من هو جزار البوسنة المحكوم عليه اليوم بالسجن مدى الحياة لقتله 8000 مسلم؟
2
لنبدأ من أول الحكاية … إنّها جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية التي تكونت في النصف الثاني للحرب العالمية الثانية من 6 دول، وهم على التوالي: (البوسنة و الهرسك، كرواتيا، مقدونيا، الجبل الأسود، صربيا و سلوفينيا) أسسها الجنرال جوزيف بروز تيتو في عام 1941م.
في بداية تسعينيات القرن الماضي بدأت كل من “سلوفينيا و كرواتيا” بالخروج عن هذا الاتحاد والمضي نحو الاستقلال لتتبعهما جمهورية البوسنة و الهرسك ذات الأغلبية المسلمة، إلّا أنّ الأمر لم يتم كسابقتها حيث بدأ جنون الحرب من قبل صربيا، وما تبقى من يوغسلافيا الاتحادية بشنهم لتطهير عرقي مُمَنهج على مسلمي البوسنة و الهرسك.
جنون الحرب
استمرت الحرب لمدة 4 سنوات بين العامين (1992م و 1995م) شهدت فيها أبشع أنواع القتل والمجازر واصطياد المدنين، حيث أريقت فيها دماء وأزهقت أروح بضراوة لم تشهدها أوربا منذ الحرب العالمية الثانية أُبيد فيها حوالي 300000 مسلم باعتراف الأمم المتحدة.
أبشع ما برز فيها كان مجزرة “سربرينتشا” التي حدثت في يوليو عام 1995م بقيادة القائد العسكري السابق لصرب البوسنة الجنرال “راتكو ملاديتش”، والتي تركت ندبةً لا يمكن أن تمحى إلّا أنّه قد يُخففها ما يحققه العدل حين يأخذ مجراه، وهذا ما يحدث اليوم بمحاكمة ما أطلق عليه لقب “جزار البلقان” فمن هو.
راتكو ملاديتش
ولد “راتكو” في 12 مارس 1943م بقرية بوزانفيتشي القريبة من جبل تريسكافيتشا.
انضم إلى الأكاديمية العسكرية في عام 1961م، ثم أكاديمية الضباط التي تخرج منها بدرجة امتياز عام 1965م، ثم انضم للحزب الشيوعي في نفس العام.
رُقي إلى رتبة عميد في مايو عام 1992م بعد شهر واحد فقط من إعلان جمهورية البوسنة استقلالها، وانفصالها عن الاتحاد اليوغسلافي.
التهم الموجهة إليه
كانت مدينة “سربرينيتشا” هدفًا للصرب نظرًا لموقعها الاستراتيجي وحدودها مع صربيا، فهي تُشكل جيبًا داخل الأراضي الصربية. في شهر يوليو عام 1995م، وفي مدينة “سربرينيتشا” البوسنية أصدر “راتكو ملاديتش” أوامره بقتل وتصفية أكثر من 8000 شخص من بينهم أطفال.
اعتبرت المحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافيا مجزرة سربرينيتشا “إبادة عرقية” أدانت فيها زعيميْ صرب البوسنة رادوفان كراديتش، وراتكو ملاديتش بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
كما يلاحَق راتكو ملاديتش أيضًا بشأن حصار سراييفو في 29 فبراير عام 1996م، والذي قتل خلاله 11 ألفا وخمسمائة شخص مدني، بينهم ألف طفل.
بعد أن أصدرت رئيسة جمهورية صرب البوسنة “بيليانا بلافيتش” قرارًا بإعفائه من منصبه في أغسطس عام 1996م، بدأت عملية مطاردته وملاحقته لتقديمه للقضاء الدولي، إلّا أنّه توارى عن الأنظار كليًا حتى راجت الكثير من الشائعات حول موته، وأحيانًا كثيرة حول تغيره لملامح وجهه من خلال خضوعه لعمليات تجميل، وبعد مطاردة استمرت قرابة 16 عامًا سقط أخيرًا في الاعتقال يوم الخميس 26 مايو عام 2011م من قبل وكالة المعلومات الأمنية الصربية، والذي كان اعتقاله شرطًا أساسيًا ل انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوربي.
بعد أسبوع من اعتقاله تحديدًا في شهر يونيو عام 2011م، وقف “راتكو ملاديتش” القائد السابق لقوات صرب البوسنة للمرة الأولى أمام محكمة جرائم الحرب في لاهاي بهولندا مكسورًا بتهم ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية خاصةً ضد المدنيين بمدينتي “سربرنيتشا” و “سراييفو”.
الحكم
أقرت محكمة العدل الدولية اليوم الأربعاء الموافق 22 نوفمبر من العام 2017 بالسجن مدى الحياة للمتهم “راتكو ملاديتش” جزاءً لجرائم الحرب التي اقترفها خلال حرب البوسنة والهرسك، وبهذا تطوي يوغسلافيا واحدة من أسود وأقبح الصفحات في تاريخها الإنساني.
هل تعتقد عزيزي القارئ أنّ الحكم كان منصفًا لعدد الضحايا الوارد في المقال أعلاه؟ شاركنا رأيك في خانة التعليقات.