حضارة بابل صور حضارة بابل
خلال تداعي اور الثالثة، ركز اشبي – ايرا نفسه في اسين واوجد سلالة هناك استمرت من 2017 الى 1794 . وقد اتبع نهجه في اماكن اخرى من قبل الحكام المحليين، كما في دير، واشنونة، وسيبار، وكيش ولارسا. لقد ساد شعور في مقاطعات عديدة بتقليد نموذج اور؛ وربما تولت اسن دون تغيير في النظام الاداري لتلك الدولة. لقد أله اشبي – ايرا نفسه وكذلك فعل من خلفه ومنهم حاكم دير على الحدود الايرانية. لقد ضمت اسن ولقرابة قرن كامل على مجموعة من الدول كالفسيفساء والتي سرعان ما تداخلت فيما بينها. ولقد انتعشت التجارة الخارجية من بعد ما ساق اشبي – ايرا المعسكرات العيلامية من اور، وتحت حكم خلفه شو – اليشو، تم استعادة تمثال اله القمر نانا، اله مدينة اور من العيلاميين والذين كانوا قد اخذوه معهم. ولغاية حكم ليبيت – عشتار ( 1934 – 1924 ق م )، فان حكام اسن وتشبها بحكام اور، فيما يخص تقييم الملك لذاته في التراتيل، والتي كانت تبدو من الامور الاعتباطية طلب التفريق بين ابي – سن و اشبي – ايرا. وكمثال اضافي على الاستمرارية فيمكن اضافة ان شريعة ليبت – عشتار تقع في منتصف التسلسل بين شريعو اور نمو وشريعة حمورابي. الا انها اقرب الى الاولى لغويا وخاصة من ناحية الفلسفة القانونية من شريعة حمورابي التي هي مجموعة من الاحكام. فمثلا فان شريعة ليبت عشتار لا تعرف الحكم القانوني " العين بالعين والسن بالسن "، المبدأ الاساسي لقانون حمورابي العقابي.
السياسي:-
من المحتمل ان الانسلاخ النهائي عن اور الثالثة جاء نتيجة تغيير مكونات السكان ، من " السومريين والاكديين" الى " الاكدين والعموريين" من خرافات الكبد البابلية القديمة تقول " سيدخل سكان السهل ويطاردون من كانوا في المدينة" ان هذه في الحقيقة هي معادلة مختصرة لحادث وقع اكثر من مرة: اغتصاب تاج الملك في المدينة من قبل " شيخ" احد قبائل العموريين. ان تلك الاغتصابات كانت تحدث باستمرار كجزء من عملية استقرار العشائر، بالرغم من ان الحالة في اسن لم تكن كذلك لان بيت اشبي – ايرا جاء من ماري وكان من اصل اكدي، اذا ما حكمنا علىالحكام من اسمائهم.وبنفس العلامة اللغوية فان سلالة لارسا كانت عمورية. كان الحاكم الخامس لسلالة لارسا كونكونوم ( حكم من 1932 – 1906 )واستولى على اور ونصب نفسه كند مساو لاسن؛ وفي هذه المرحلة – نهاية القرن العشرين ق م – ان لم يكن قبل ذلك، لقد سلمت اور نفسها. من عهد كونكونوم الى التوحيد الوقتي لبلاد مابين النهرين تحت حكم حمورابي، فان الصورة السياسية كانت تقررها تفتت توازن القوى، من خلال التردد المتواصل للحلفاء من قبل اللافتراض المسبق للحكام المختلفين، من الخوف من انتهاك الحرمات من قبل القبائل البدوية العمورية ومن خلال تزايد تردي الظروف الاجتماعية. ان الارشيف المكثف للمرسلات من القصر الملكي لدولة ماري ( 1810 – 1750 ق م ) هو افضل مصدر للمعلومات عن اللعبة السياسية والاقتصادية وحكامها، سواء كانوا اعزاء ام اذلاء، وتغطي المعاهدات، ارسال واستقبال السفراء، الاتفاقيات حول تكامل جيوش الحلفاء، التجسس وكتابة تقارير عن المواقف من المحاكم الاجنبية. ان خلو هذه الرسائل من المبالغة او التنميق ولانها تتناول كل الاحداث فهي افضل من كل الكتابات الملكية على البنايات حتى وان جاء فيها تلميحات تاريخية.
النصوص الادبية وزيادة اللامركزية:-
هناك مصدر آخر غير مباشر لا ينبغي استبعاده للمواقف السياسية والاجتماعية- اقتصادية في الفترة من القرن 18 – 20 ق م هي فترة ادب الفأل والنذر. هذه هي خلاصات وافية عن حالة كبدة الخروف او اية مادة كهنية ( مثل سلوك نقطة زيت في زجاجة مملوءة بالماء، او مظهر طفل مولود حديثا، او شكل غيمة بخور) يجري وصفها باستفاضة ويتم التعليق عليها مع مايتناسب من التخمينات: " سوف يقتل الملك حاشيته ويوزع بيوتهم وممتلكاتهم على المعابد"؛ " سيرتقي العرش شخص قوي في مدينة غريبة"؛ " ان الارض التي ثارت ضد الرعاة ، ستظل تحكم من قبل الرعاة"؛" سيعفي الملك مستشاره"؛ و " سوف يتم غلق ابواب المدينة وستشهد المدينة نكبة".
وبدأً ب كونكونوم لارسا، فان النص فيه تبصر اعظم في القطاع الخاص من اية فترة سابقة. اصبحت هماك زيادة ملحوظة في عدد العقود الخاصة والمراسلات الخاصة. ومن اكثر االعقود الخاصة تواترا هي تلك التي تخص قروض الفضة والحبوب (الشعير)، موضحة المواثيق الاعتيادية ، خاصة عندما يضطر الشخص للبحث عن مقرض فانها اول خطوة على طريق تقود في الاغلب الى الخراب. ان نسبة الفائدة كانت ثابتة على ال 20% في حالة الفضة و 33 % في حالة الحبوب، وتزاد اكثر في حالة تجاوز المدة المحددة للدفع، وعادة عند وقت الحصاد. ان عدم توفر السيولة لسداد دين كان يؤدي الى السجن ، والى العبودية في حالة دفعها بالاقساط، وحتى الى بيع اطفال المقترض او بيعه هو. الكثير من المراسلات الخاصة كانت تتضمن ان اطلاق سراح افراد عائلة ما من السجن هي بيد المقرض. الا ان الكثير من الثروات كانت قد جمعت " كسيولة مادية" واراضي. وحيث ان هذه الاتجاهات كانت تهدد بكارثة اقتصادية، كان الملوك يوصفون كمقومين للديون، على الاقل بمسكنات وقتية. النص الدقيق لاحدى هذه المراسيم والمعروفة منذ ذلك التاريخ ب " اميسادوقة بابل" .
ماعثر عليه من اراشيف لحد الان تتحدث عن المعابد او القصور لغاية فترو اور الثالثة. وعلى كل فما يعني فترة مملكة بابل القديمة اضافة الى الوثائق الخاصة بالقانون المدني، حيث هناك عدد كبير من السجلات الادارية لبيوت تدار بصورة خاصة، او حانات او مزارع: تسديد حسابات، وصولات، وملاحظات عن مداولات متنوعة. كان هناك طبقة متوسطة " برجوازية" منتظمة، تنظم املاكها واراضيها وتمتلك وسائل خاصة بها مستقلة عن المعابد والقصور. والتجارة ايضا اصبحت الان بيد القطاع الخاص بصورة اساسية؛ فالتاجر كان يسافر ( او كان يبعث ابويه) على مسؤوليته الخاصة وليس نيابة عن الدولة. من ضمن عقود القانون المدني كان هناك زيادة نوعية في سجلات بيع الاراضي. وكذلك ما له اهمية للوضع الاقتصادي في عهد بابل القديم هو مايمكن اختصاره ب"علمنة او دنيوية المعابد"، حتى وان لا يمكن تتبع كل مراحل هذا التطور . كان القصر وربما لقرون يملك السلطة في التخلص من ممتلكات المعبد، في الوقت الذي كان اوروك اكينا من لكش يوسم الميل الى سوء استخدام العلاقة بين المواطن والمعبد اخذت الان طابعا فرديا. بعض مكاتب الكهنة – كانت تستفاد من الموارد، وبعبرة اخرى – آلت الى اشخاص في القطاع الخاص وبيعت ثم ورثت. ان هذا السياق كان قد بدأ في اور، حيث اغدق الملك على بعض درجات الكهنة، ولم يكن ليحق للمستلمين تملكها. ان ارشيف " معبد" اله الشمس ل سيبار كان قد جهز را خاصة مثالا واضحا عن انتشار الخدمات الدينية والفوائد الاقتصادية الخاصة. النساء اللاتي عشن في اديرة الرهبنه كن يدعين " كاكوم، وكن من العوائل الراقية ولم يكن لهن الحق بالزواج. كن يرتيطن بما لديهم من املاك والتي تتضمن اراض وفضة باعمال حيوية مربحة وذلك بمنح قروض وبيع الحقول.
ان الميل الى اللامركزية قد بدأ في فترة بابل القديمة مع اسين. واختتمت بحكم دام 72 عاما من بيت كودور – مابوك في لارسا ( 1834 – 1763 ق م )، ان كودور – مابوك شيخ حدى القبائل العمورية في جاموتبال، وبالرغم من اسمه العيلامي، فانه ساعد ابنه واراد – سن للاحتفاظ بالعرش. ان هذا الاغتصاب ساعد لارسا، التي مرت بفترة من عدم الاستقرار الداخلي، على الازدهار مرة اخرى.
تحت حكم واراد – سن والحكم الطويل لاخيه رم – سن فان جزءا كبيرا من بلاد بابل الجنوبية بضمنها نيبور قد توحدت في دولة واحدة هي لارسا في 1794 ق م. احتلت لارسا من قبل حمورابي في 1763 ق م .
الأرباح السياسية:-
حمورابي ( 1792 – 1750 ق م ) هو حقا واكثر شخصية مثيرة للاهتمام وافضل شخصية عرفت لحد الان من تاريخ الشرق الاوسط القديم من النصف الاول من الالفية الثانية ق م. انه يدين بصيته الذي شاع بعد موته الى المسلة العظيمة التي نقشت عليها شريعة حمورابي وبصورة غير مباشرة الى حقيقة ان سلالته قد جعلت من اسم بابل مشهورا على مدى الايام. وبنفس الاسلوب الذي كانت عليه كيش قبل سرجون حين ضربت مثلا لكل الاراضي غير السومرية الواقعة شمال سومر واكد ومنحتها اسمها ولغتها، اصبحت بابل الرمز للبلد بكامله والتي سماها الاغريق ببلاد بابل (بابلونيا). ان هذا المصطلح يستخدمه علماء الاثار بطريقة مفارقة كمفهوم جغرافي للاشارة الى الفترة التي سبقت حمورابي. كان اسم المدينة الاصلي ربما " بابلا"، والذي اعيدت ترجمته حسب التعليل اللغوي الى " باب – إلي" اي باب الاله.
ارتقت سلالة بابل الاولى من بدايات تافهة. يمكن تتبع تاريخ المقاطعة السابقة لاور من 1894 فما فوق عندما جاء العموريون سوموابوم الى السلطة هناك. مايعرف عن تلك الاحداث ينطبق تماما على النسب الخاصة بالفترة عندما كانت بلاد مابين النهرين عبارة عن فسيفساء من دول صغيرة. عزف حمورابي بمهارة على نغمة التحالف واصبح اكثر قوة من سابقيه. وعلى اية حال فانه في السنة الثلاثين من حكمه فقط وبعد احتلاله لارسا، حينها اعطى تعبيرا قويا عن فكرة حكم كل جنوب بلاد مابين النهرين من خلال تقوية اساسات سومر واكد، في كلمات تعود الى تلك السنة. في المقدمة لشريعة حمورابي قائمة الملوك ادرجت المدن التالية على انها تابعة لحكمه: اريدو، اور، لكش وجرسو، وزابالام ولارسا واوروك واداب و إسن ونيبور وكيشي و ديلبات وبورسيبا وبابل نفسها، وكيش ومالكيوم وماشكان-شابير وكوثا وسيبار واشنونة في محافظة ديالى وماري وتوتول في اسفل بالخ ( رافد من الفرات) واخيرا آشور ونينوى. كان هذا في السجل الحافل لاكد واور الثالثة. على اية حال لم تكن آشور ونينوى قد شكلت جزءا من هذه الامبراطورية لمدة طويلة بسبب في نهاية حكم حمورابي ذكر عن حروب ضد سوبارتو في دولة آشور.
تحت حكم ابن حمورابي سامسويلونا ( 1749 – 1712 ق م ) تقلصت الامبراطورية البابلية بشكل كبير. وتبع ذلك ما صبح تقليدا وهو قيام الثورة في الجنوب. استعادت لارسا استقلالها لفترة معينة، وسويت جدران اور واوروك ولارسا. اما اشنونة واتي ثبت انسحابها قد انهزمت في حوالي 1730 .وبعد ذلك فان الاحداث تذكر وجود دولة ارض البحر من سلالتها الذاتية ( من كلمة ارض البحر يفهم اراضي الاهوار لجنوب بابل). المعلومات عن هذه السلالة الجديدة مع الاسف غامضة جدا، واحد من ملوكها فقط قد ادرج في السجلات. وفي حوالي 1741 يذكر سامسويلونا الكشيين للمرة الاولى: ففي حوالي 1726 بنى قلعة قوية " قلعة سامسويلونا" كحصن لحمايتهم منهم في ديالى قرب اتصالها بدجلة.
ومثل الكوتيين من قبلهم فلقد منع الكشيين فب البداية من دخول بابل ودفعوا الى منطقة الفرات الاوسط؛ هناك في مملكة خانا ( وتمركزوا فب ماري وترقا اسفل التقاطع مع نهر الخابور)، يظهر ملك باسم كاشتيلياشو وهو من الاسماء الكشية، والذي حكم الى نهاية السلالة البابلية. من خانا تحرك الكيشيين الى الجنوب بمجموعات صغيرة لربما عمال الحصاد. وبعد غزو الحثيين بقيادة موسيليس الاول، والذي يقال انه اسقط اخر ملوك بابل سامسوديتانا عن عرشه في 1595 ، وتولى الكيشيون السلطة في بابل. الى هذا الحد لا تذكر المصادر المعاصرة هذا العهد، ويبقى السؤال دون حل هو كيف سمى الحكام الكيشيون في قائمة الملوك ضمن نهاية الالفية الثانية ق م .