أكبر الصّدوع في القشرة الأرضية وأكثرها خطورة على الإطلاق!
منذ أن خُلق ووُجد هذا الكون، وكافة الأشياء والأجرام فيه في حالة حركة مستمرة. هذه التحرُّكات تختلف من جرمٍ سماوي لآخر، وفي أعماق كافة الكواكب، هناك تحركات كثيرة تحكمه وتجعله متماسكاً وصُلباً كي يستمر بقاؤه في الكون إلى أن يحين موعد فنائه.
وفي أعماق كوكب الأرض، هناك تحرّكات ونشاطات هائلة في لُبّه وأسفل قشرته الصلبة، ناتجة عن عوامل الضغط الهائل والغليان الداخلي، ووجود تيارات الحِمْل الحراري التي تعمل على تشكيله باستمرار في اليابسة والمحيط.
فمن المعروف أن الكرة الأرضية لم تكن بصورتها الحالية منذ ما يقرب من 5 مليون سنة عند نشأتها، بل وجدت آلاف التحركات والتفككات والانقسامات في القشرتين القارية والمحيطية معاً، حتى وصل الكوكب إلى هيئته الحالية. وسيستمر في ذلك التفكك على مدى ملايين الأعوام القادمة.
هذه الانقسامات خلّفت ما يُعرف بالصدوع أو الفوالق الأرضية. وفي العالم يوجد العديد من تلك الفوالق الكبيرة والهائلة جداً، والتي تشق القشرتين المحيطية واليابسة على حدٍ سواء، ممتدة لآلاف الكيلومترات؛ قاطعة بذلك قارات وبلداناً كاملة، ومُخلّفة وراءها كوراث طبيعية مُتمثلة في الزلازل والبراكين.
تعريف الصّدع أو الفالق- Fault
هو «كسر- Fracture» في القشرة الأرضية، يُصاحبه حركة انزلاق للصخور الموجودة على جانبيه. يحدث هذا الفالق بسبب الضغط أو الشّد الذي تسببه تحركات القشرة الأرضية باستمرار، وفي أماكن مختلفة.
واليوم؛ سنتحدث عن أكبر الفوالق والصّدوع الهائلة في القشرة الأرضية، والتي تُشكل خطراً مُباشراً على سكّان تلك المناطق الخاضعة لتأثيرها، وتلقب تلك الفوالق أو الصدوع بالفوالق الفاصلة للقارات.
صدع سان أندرياس
صورة جوّية لصدع سان أندرياس حيث تتحرك القشرة الأرضية على جانبيه حركة مختلفة في اتجاهين متعاكسين
صورة جوّية لصدع سان أنردياس حيث تتحرك القشرة الأرضية على جانبيه حركة مختلفة في اتجاهين متعاكسين
يُعد من أشهر الصدوع العملاقة في القشرة الأرضية، وهو فالق من أنواع «الفوالق المنزلقة – Strike Slip». بدأ صدع سان أندرياس في الظهور منذ ما يقرب من «30 مليون» سنة في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية؛ عند اصطدام كُل من الصفيحة التكتونية للمحيط الهادئ، مع الصفيحة التكتونية القارية الأمريكية الشمالية.
يمتد هذا الصّدع من سواحل «ميندوسينو» جنوباً، إلى جبال «سان بيرناردينو» وبحر «سالتون»، لذا يبلغ طوله نحو 1300 كم، ومقدار الإزاحة للصخور على طوله، لا تقل عن 563 كم.
يعتبر صدع سان أندرياس من أكثر الصدوع التي تضغط باستمرار على القشرة الأرضية وتمزقها وصولاً للأعماق. ويقدر عُمق الصّدع وفقاً لآخر قياسات تمت في العام 2004، بنحو 3.2 كم داخل القشرة الأرضية.
تسبب هذا الصدع في وقوع العديد من الزلازل في ولاية كاليفورنيا. أشهرها يُدعى «فورت تيجون» الذي وقع في جنوبي الولاية عام 1857 وبلغت قوته على مقياس ريختر 7.9 درجة.
أما الآخر فوقع في الثامن عشر من أبريل في العام 1906 في سان فرانسيسكو، والذي تسبب باندلاع حريق هائل في المدينة، وتوفي على إثره نحو 700 شخص. بلغت قوة ذلك الزلزال 7.9 درجة على مقياس ريختر أيضاً، وتسبب في كسر القشرة الأرضية مسافة 402 كم من منطقة «سان خوان باوتيستا» إلى «كيب ميندوسينو».
ومؤخراً صرّحت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأنه وفي حالة وقوع زلزال آخر في تلك المناطق بالقرب من الصّدع، فإن ذلك سيتسبب في تدمير نصف مدينة لوس أنجلوس، وتدمير إمدادات المياه فيها، وقتل نحو 50 ألف شخص هناك.
فالق شمال الأناضول
فالق نشط شمالي الأناضول في تركيا. يمتد على طول الحدود بين الصفيحة التكتونية الأوراسية، والصفيحة التكتونية الأناضولية. يمتد غرباً من تقاطع فالق الأناضول الشرقي في شرق تركيا، وفي شمال تركيا وصولاً لبحر ايجه بطول 1500 كم.
يعتبر هذا الصدع مشابهاً لصدع سان أندرياس في كاليفورنيا، حيث كلاهما من أنواع الفوالق المنزلقة، وذوي طولٍ متساوٍ. تسبب هذا الفالق في وقوع زلزال عام 1939 في «أرزينجان»، ثم خلف ذلك وقوع 7 زلازل أخرى بقوة بلغت 7.0 درجة على مقياس ريختر في تلك المنطقة وما يقربها.
الخليج المُتصّدع في كاليفورنيا
يقع في الطرف الجنوبي لصدع سان أندرياس، ويمتد مسافة 1300 كم إضافية، لذا جزء منه يقطع مسافة داخل المكسيك، وهي المنطقة التي تُعرَف بتحرك الصفيحة التكتونية الأمريكية منها. تعمل تلك المنطقة على صُنع قشرة أرضية جديدة، وكتل، وقيعان محيطات؛ نظراً لقوة السّحْب التكتونية.
منطقة البحيرات التكتونية العظمى
تقع في ولاية «ساوث داكوتا» الأمريكية، ويبلغ طولها نحو 1400 كم، على طول الطريق إلى المنطقة الجنوبية من ولاية «مينيسوتا»، ثم تمتد إلى ولاية «ميتشغان»، ثم أخيراً إلى «أونتاريو» في كندا.
تُعرف هذه المنطقة بأنها منطقة نَشِطَة بُركانياً ومليئة بالعديد من الزلازل، ويقدر علماء الجيولوجيا عُمر تلك التحرّكات الأرضية منذ ما يقرب من «2.7 مليون» سنة مضت.
الفالق في جبال الألب
يقع في جنوبي جزيرة نيوزلندا، يبلغ طوله 1400 كم. حركة هذا الفالق تسببت في وقوع الكثير من الزلازل المُدمرة في المنطقة. هذا الفالق يُحدث حدوداً تباعديةً بين الصفيحة التكتونية للمحيط الهادئ، والصفيحة الهندية الاسترالية. وتكوّنت جبال الألب الجنوبية في الجزيرة نتيجة التحرك المستمر، ووقوع العديد من الزلازل على طول الفالق.
فالق كونلون
صورة جوية للفالق
يقع في المنطقة الشمالية في «التبت» بطول 1500 كم، ومستمر في التحرك والنشاط منذ ما يقرب من 4000 سنة. وبسبب ذلك التحرك وقعت العديد من الزلازل المدمرة، وكان آخرها زلزال عام 2001 الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر.
فالق جبال الأورال الرئيسي
منظر عام لجبال الأورال
يمتد فالق جبال الأورال من الشمال إلى الجنوب وسط الجبال، وبطول لايقل عن 2000 كم، وبعمقٍ أرضي يصل لنحو 15 كم يفصل كُلاً من أوروبا وآسيا عن بعضهما. هذا الفالق له تاريخ سحيق حيث كان الأساس في تحرك القشرة الأرضية باستمرار، والذي أدى بدوره إلى انفصال القارة العظمى «بانجيا»، وتكوين جبال الأورال.
خندق بيرو وشيلي
ويعرف أيضاً باسم خندق «أتاكما». يقع شرقي المحيط الهادئ على بعد 160 كم من شواطئ كل من بيرو وشيلي. يُقدر طوله بنحو 3000 كم طولاً، وحسب آخر قياسات تمت على الخندق، قُدّر طوله بنحو 5900 كم.
الصدع الكبير في ألوتيان – ألاسكا
هو نوع من أنواع الفوالق التي تتمتع بحركة نسبية يتم من خلالها دفع الصخور في الطبقات السفلية لطبقات عُلوية، بحيث تظهر الصخور القديمة في العُمر أعلى – فوق- الصخور الحديثة.
يمتد هذا الصدع مسافة بطول 3600 كم قرب جزيرة «كامتشاتكا» غربي خليج ألاسكا في الشرق. ونتيجة لحركة هذا الصدع المستمرة، وُجدت العديد من الزلازل القوية، وكان زلزال ألاسكا عام 1964، هو أحد نتائج تحركات ذلك الصدع، وبلغت قوته 9.2 درجة على مقياس ريختر.
ووقع زلزالان آخران أحدهم في «رات آيسلند» عام 1965 بلغت قوته 8.7 درجة، والآخر في العام 1957، في جزيرة «آندريانوف» بلغت قوته 8.6 درجة؛ وتسبب كلا الزلزالين في وقوع تسونامي كبير في هاتين المنطقتين.
صدع منطقة وسط إفريقيا
يقع هذا الصدع وسط إفريقيا، ويمتد من خليج غينيا إلى السودان بطول 4000 كم. بدأ نشاطه منذ ما يقرب من «640 مليون» سنة؛ حين بدأت القشرة الأرضية بالتحرّك وتفكك القارة العظمى «غوندوانا» خلال العصري الجوراسي والطباشيري.
صدع سوندا الهائل
يقع جنوبي شرق آسيا، ويعتبر أكبر الصّدوع الموجودة على الأرض، حيث يمتد مسافة 5500 كم بدءاً من مينمار ويمتد في جميع المناطق المجاورة وصولاً لاستراليا.
حركة هذا الصدع تسببت في وقوع زلزال المحيط الهندي عام 2004، الذي بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر، وتسبب في وقوع موجات تسونامي ضخمة، وأودى بحياة ما يقرب من 230 ألف شخص بين قتلى ومفقودين.
فالق ألتيان تاه في التبت
صورة بالأقمار الصناعية لفالق هضبة التبت..
بطولٍ يتراوح بين 1500- 2500 كم، يُشكل هذا الفالق النشط الحدود الشمالية الغربية لهضبة التبت مع حوض تاريم. ونتيجة لحركته المستمرة والنشطة بين الصفيحة التكتونية الهندية الاسترالية، والصفيحة التكتونية الأوراسية؛ تكوّنت هضبة التبت.