كما في كل صباح حائر
يورق الصمت شجيرة حزن تحت نافذتي
والقلب يذوب في لهيب أسراره
وسنابل المرارة تنهض على ضفافه
وعرس الأرض أنين طالع من نشوة الحفيف
هناك عند النهايات الغافية وفوق أفق رمادي مستور بالبعد يشهد انكسار قمره
تبدو العصافير أشبه بأشلاء ليل مهزوم تضيع في مدن الريح
تخفق في أوطان البؤس وتنتحب مع جفاف دمعها فتجرح صمت الغيوم
وتخدش كبرياء المدى ثم ترقص رقصتها الأخيرة وتسقط
كان الصباح يقيم جنازة الأقحوان والياسمين
ويودع الازهار التي تعرت من معاطف العبير
وكان الندى يمشي مثقلا بالضجر والكسل فوق الأوراق والزمن
يمزق صدره العاري ويتركه للطيور الجائعة
ثم يرمي ثوبه في قطار الريح ويجلس وحيدا كطفلة ضيعت أمها
تبحث عن دموعها فلا تراها
أفتش عن شمسي فأراها مخبأة في جيب الليل وأسأل عن ربيعي
فأراه عجوزا مات البريق في عينيه وتكدس في لحيته البيضاء غبار السنوات
وخلف أسوار القلب ترتمي جثة فرح قديم
تقطعت وتناثرت تحت عجلة الأيام
فلا أملك إلا أن أستسلم لخوفي وألمي وانكسار روحي وغياب أملي
كشجرة فاجأها إعصار مرعب كنبع تسير به الأودية الى الصحراء حيث ترقد النهاية
وماأصعبها من نهاية نهاية الحب والعطاء وابتداء الكراهية والبغضاء
ويومض في داخلي بريق الأحزان ويركض الخريف إلى قلبي على جسور الريح
وينبت الشوك الجارح على ضفاف صباحي
فأنتزع دمعة صامتة كصمت الغابات أرميها على شطآن اغترابي
وأمنح الخيبة ملعبا فوق سهول القلب
لكنني أتخيل زنبقة صغيرة تنبت في خرائب النفس
وأسمع ضجيج أمل صغير في هدوء الأعماق
وأذكر أنني قرأت في كتاب الفرح
أيها القلب
حين يتشرد صباحك بين كفين من الدمع والأسى
فلا تسقط
لأن الشموس قد تخرج من الرماد
نهاية كل مايفرح قلبي باتت حقيقة واقعة لامحالة
وبداية كل مايؤلم قلبي أصبحت واقعا لامهرب منه
بداية لانهاية