سهرت وطال شوقي للعراق
وهل يدنو بعيد باشتياق
وهل يدنيك أن غير هواك سال
وأن جفنك غير راقي
وما ليلي هنا أرقٌ لديغٌ
ولا ليلي هناك بسحر راقي
ولكنها تربة تجفو وتحلو
كما حلت المعاطن للنياق
بكيت على الشباب وقد تولى
كمن يبقى على قدح مراق
وعاتبت الصبا فمشت طيوفٌ
أعارتني أليه على وفاق
وليل موحش الجنبات داج
شتيم الوجه مسود الرواق
أٌشد ألى النجوم به كأني
واياهن نرسفُ في وثاق
كأن بروجها حُبكٌ دلاصٌ
مزردة تعز على اختراق
كأن مخارق الاجواء فيه
نعيق البوم يؤذن بالزُّعاق
كأن مطارقا خفقات دوح
ولحن جنائز رجع السواقي
تمنطق بالنجوم وراح يهوى
بحضن الفجر محلول النطاق
وغطت جنبتيه فضاق ذرعا
خروق يمتنعن على رتاق
ألقطُ منه أصداءً كأني
ألص السمع فيها باستراق
أفلّق صخرةً فتعن أخرى
مصلدةَ تشق على انفلاق
وتعشوالذكريات كما تعشت
ضبابات الرؤى نزع السياق
تطاردني وألحقها دراكاً
وتسبقني فأطمع باللحاق
ورحتُ أُعبُّهنَّ فلا أبالي
أعن شبم أصادي أم دُعاق
أحبتي الذين بما أمنّي
بلقياهم أهوّن ما ألاقي
أرى الدنيا بهم فأذا تخلوا
فهم دنياي تؤذن بافتراق
سلاما كالمدامة في اصطفاق
وزعزعة النسيم على ارتفاق
وشوقا يُستطار ألى ازديار
وعذرا يستماح عن أعتياق
وأني والشجاعة فيَّ طبعٌ
جبانٌ في منازلة الفراق
ولي نفسان طائرة شعاعا
وأخرى تهون بما أتلاقي
أقول لها وقد خدرت ولانت
تحدَّي من يريدك أن تعاقي
وشدي من حنانك للرزايا
وسوقيه لهن ... ولا تُساقي
فلا من خاضها كرهاً بناجي
ولا من خافها جُبناً بباقي
محمد مهدي الجواهري