتقاسم السلطة بين قائمته وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي وقال "أنا الذي اقنعتُ الولايات المتحدة والأمم المتحدة بالتحرك الى الأمام في قضية تقاسم السلطة". ونفى علاوي ان هذه الصيغة تعني توليه رئاسة الوزراء والمالكي رئاسة الجمهورية أو بالعكس قائلا "ان لدينا مشكلة دستورية في العراق فكل السلطة تتركز في مكتب رئيس الوزراء سواء أكان علاوي أو المالكي واقترحت قائمتي تقسيم هذه السلطة وتتمثل الفكرة في استحداث آلية يمكن في اطارها ان أقبل منصبا ليس بالضرورة ان يكون منصب رئيس الوزراء وأن يقبل المالكي منصبا ليس بالضرورة ان يكون منصب رئيس الوزراء لأن كلينا سنكون جزءا من عملية صنع القرار ونمسك مفاتيح مهمة بأيدينا".
العراق بحاجة الى قائد قوي
وشدد علاوي على انه ما زال يعتقد ان العراق يحتاج الى قائد قوي "ولكن نتائج الانتخابات كانت متقاربة بحيث لا نستطيع التمسك بذلك عمليا". وقال "اننا لم ننتقل بعد الى الديمقراطية وحتى في عام 2007 اعتقدنا اننا تقدمنا شوطا ابعد مما تقدمنا حقا اليوم. وقد وصلنا الى وضع حيث لا أحد يثق بأحد وحيث مستقبل البلد والمنطقة كلها مهدد".
واضاف علاوي انه أوقف محادثاته مع المالكي بعدما وصف القائمة العراقية بالقائمة السنية، وأصر على ان ذلك كان موقفا مسؤولا". واوضح في هذا الشأن "اننا لو لم نعترض على هذه الاكذوبة لخسرنا قواعدنا. فان ناخبينا تلك الشريحة التي ما زالت قوية من العلمانيين في العراق لا يتزحزحون إزاء قضية الطائفية. فالسني فينا لا يُريد ان يُنظر اليه كسني والشيعي منا لا يريد ان يُنظر اليه كشيعي".
وحول السبب في عجز السياسيين العراقيين عن التوصل الى حلول توافقية قال علاوي "ان ذلك عائد الى ان العملية السياسية التي شهدناها خلال السنوات السبع الماضية كانت عملية ينخرها الفساد والعنف والارهاب. وان هذه العملية لم تنبثق من مصادر عراقية بل كانت عملية محروسة وحتى محمية من اميركا. وبعد عملية كهذه من أين يأتي الحل التوافقي؟ كان ينبغي ان نربط اتفاقية وضع القوات مع الولايات المتحدة بالاصلاح السياسي".
الصدر رجل صادق وصريح
وتطرق زعيم القائمة العراقية الى لقائه الاخير مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في دمشق فقال ان اللقاء "حدث بطريق الصدفة تقريبا... فأنا كنتُ دائما ضد الميليشيات ولن اتراجع عن هذا الموقف. والحقيقة أني وجدت هذا الرجل صادقا وصريحا وغير معقد. لقد عرفنا عائلته من العلماء الكبار على امتداد أجيال فسألته: لا أحد من اهلك دعا ذات يوم الى الطائفية فكيف اصبحت جزءا من كيان طائفي؟ أجاب: أنا ضد الطائفية من كل قلبي وأنا مع حل عراقي بالكامل لمشكلتنا وليس حلا شيعيا".
ولفت علاوي الى ان لدى مقتدى الصدر 40 مقعدا في البرلمان ولديه "حركة جماهيرية في هذا البلد". واضاف ان مقتدى الصدر ينبغي ان يعود الى العراق لأن ذلك سيكون من مصلحة العراق ومصلحة أتباعه.
إيران الاكبر نفوذا في العراق
وحين سُئل علاوي مَنْ هي الدولة الأجنبية التي لديها اوسع نفوذ حاليا في السياسة العراقية قال انها ايران رافضا الخوض في التفاصيل ولكنه اعتبر "ان نفوذ ايران ليس ايجابيا". وقال "أنا قطعا لستُ من انصار السياسات الايرانية بل أنا واثق انهم وضعوا عليَّ خطا احمر وفيتو ولكني اعتقد ان على العالم ان يتواصل ويتحادث مع ايران ويحاول ان يرى ويتحسس اين تكمن مخاوف ايران فالايرانيون اناس منطقيون وعلينا ان نقنعهم بان الانتشار النووي لا يخدم أغراضهم في نهاية المطاف".
واستعرض زعيم القائمة العراقية رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي في ختام حديثه لمجلة "شبيغل اونلاين" الوضع في المنطقة قائلا "ان الخوف مبثوث في كل ركن منها. حتى اميركا خائفة ، بل ايران نفسها خائفة. فنحن سائرون في وضع يمكن ان يُقارن بأزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962. هناك مظلة من الخوف تنتشر فوقنا وعلى الجميع ان يفعلوا ما بالوسع لمنع الاحتقانات وأنا أدعو الى مؤتمر دولي حول قضية الانتشار النووي". وقال انه لا يعتقد ان العراق يمكن ان يقبل بايران نووية وحذر من ان اندلاع حرب بسبب برنامج ايران النووي "احتمال وارد جدا".
elaph