للسيد الدكتور الشاعر مصطفى جمال الدين رحمة الله عليه رحمة الأبرار ..

ظمئ الشعر أم جفاك الشعور *** كيف يظمأ من فيه يجري الغدير
كيف تعنو للجدب أغراس فكر*** لعلي بها تمت الجذور
نبتت-بين (نهجه) وربيع *** من بنيه غمر العطاء -البذور
وسقاها نبع النبي، وهل بعد *** نمير القرآن يحلو نمير؟
فزهت واحة، ورفت غصون *** ونما برعم، ونمت عطور
وأعدت سلالها، للقطاف *** الغض منا، قرائح وثغور
هكذا يزدهي ربيع علي *** وتغني على هواه الطيور
شربت حبه قلوب القوافي *** فانتشت أحرف، وجنت شطور
-------------------------------------------------------
ظامئ الشعر، ها هنا يولد الشعر، *** وتنمو نسوره وتطير
ها هنا تنشر البلاغة فرعيها، *** فتستاق من شذاها الدهور
(هدرت) حوله بكوفان يوماً *** (ثم قرت) .. وما يزال الهدير
وسيبقى يهز سمع الليالي *** منبر من بيانه مسحور
تتلاقى الأفهام من حوله شتى: *** ففهم عا، وفهم نصير
ويعودون... لا العدو قليل *** الزاد منه، و لا الصديق فقير
ظامئ الشعر، هاهنا: الشعر، والفن، *** وصوت سمح البيان،جهير
بدعة الشعر أن تشوب الغدير العذب *** في أكؤس القصيد البحور
وعلي إشراقة الحب، لو شيب *** بسود الأحقاد كادت تنير

-------------------------------------------------------
أيها الصاعدالمغذ مع النجم *** هنيئاً لك الجناح الخبير
قد بهرت(النجوم) مجداً وإشعاعا، *** وإن ظن: أنك المبهور
وبلغت المرمى، وإن فل ريش *** وانطوى جانح عليه كسير
وملأت الدنيا دوياً، فلا يسمع *** إلا هتافها المخمور
فقلوب على هواك تغني *** وأكف إلى علاك تشير
حيل للخلود،قامرفيها*** لاعبيه.. والرابح المقمور!!
وسيبقى لك الخلود، وللغافين، *** في ناعم الحرير، الغمور
وستبنى لك الضمائر عشاً *** ولدنيا سواك تبنى القصور
وستبقى إمام كل شريد *** لزه الظلم، واجتواه الغرور
وسيجري بمرج عذراء من *** (حجرك) نحر.. تقفو سناه النحور
-------------------------------------------------------
سيدي أيها الضمير المصفى *** والصراط الذي عليه نسير
لك مهوى قلوبنا، وعلى زادك *** نربي عقولنا، ونمير
وإذا هزت المخاوف روحاً *** وارتمى خافق بها مذعور
قربتنا إلى جراحك نار *** وهدانا إلى ثباتك نور
نحن عشاقك الملحون في العشق *** وإن هام في هواك الكثير
باعدتنا عن (قومنا) لغة الحب *** فظنوا: أن اللباب القشور
بعض ما يبتلى به الحب همس *** من ظنون... وبعضه تشهير
إن أقسى ما يحمل القلب *** أن يطلب منه لنبضه تفسير
نحن نهواك، لالشيء، سوى *** أنك من أحمد أخ ووزير
وحسام يحمي، وروح تفدي *** ولسان يدعو، وعقل يشير
ومفاتيح من علوم، حباها *** لك، إذ أنت كنزها المذخور
ضرب الله بين وهجيكما حددا: *** فأنت المنار وهو المنير
وإذا الشمس آذنت بمغيب *** غطت الكون من سناها البدور
-------------------------------------------------------
نحن يا قومنا ، وأنتم على درب *** سواء، يلذ فيه المسير
غير أنا نسري إلى(الوحدة الكبرى) *** وندري: أن الطريق عسير
في متيه تناهبته الأعاصير، *** وجنت بجانبيه الصخور
وعلى دربنا إلى القمة السمحاء، *** شوك يدمي، ورمل يمور
وبنو عمنا تراوح في السير، *** وتدري: أن الوقوف خطير
ويقولن: إن نهراً من الفرقة *** ينشق بيننا ويغور
وعلى ضفتيه يمتلئ التاريخ *** حقداً .. فيستحيل العبور!
صدقوا ... غير أننا لا نحيل *** الأمر ما طال حوله التفكير
بعض ما يستحال كم وحدة الرأي *** قصور، وبعضه تقصير
وإذا طابت النوايا تلاقت *** في هوى الضفتين منا الجسور
قاربونا نقرب إليكم، وخلوا *** الحقد تغلي قلوبه وتفور
فسيصحو الطهاة يوماً، وقد *** ذابت بنار الأحقاد حتى القدور
-------------------------------------------------------
نحن، يا قومنا سراة طرق *** يستوي بدؤنا به والمصير
قد صعدنا به إلى ذروة المجد، *** فما عاقنا اللظى والهجير
واستشار الإسلام موتى مواضينا *** فهبت .. وفي شباها النشور
ودعتنا بدر لصحوتنا الأولى *** وأحد، وخيبر، والنضير
فركبنا متن الزمان، وقدنا *** إلى الموت أعمى، يسير حيث نسير
وأتينا (هرقل)في ضفة(اليرموك) *** شعثاً، فارتج فيه السرير
قد مزجنا أمواجه بالعقاص الشقر *** فانداف طيبه والحرير
واقتمحنا (الأيوان) هوجاً فلا *** (رستم) كف الردى، ولا (أردشير)
أسألوه: هل شبت (النار) فيه *** مذ دخلنا، وفي ظبانا (النور)
يا لأمجادنا: أنحن بقايا *** السيف أم غمده المكسور
هدنا ذعرنا وحازت سرايانا: *** أغول يقودها أم أمير؟