أبشع مجاعات القرن العشرين .. التي راح ضحيتها الملايين!
1
في القرن العشرين مات ما يقرب من 70 مليون شخص جوعاً بسبب المجاعات من مختلف انحاء العالم، وتختلف أسباب حدوث المجاعات، فأحياناً تكون كوارث طبيعية ، وأحياناً أخرى تحدث بسبب ظروف سياسية كنظام مستبد أو حرب أهلية .. إلخ، وهذا هو الوجه الأبشع على الإطلاق ..
مجاعة الصين الكبرى
تعتبر هذه المجاعة من أشهر المجاعات على مدار التاريخ، حدثت عام 1958 بسبب الحزب الشيوعي الصيني الذي قرر تغيير الصين من دولة زراعية إلى دولة صناعية، ووحده الشعب دفع الثمن.
حيث نادى الحزب بحملة اقتصادية واجتماعية تحيل البلاد من دولة زراعية إلى صناعية، وذلك عن طريق استغلال تعداد السكان الضخم لتطوير الدولة بشكل سريع من خلال ترك الزراعه والاتجاه الى التصنيع، و أطلق عليها ” القفزة الكبرى إلى الأمام”
وبمجرد إعلان هذه الحملة إجتثوا الفلاحين من أراضيهم وقاموا بإرسالهم للعمل بالمصانع ، وبالطبع تم الإستيلاء على هذه الاراضي حتى لا يعودوا للزراعة مجدداً ، ويوجهوا كل جهودهم إلى الصناعة وتحديداً إنتاج الحديد والصلب.
لم يكتفي الحزب بهذا فقط بل قام بإحداث تغييرات جذرية على أسلوب الزراعة المتبع آنذاك، والذي فشل فشلاً ذريعاً ، وما زاد الأمر سوءاً ؛ الفضيانات التي حدثت عام 1959 ، وتلاها الجفاف !
وبمرور الوقت انتهت محاولات تحقيق هذه القفزة الكبرى بموت 43 مليون شخص !
روسيا 1921
تعتبر بدايات القرن الـ 20 فترة مليئة بألأحداث المشؤومة بالنسبة لروسيا ، فقد خسرت الملايين في الحرب العالمية الأولى، ثم قامت بها ثورة عنيفة، ثم حرب أهلية .. وأخيراً مجاعة.
حدثت المجاعة عام 1921 واستمرت لمدة عام ، عام واحد أودى بحياة الملايين، حيث كان يقوم الجنود البلفشيين بأعمال النهب والسرقة للمحاصيل التي يمتلكها الفلاحين بل وصل الأمر إلى سرقة طعامهم وقوت يومهم ، مما تسبب في توقف العديد من الفلاحين عن الزراعة، لأنهم يدركون انهم لن ينالوا ما زرعوه، ولن يحصلوا ولو على القليل منه، نتج عن ذلك نقص شديد في المواد الغذائية ، أدى إلى مجاعة قضت على 65 ملايين روسي.
الاتحاد السوفيتي
تعتبر المجاعة التي حدثت في الاتحاد السوفيتي من أبشع المجاعات على مدار التاريخ ، وصلت إلى مرحلة من القحط الشديد، ولم يكن السبب وراء هذه المجاعة معروف حتى انهار الاتحاد السوفيتي عام 1990.
السبب هو ذاته الذي أدى إلى حدوث مجاعة الصين الكبرى، والمسؤول هذه المرة هو “جوزيف ستالين” القائد الثاني للاتحاد السوفييتي ،وذلك عندما قرر تحويل الاتحاد السوفيتي من مجتمع زراعي إلى مجتمع صناعي.
كما نادى بتطبيق آلية “العمل الجماعي” بشكل عام ، وفي الزراعة بشكل خاص، وطبق هذا المبدأ بأبشع الطرق، فقد دمر مزارع الفلاحين وأفسد المحاصيل، وأخذ أراضيهم جبراً، فقام الفلاحين بتخبئة المحاصيل لتوفير وضمان قوت يومهم ، فلم يعد بإمكانهم الحصول عليه منذ ان تم تطبيق مبدأ العمل الجماعي.
وهذا ما أثار غضب “جوزيف ستالين” الذي أمر بعمل مسح كامل لبيوت الفلاحين كافة، وأمر بإتلاف كل ما يجدوه من محاصيل كعقاب لمخالفتهم الأوامر، هذا التدمير للمحاصيل والأراضي الزراعية أسفر عن موت 10 ملايين شخص جوعاً.
البنغال 1943
حدثت هذه المجاعة عام 1943 في ظل زوبعة من الأحداث الكارثية ، أهمها الحرب العالمية الثانية المستعرة، ونشوء الامبريالية اليابانية ونموها ، والذي ترتب عليه خسارة البنغال لـ بورما أكبر اشريك تجاري لها ، فأغلبية الطعام كان يستورد من بورما، ولكن اليابان علقت هذه التجارة إلى أجل غير معلوم.
وفي العام ذاته ضرب الإعصار البلاد، بالإضافة إلى الفيضانات المستمرة والتي دمرت ثلث الأراضي الزراعية، وأيضاً ظهور فطريات بالمحاصيل دمرت ما يقرب من 90٪ من محاصيل الأرز في المنطقة، وفي الوقت نفسه، لجوء ملايين الفاريين من بورما هرباً من تدمير اليابان ، ما يعني زيادة الحاجة إلى المواد الغذائية.
وبحلول شهر ديسمبر من عام 1943، كان هناك 7 مليون شخص لقى حتفه بسبب هذه المجاعة التي لم تستمر سوى بضعة أشهر !
اثيوبيا 1983- 1985
تعتبر من أسوأ المجاعات التي ضربت اثيوبيا ، هذه المجاعة الواسعة النطاق أثرت على سكان ارتيريا واثيوبيا وراح ضحيتها الملايين.
يقال ان السبب الرئيسي هو الجفاف بالإضافة إلى إنتهاك حقوق الإنسان وتأخر المنظمات الإنسانية عن التدخل ، ولكن الحقيقة ان السبب كان سياسياً بالدرجة الأولى، متمثلاً في سياسات الحكومة والاستراتيجيات والجهود والخطط التي تم تطبيقها لمكافحة التمرد الناشيء في مختلف المناطق بأثيوبيا.
لم يحدد عدد ضحايا هذه المجاعة بالضبط، ولكن اعتقد بعض المؤرخون بأنه العدد قد يكون ما بين 500 ألف إلى مليون ضحية !
السودان 1994
هذه الصورة الشهيرة لللمصور كيفن كارتر ، والتي أصبحت رمزا للمجاعة السودانية في ذلك الوقت، تظهر الفتاة المنكوبة التي تزحف نحو مخيم للأمم المتحدة، بينما ينتظر النسر -على بعد كيلومترات- موتها كي يلتهمها !
لهذه الصورة الفضل في لفت أنظار العالم لهذه الكارثة الناجمة عن انتهاكات حقوق الإنسان، فضلا عن الجفاف وفشل المجتمع الدولي للرد على خطر المجاعة .
السبب الرئيسي لهذه المجاعة هى الحرب الأهلية التي قامت حينها ، ومن أكثر المناطق التي تضررت “بحر الغزال” بجنوب غرب السودان، فففي هذه المنطقة فقط مات أكثر من 70 ألف شخص من المجاعة ، بالإضافة إلى هجرة 72 ألف شخصاً آخرين.
الصومال 1992
بمجرد ان تسمع كلمة “مجاعة” تخطر الصومال في ذهنك على الفور، صحيح انها ليست الدولة الوحيدة التي تعرضت للمجاعات، ولكنها أكثر دولة إمتدت فيها المجاعات لعقود متتالية .. فضلاً عن الجفاف والحروب الأهلية المستمرة .
وفي عام 1992م وقعت أسوأ موجة جفاف في القرن العشرين في الصومال، ويقدر عدد من قضوا نحبهم بسببها بأكثر من 300 ألف شخص، فضلاً عن الجوع والمرض الذي اجتاح البلاد، والتي كانت السبب في ذهاب القوات الامريكية بموجب قرار دولي من أجل حماية حملات الإغاثة وتأمين وصولها للمتضررين.
كوريا الشمالية 1994
يعود سبب المجاعة في كوريا الشمالية إلى سببين؛ أولهما : الفيضانات المستمرة والأمطار الغزيرة التي أتلفت المحاصيل الزراعية ودمرت ما يقرب من المليون ونصف المليون طن من احتياطات الحبوب ..
أما السبب الثاني؛ فكان السلطة المستبدة، حيث كان ” كيم جونغ الثاني” رئيس البلاد يتبع سياسية في إدارة البلاد ، تتمثل في كلمتين ” الجيش أولاً” !! ما يعني ان احتياجات الجيش أهم وأولى من احتياجات الشعب، وعليه كانت تمنع الحصص الغذائية عن الشعب من أجل توفيرها للجيش.
إستمر على هذا النحو 4 سنوات حتى قضى على حياة ما يقرب من 2 مليون ونصف إلى 3 مليون إنسان.
فيتنام 1944
وقعت مجاعة فيتنام في اكتوبر عام 1944 خلال الاحتلال الياباني للهند الصينية الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، التي تعتبر السبب الرئيسي في حدوثها.
فقد تورطت كلا من فرنسا واليابان في خراب الاقتصادي الفيتنامي، فكانت كل الموارد يتم أخذها لتمويل وتوفير وتلبية مطالب الحرب ، حيث استولت اليابان على كافة الموارد الزراعية .
أما عسكريا فقد تسببت سوء إدارة فرنسا للبلاد في إحداث تغيرات كبيرة ، أدت إلى حدوث المجاعة بداية في شمال فيتنام ثم انتشرت في البلاد بفضل الجفاف والفيضانات التي دمرت ما تبقر من محاصيل ،كل هذه العوامل أسفرت عن موت 2 مليون شخص.
المجاعة الكبرى بأيرلندا
مجاعة أيرلندا الكبرى أو مجاعة البطاطس الإيرلندية كما يطلق عليها، حدثت في عام 1845م.
هذه الوحيدة التي لم تحدث في القرن العشرين ولكن في أربعينيات القرن الـ 19 أتلفت آفة زراعية محاصيل البطاطس في أيرلندا، والتي تمثل المصدر الأساسي للتغذية لثلث سكانها ، ولم تكن ايرلندا الدولة الوحيدة التي أصابت محاصيلها هذه الآفة بل انتشرت في كافة انحاء اوروبا، ولكن بسبب اعتماد ايرلندا على البطاطس كمصدر أساسي للغذاء بسبب الفقر المنتشر آنذاك حدثت هذه المجاعة التي راح ضحيتها مليون شخص، وتسببت في نزوح مليون آخرين.
يعتبر الأبرلنديون ان الحكومة البريطانية هى السبب فيما حدث وذلك بسبب تكاسلها وتراجعها عن تقديم المساعدة، وتوجهت كل الأقلام والأصوات ضد بريطانيا تندد بتصرفها حيال ما حدث، ومن أشهر من كتب مندداً برد فعل بريطانيا؛ هو الكاتب السياسي “جون ميتشل” الذي قال مقولته الشهيرة : “عندما يجلس الأطفال للأكل لا يروا في صحون عشاءهم الزهيد إلا إنعكاس مخالب إنجلترا”!