لستِ لي ...
أَنتَبِذُ الجهَاتِ
أَدفَعُ الأَرضَ عنِّي
وَأَهِشُّ المَدَى
وَأَقُولُ لِلهَوَاءِ
دَعنِي في خَلوَةِ الجرحِ
لا يَقتَرِب منِّي ضَوءٌ
ولا مَاءٌ
أو حتّى صَوتٌ
أنا أَعلَنتُ اِنفِصَالي
عَن هَمسِ الأَمكِنَةِ
وُسَأَرحَلُ إلى مَخبَأٍ
لَم يَمَسَّه زَمَنٌ
أو يَدخلُهُ حَرَاكٌ
أو يَعرُفهُ مَوتٌ
سأَذهَبُ إلى حَيثُ
لا أَجِدنِي
ولا تُوَسوِس لِي قَصَائِدُ
ولا أَخضَعُ لِقَلبٍ
عَارُمِ الوَجدِ
سأَتَنَحَّى عَن نَبضِي
وَأَتَبَرَّأُ مِن أَشواقي
وَأَكُفُّ عَن التَّفرِّدِ بِي
وَأُقِيمُ الحَوَاجِزَ بَينِي وبَينِي
حتّى إِذا أَرَادَت أَصَابِعِي
أَن تَكتُبَ
لا تَجِدُ مِن لُغَتِي
سوى جِلدِهَا المُقَدَّدِ
وَأَقُولُ لِأَوجَاعِي الَّتِي
مَا تَنفَكُّ أَن تُوجِعَنِي
تَجَلَّدِي
هُنَا لَن يُدرِكَنِي الحُلُمُ
وَلَن يَقهَرَنِي الحَنِينُ
القَيتُ على الجمرِ شَتَاتِي
وَرَمَيتُ بِلُهَاثِي
إلى شَواطُئِ النّسيَانِ
هُنَا ..
لَن يَدُقَّ بابي
عَذابُها
هُنَا ..
سأَتَحَرَّرُ مِن سَطوَةِ
اِنتِمَائِي لِوَردِهَا
سأُفرُغُ شَرَاييني من تُرابِها
وَأَنفِضُّ عَن باصِرتي
تَوَهُّجَ اِسمِهَا
لَن أَرَى غَرَقِي
في مَوجِ فِتنَتِها
لَن أَسمَعَ اِستِغَاثَاتِي
وأنا أَتَقَهقَرُ عَنِ اللِحَاقِ
بِطَيفِها
أَدرَكتُ ما آلَ بي الجنونُ
لَن أَنَل مِنهَا
غَيرَ الهَلاكَ
سَأَنزَوي في رُكنٍ قَصِيٍّ
خَارِجَ هَذَا الكَونِ
سَأَمنَعُ النّجُومَ أن تَأخُذَ
دَورَ الوَسِيطِ
وَسَأُفشِلُ أيَّةَ مُبَادَرَةٍ
مِن الأُفُقِ
لِتَقرِيبِ وَجَهَاتِ النّظَرِ
لَستِ لِي
مَهمَا نَثَرتُ على النَّدى القَصَائِدَ
لستِ لي
مَهمَا تَوَّسَّلَ لَكِ اللَيلُ
وَحَدَّثَكِ عَن بُكائِي
لستِ لي
حتّى لو تَسلَّلتُ لِعِندِكِ
في جَيبِ وَردَةٍ
لستِ لي
وإِن خُلِقتِ مِن ضُلوعِي
وَأَلبَستُكِ النُّورَ
وَأَطعَمتُكِ الخُلُودَ
أَنتِ خُطا المَوتِ
جاءَ لِيُنَفِّذَ المَهمَّةَ .
مصطفى الحاج حسين .