الملك حمورابي1792_1750ق.م
تسلم حمورابي الحكم بعد وفاة والده (سين مبلط) الذي عمل جاهدا على تحقيق هدف والده والذي لم يستطع والده تحقيقه بسبب قوة أشور التي كانت بقيادة شمشي أدد وهو توحيد البلاد كلها بقيادته …فلذلك خلف أبيه بهذه المهمة فعمل هدنة مع شمشي أدد الذي تميز بقوته والتزم الصمت في بادئ الأمر ولكن بعد مماته أنهار توازن القائم في بلاد الرافدين ودخلت البلاد في صراع جديد بين المدن البارزة بعد أن أصبحت بابل مدينة محصنة مزدهرة وبلغت حدا من القوة وكان التنافس دائرا بين أربعة حكام أقوياء للحصول على زعامة بلاد الرافدين وهم ماري غربا , اشنونة شرقا ولارسا جنوبا وأخيرا بابل في الوسط وعلى الرغم من موقع بابل الضعيف الا أن حمورابي أستطاع أن يهزم خصومه واحدا تلو الاخر وربح الجولة الأخيرة عن طريق زرع الفتن بينهم مستعينا بالواحد منهم ليقهر الأخر فقد كان معروفا بصبره وعناده وحذره الذي يشتاحه بشيء من الخبث فصاحبه اليوم قد يكون ضحيته التالية غدا وهكذا أستقرت بابل على العرش دولة كبيرة جديدة بعد خمسة وعشرين سنة من العمل المثابر.
عرف عصر حمورابي بالعصر الذهبي والذي لم يشهد له مثيل في تاريخ بابل الطويل . حيث صار بأماكنها أن تمارس سيادة سياسية لا منازع لها فيها بعد أن أمتدت مملكته حتى خابور الى حوض البليخ وشملت نهر ديالى ووادي دجلة الأعلى. وقد أستحل أسم بابل محل أسم سومر وأكد وبتفوقها الثقافي ومكانتها الدينية التي أحتفظت بها طوال الف عام أضحت بعمرانها لؤلؤة الشرق العربي القديم . وهكذا نجح حمورابي في فرض وحدة الرافدين فبدأ بلارسا فأشنونة ثم ماري وأخيرا أشور ولكنه لم يكتفي بذلك بل عمل على توحيد الوحدة التشريعية القانونية حيث أتصف نظام حكمه بالحكم المطلق الذي يتوخى العدالة في ظل قانون ( أنا حمورابي الأمير الأعلى , عابد الألهة , لكي أنشر العدالة في العالم , وأقضي على الأشرار الأثمين, وأمنع الأقوياء أن يظلموا الضعفاء , وأنشر النور في الأرض , وأرعى مصالح الخلق )) والذي سار على نهجه جميع ملوك بابل تقريبا.
شرائــــــــع حمورابي
قد أصدر عدد هائل من الشرائع التي سميت بأسمه وبلغت مئتين وأثنين وخمسين مادة نقشت على مسلة من حجر الدويريت الأسود وفي أعلاها نحت يمثل الملك البابلي يتلقى السلطة الملكية والشريعة من الإله الشمس(شمش) وأستغفر الله وهي مسلة حمورابي الشهيرة الموجودة الأن بمتحف اللوفر في باريس . ومن أحد مواده المادة 229 التي تقول (اذا بنى مهندسا بيتا لأحد الأشخاص , ولم يكن بناؤه متينا فأنهار البيت , وسبب قتل من فيه يعاقب المهندس بالموت) وهناك عقوبات رادعة أعتمدت مبدأ (( العين بالعين والسن وبالسن)) منها اذا كسر أنسان لرجل شريف سنا او فقأ له عينه أو أي شيء اخر حل به نفس الأذى الذي سببه له, وعلى الرغم من أن شريعة حمورابي كانت قاسية في العقوبات ولكنها بقيت مدة خمسة عشر قرنا كاملة محتفظة بجوهرها .
المجتمع البابلي في عهد حمورابي كان مكون من ثلاث طبقات
لطبقة الراقية ((الأستقراطية)) والتي عرفت بأسم لاميلو الذين لهم سيادة المجتمع
الطبقة العامة ((الموشكينو)) أي المساكين هم الأفراد الفقراء من الأحرار الذين عملوا بجميع المهن ولكنهم أفتقروا لكل الحقوق التي كانت تمتع بها الطبقة الأرستقراطية .
طبقة الرقيق ((واردوم)) وهم الذين ولدو بالرق وأسرى الحرب فكانت لهم بعض الحقوق فقد كان بأمكانهم التملك وأدارة بعض الأعمال الخاصة بهم وأقتراض المال وحتى أنهم كانوا يستطيعون شراء أنفسهم وكأن بأماكن النساء الحرائر التملك ولهن حقوق شرعية أخرى وقد عرف أن الأباء عادة هم من يختارون الأزواج لبناتهم . والمضحك بالامر أن طبقة الرقيق لها حقوق أكثر مما لدي الطبقة العامة يالسخرية القدر .
وأخيرا سقطت هذه الأمبراطورية بعد ضعف حكم الحكام الذين فقدوا معظم نفوذ المنطقة بعد موت حمورابي مباشرة ولكنها ظلت قوة سياسية وثقافية مهمة ولكن حكامها لم يحاولوا توسيع سلطانها بعد موت حمورابي وبسبب المشاكل الداخلية للدولة أدى الى أحتلالها من قبل الأشوريين .