أحِط طفولتي بشيء من اللابأس
وخفف عني حفيف تساؤلات تجعلني أنساب بإنكسار !
قُل أن الظروف هي من فرقتنا كُل هذه الأعوام
وأن اليوم ليس ذكرى رحيلي عنك كسربٍ طريد
من الخوف والالم
هل لازلت تذكُر ؟
كيف تركتُ كل أحلامي في عينيك وهربت ،
ليتني بَقيت كي لا أقف اليوم على ناصية الندم وأحصي عدد خساراتي مُنذ إفتراقنا ..
ربما كان فُراقاً لابُد منه لأنني أعلم بأن البقاء كشخصية ثانوية في حياتك بمثابة إنتحار أخر !
لكن المُعجزات تحصل ..
من يعلم كان من المُمكن ان تُحبني ..
ربما كُنت ستتعبُ يوماً وتعانقني لأخفف عنك !
تعلم كم أنني أُقدس لمسك والغوص بين حنايا ضلوعك وكم أنني أتمنى الموت على رقبتك بالقُرب من شفتيك اللتين لا تتوقفان عن ذكر الله ،
بعض الخسارات التي تأتي من قراراتٍ مُتسرعة لا تُعوض ! . إن أكثر ما يُزعجني أنني لم أجد وصياً على قلبك يُسعده وتركتكُ هائماً بأشخاصٍ لم يقدروك يوماً ،
أعلم ان ذلك يشغلك أيضاً ! أنك لم تجد من يهتم بي ..
من يجعلك تنام قرير العين
وانت مطمئن بأنني بخير ولا أموت وجعاً بسبب تخليك عني وتركُك أياي وانا أرحل رغم أنك سمعت صوت خطواتي وهي تتعثر بمظهرك الملائكي الآسر اثناء نومك..
وتنهداتي وأنا أبكي بصوتٍ بلا صوت !
أعلم ايضاً أنك الأن تحاول أخفاء تأنيب ضميرك تجاهي بذلك الوجه الغاضب .. وان كُرهك لي ليس الا محاولةً لجعله يتوقف عن تقطيعك أرباً وأنت تنامُ ليلاً ..
أعلم ان جميع أحلامي عنك باتت كوابيس تُهمش النعاس على مضض
وان زوارق الحنين قد رست على موانئ الفقد والحرمان وان شمعة الأمل الأخيرة لن تستطيع اعطاء الضوء الكافي للمنارة
، وان الخسارة شيءٌ معلوم ! .
قد أعتدتُ التجذيف ضد التيار رُغم أذعاني لحقيقة أن ذلك سوف يُغرقني يوماً ما !
اعلم أن كُل شيء يتوقف على أختيارتنا
وأنا مُخيرة بين الأستسلام وتَقبُل فكرة البقاء منفيةً هُنا مُعلقةً بين الموت والحياة ! أو المقاومة والسير في طريقٍ أجهلُ نهايته
هل رأيت كم أنني امتلكُ من المعرفة وكم أنني كُنت ولا زلت مُتيقظةً وأحفظ التفاصيل عن ظهر قلب؟
هل صدقت بأنني لستُ مُتناقضةً كما كُنت تقول !
وأني اشاءُ ان لا اُفهم .. لطالما كُنت كذلك ..
ليتكَ سألتني عن السبب
كُنت أخبرتُك كم أنني أخشى ان أكون لُغزاً سهلاً
يستطيع المآرة حله ببساطة ،
ان ينتهي أمره ما أن ينطقوا به أن يُصبح في مُتناول شفاه الأطفال ..لُغزٌ سخيف
ما ان تُخبر احداً به يسخرُ منك ويقول " في إي عهدٍ أنت " ويضرب على مسمعك بالأجابة !
أعلم بأنك ستقول بأن الأشياء التي تبقى بلا أجابة أكثر عُرضة للفهم الخاطئ والأختلاف في وجهات النظر والنقاشات اللامتناهية ،وأن الحديث فيها يطول والظنون فيها تأخذ مجراً أخر !
لكن أليس ذلك أفضل من أن تكون نصاً عابراً أو شخصاً بلا ملامح أن رآك الناس تغاضوا عنك كأنهم لم يروا شيئاً ،
تعلم كم أنني لا أستطيع ترك الأشياء تمر من خلالي !
لستُ زجاجاً وأن كُنت لأنكسرت ، تعرفُ الحياة كيف تؤثر بي ! كُل جزء في روحي وجسدي عبارة عن نُقطة أسناد أن حاول شيءٌ ما اخذ جُزءاً مني فقدتُ توازني لذا أنا احاول دوماً البقاء بعيدةً هُنا عن جميع المؤثرات !
وأنت احدى تلك المؤثرات ..
احدى المؤثرات التي لم أعد أريد خوضها أبداً رُبما لا تعلم !! كم أنك أثرت بي وغيرتني ولا زلت تفعل !
كأنني عشتُ دهراً معك ولم تكن مُجرد سنة !
عندما عرفتُك كُنتَ الربيع !
فهمت معك معنى السعادة وتقبُل ان السُكر لا يشعر بطعمه فمٌ أعتاد على العسل ! وان الازهار حتى وأن لم تقطف سوف تموت !
لكن حتماً هناك زهرة اخرى سوف تتفتح بالقُرب منها لاحقاً.
عندما أقتربتُ منك كان الصيف
فهمتُ كيف تؤثر بنا الحرارة وننصهر بجانب من نُحب !
ونمتزج بهم ونصبحُ شخصاً واحداً دون ان يشوب القُرب شائبة ...
كانت تجربتي الأولى للسهر ! لم اكن اعي كيف ان الليل يرفدُ السماء بِظُلمته وكيف يغط العشاق بالنوم على شرفات القمر .! وكم ان نور الشمس لا يضاهي نور أطلالة من نُحب !
حينما رحلت كُنتُ الخريف
وبدأت اتساقط مع كل خطوة اخطوها بعيداً عنك ، كُنت أبتعد منك هاربةً واظن أن الأمان يكمن في البُعد وان القلب سوف يستكين في عوالم السلام ولو بعد حين !
الا أن قلبي كُلما أبتعد وطال الفراق عليه زاد عناداً واصراراً على العودة ، ولم اعُد! .
أتى الشتاء
وكانت ذكرياتك تملئ الدُنيا بكاء
واخبارُك هي الرياح الباردة التي قادتني الى حُمى الضياع !
لا استطيع احصاء عدد المرات التي فقدتُ فيها الطريق فقط لأنني سمعت أسمك !
قد كان كأنهُ يضرب على مسمعي بسوطٍ من فاجعة لتنهار الأمنيات وتفشل الخطط ويتحول العالم الى اللون الرمادي ! كأنهُ يُريني أياك لتتلاشى الآمال وتفنى البسمات وأستستلم !
كُنت أتلوى وأسقط على الأرض صارخةً خبئيني خبئيني ..!
وأغلقي مجلدات الحياة ،
ما عاد للبذل والصبر من معنى قد ماتت جميع الأشياء على ضفاف الأنتظار . . .
وأنتهى العام وأنتهينا !
هل لنا من عودة بعد هذة التجارب القاسية ؟
لا أظن ولا أريد لقد فقدتُ أهمية ومعنى أن تكون موجوداً ! فأنا واجهت كل شيء دونك !
ربما أنت تعيش في داخلي لكن ذلك لن يُحتسب !
يجب ان اُكمل رحيلي ..
نحن راشدون لكن !
لا تمد يدك لمصافحتي ولا تفكر أبداً في معانقتي !
فأنا لا أستطيع الأنسلاخ عن جلدي مُجدداً للتخلص من اثارك!
لذا فلنغادر ...
دون النظر للخلف رجاءاً
تاركيّن كُل شيء خلفنا غير مُباليّن بما كان لدينا وما خسرنا فأن لا شيء يستحق النظر او العودة ..
وداعاً . .
بقلم : مار إدريس
٢٠١٩/١/١