تاريخ اللغة العربية

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحثاللغة العربية من اللغات السامية وهي أقدمها نشأةً وتاريخاً وهنالك العديد من الآراء في أصل العربية لدى قدامى اللغويين العرب فيذهب البعض إلى أن يعرب كان أول من أعرب في لسانه وتكلم بهذا اللسان العربي فسميت اللغة باسمه، وورد في الحديث النبوي أن نبي الله إسماعيل بن إبراهيم أول من فتق لسانه بالعربية المبينة وهو ابن أربع عشرة سنة بينما نسي لسان أبيه [والمتعارف عليه أنه أول (نبى) نطق بالعربية إلا أنه قد تعلم هذه اللغة من أهل الجزيرة العربية التى تركه والده فيها وهو صغير فتعلم لغة أهل الجزيرة العربية التى عاش فيها وبالتالى فهو أول "نبى" نطق العربية ولكنه ليس أول البشر الذين نطقوا بها، كما يذهب البعض الآخر إلى القول أن العربية كانت لغة آدم في الجنة، إلا أنه لا وجود لبراهين علمية أو أحاديث نبوية ثابتة ترجح أياً من تلك الادعاءات[1].
ارتبطت اللغة العربية تاريخياً في القرن السادس ميلادي بـالشعر الجاهلي ولغته، وبـالقرآن في القرن السابع ميلادي، ثم دونت النصوص الإسلامية بدءاً من القرن الأول الهجري، ويمكن القول أن اللغة المعنية هنا هي لغة عرب الشمال، والتي أضحت لغة التراث الثقافي العربي الإسلامي، والتي هي لغتنا العربية الآن[2].
تزاحمت التعريفات الخاصة بمصطلح (فقه اللغة / فيلولوجي / فقه اللغة) مثلما كثرت المؤلفات الخاصة بهذا الحقل والتي من أشهرها كتاب (فقه اللغة وسر العربية) لمؤلفه الفقيه اللغوي الشهير / عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي، لكن يُمكن اختزال التعريف الخاص بهذا العلم على أنه: التحليل التاريخي المقارن بين اللغات، وذلك بدراسة النصوص المكتوبة واكتشاف عناصر التشابه بين تلك اللغات وملاحظة التغيرات التي تطرأ عليها عبر الزمن ومقارنة درجة القرابة بين اللغات المتشابهة والتحقق من روابط صلة النسب بينها، فنجد على الصعيد العالمي أن أستاذ اللسانيات السويسري / فرديناند دو سوسور يعتبر المرجع الأقدم والعلامة الثقة في هذا الحقل حيث ألف كتابا ضخما أسماه: "منهج في اللغويات العامة".
ومن بعده جاء / ليونارد بلومفيلد الأمريكي أحد علماء اللغة وأهم الرواد في مجال اللغويات البنيوية خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين بعد أن اصدر كتابا أطلق عليه عنوان (اللغة) الذي اهله بقوة ليكون مؤسس المدرسة الأميركية في علم اللسانيات في ميزان العلماء، وبالرجوع إلى ابحاث علماء اللغة، نجد أن العامل المشترك الذي اتفق عليه جميع خبراء اللسانيات قديماً وحديثاً حول أصل اللغة هو (الصوت) فاللغة عندهم هي الأصوات والخطاب الصادر عن لسان الإنسان.
وفي هذا الإطار نجد أن الفقيه والباحث اللغوي / محمد عبيد الله، قد سبق أغلب الباحثين في زمانه إلى تفصيل أصول اللغة من خلال البحث في الحروف وجذورها، فأصدر كتابا مرجعيا في هذا الشأن عرف باسم "فقه الحروف"، استند فيه إلى "معجم ألفاظ القرآن" الشهير للعالم الجليل محمد فؤاد عبد الباقي.
خصنا بخواص ومنحنا مزايا لا نظير لها فكانت اللغة على رأس تلك المزايا، الأمر الذي أهّل علماء اللغة أن يكونوا على علم ودراية بمراتب أهل الأرض وملائكة السماء، ومرجع هذا يعود إلى كمال اللغة وفصاحة اللسان، ومن الجدير بالذكر أن اللغة قد نشأت في عهد آدم عليه السلاملقول الله تعالى في القرآن الكريم: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا (سورة البقرة، آية 31)
ثم فسدت اللغة مع تقلب الزمان لقوله تعالى في القرآن الكريم: أَتُجَـٰدِلُونَنِى فِىٓ أَسۡمَآءٍ۬ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِہَا مِن سُلۡطَـٰنٍ۬‌ۚ (سورة الأعراف ، آية 71).
ومن الأهمية بمكان أن القرآن أعاد تنظيم اللغة وجمع شتاتها، ثم وقف على حروفها كما هو معلوم من فواتح السور، قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا (سورة الشورى ، آية 7).
وحيث أن أم القرى أول منازل الإنسان فقد بقيت فيها بقايا من بلاغة اللغة وفصاحة اللسان، وتناثر حولها الكثير من المفردات لقوله تعالى: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (سورة الزمر)، أي أن كافة مفردات القرآن عربية خالصة متوازنة منضبطة في إطار اللغة، مفصلة في فصائل وأسر، كما نراه في (الطير والطائرة والطيار والطيران) تجدها منضوية تحت جذر واحد، في حين لو نظرت إلى هذه المسميات في اللغة الإنجليزية وجدتها مختلفة متنافرة.