القلب أذكى من العقل!..
ولكن أي منهما عليك استخدامه أكثر؟
يقال إن الرجل العربي يحكم عقله ويتجاهل مشاعره في المواقف الجدية. البعض يرد ذلك إلى طبيعة صورة «الرجل» في مجتمعاتنا العربية التي تفرض عليه أن يتعامل مع كل ما يواجهه بثبات بعيداً عن العواطف، البعض الآخر يرد السبب إلى المناخ وخصوصاً في المناطق التي تتمتع ببيئة صحراوية والتي قولبت الرجل وجعلته يطور «قساوة» تجعله يعتمد فقط على العقل.
الاستماع للقلب وفق المفهوم العام هو السير خلف المشاعر أي الغرق في الانفعالات وردات الفعل العشوائية. لكن من الناحية البيولوجية والعلمية الصورة مختلفة تماماً. النصحية الدائمة هي عدم تغليب العقل على القلب والعكس وهي في الواقع نصيحة منطقية.
لكن في موضوعنا هذا سنتناول الأمر من الناحية العملية ونحاول معرفة أي عضو هو الأذكى وأي منهما سيمكن الشخص من اتخاذ القرارات المنطقية. فما الذي ينصح به أهل العلم، الاستماع للعقل أو القلب؟
من الأذكى .. العقل أم القلب؟
الدراسات الحديثة تؤكد أن القلب يتحكم بالعقل أكثر مما كان يخيل للعلماء. صحيح أن العقل هو الذي يتحكم بأفعالنا لكن وعلى ما يبدو حين يتعلق الأمر بالقرارات فإن المصدر، بيولوجياً، هو القلب.
- أول عضو يتكون عند الجنين هو القلب وتشكل الخلايا العصبية ٦٥ ٪ منه. وعليه فإن العلاقة بين العقل والقلب ليست باتجاه واحد بل باتجاهين ذهاباً وإياباً.
- القلب هو العقل الصغير فهناك أكثر من ٤٠٠٠٠ خلية عصبية حسية تنقل المعلومات من القلب إلى العقل. وحتى أن العلماء باتوا يستخدمون مصطلح «مخ القلب» وذلك لأن القلب يملك جهازاً عصبياً غاية في التعقيد ويتكون من خلايا وموصلات عصبية وبروتينات تعمل بشكل مستقل عن أعصاب الدماغ.
- القلب يتواصل مع العقل والجسم بـ٤ طرق مختلفة، الأولى من خلال اتصالات الجهاز العصبي، الثانية من خلال الهرمونات التي يفرزها القلب، الثالثة من خلال معلومات النشاط الحيوي من خلال موجات ضغط الدم (موجات ماير)، وأخيراً من خلال المعلومات الحيوية من خلال الحقل المغناطيسي والكهربائي للجسم.
أي أن «المخ القلبي» يتعلم ويتذكر ويشعر ويخاف وبالتالي يترجم هذه المعلومات على شكل إشارات عصبية ترسل من القلب وإلى المخ خلافاً لما يعتقده البعض. فالمخ ليس العضو الذي يشعر ويرسل بشكل دائم بل القلب.
- المعلومات المرسلة من القلب إلى العقل أكثر بكثير من المعلومات التي يتم إرسالها من العقل الى القلب. الخلايا العصبية والجهاز العصبي الخاصين بالقلب يمكناه من التعلم والتحليل واتخاذ القرارات بشكل مستقل تماماً عن المخ ولاحقاً يقوم بإرسال الأوامر إلى الجهاز الوجداني في منطقة جذع الدماغ ثم إلى المراكز العليا في المخ التي تستجيب بناء على الخبرات المعرفية المتاحة.
للقلب ذاكرة خاصة به يمكنها أن تبدل حياة البشر. النقطة هذه تم رصدها عند الأشخاص الذي خضعوا لعمليات زراعة للقلب ووجدوا أنفسهم يختبرون مشاعر غريبة ليتبين لاحقاً أنها خاصة بالمتبرع حتى أن بعضهم تبدلت هواياتهم وباتوا مثلاً يعشقون الرياضة بعد أن كانوا يكرهونها.
- النشاط الكهربائي في القلب أكثر من المخ، وفي الواقع المجال الكهربائي للقلب يزيد ٦٠ مرة عن المجال الكهربائي للدماغ والمجال المعناطيسي له أكبر من المجال الغناطيسي للدماغ بـ٥٠٠٠ مرة.
- النشاط الكهربائي الخاص بالعقل والقلب يمكن جعلهما إيقاعاً كهربائياً متزامناً يسهل رصده وقياسه من خلال تركيز الشخص على المشاعر الإيجابية المنبثقة من القلب. حالة «التناسق» بين الأعضاء وخصوصاً القلب والعقل يمكنها أن تؤدي إلى وظائف جسدية أفضل بأشواط.
تدريب القلب ممكن كما يمكن تدريب العقل، فتركيبته تجعله بيولوجياً الأكثر ذكاءً وفاعلية من القلب. ومع ذلك فإن النقطة الأخيرة مهمة جداً وتحويل كل هذه النشاطات الكهربائية إلى إيقاع واحد يمكنه أن يجعل القرارات منطقية وعقلانية جداً سواء فكرنا بعقلنا الأول أو بعقلنا الثاني.
في المقابل وبعيداً عن العلم فإن القرآن الكريم أكد أن القلب ليس أداة لضخ الدماء فحسب بل تم الإشارة إلى القلب بأنه الذي يكسب الأعمال خيرها وشرها ومكان الشعور بالطمأنينة والخوف والرعب ومحل الشهادة أو إنكارها والفهم والفقه سوء الفهم. وقد ذكر القلب في أكثر من آية قرآنية بأنه أداة وظيفتها التعقل وحتى أنه لم يتم ذكر غير القلب كأداة للعلم وقد عزيت جميع الوظائف العقلية إليه.
في المحصلة العلم والدين يحسمان الأمر.. عليك الاستماع إلى قلبك أكثر من عقلك لأنه وعلى ما يبدو الأكثر فعالية لحسم الأمور بمنطق.
منقول